ماذا يحدث في سوق الأسهم..؟! هل هو ارتفاع حقيقي يستند إلى مبررات اقتصادية تعزى لنمو حقيقي للقطاع الاقتصادي السعودي، خاصة القطاع الخاص.. أم حالة تورم، وقناة هي «الوحيدة» المتاحة للاستثمار، وتوظيف رؤوس الأموال الباهظة التي تدفقت إلى السوق لتجعل منها واحدة من أكبر الأسواق الناشئة في العالم خلال عام 2005م؟! وماذا عن العقار، وما آلت إليه حركة سوق المساهمات، والمخططات التي امتصت بلايين الريالات دون تقديمها رقماً مقنعاً يلبي حاجتنا من الإسكان، ومشاريع الخدمات السياحية والترفيهية، والمرافق العامة؟! عن هاتين القناتين يتحدث لنا أحد المتخصصين في الاستثمار، صاحب خبرة نشأت في أحضان مؤسسة عائلية تمتد جذورها لعشرات السنين في مجال العقار، والأسهم، والاستسثمار المدروس. نستضيفه ليحدثنا عن حالة السوق الراهنة التي ينتابها القلق الشديد نحو مصيرها. خوفاً على صغار المساهمين، ماذا يجب فعله لحماية مستقبل اقتصادنا، ونظرتنا إزاء الواقع المحموم، داخل قنوات لا يحكمها العقل، أو المنطق لغياب الآلية الحكومية، وضعف الرقابة والتوجيه لمسارات اقتصادنا؟! الطفرة.. لم توجَّه بشكلها الصحيح يقول الأستاذ عبدالعزيز بن هلال آل داود، أحد رجال الاستثمار السعودي معلقاً على وضع سوق الأسهم في الوقت الحاضر: المتابع لما يحدث حالياً في سوق الأسهم السعودية ينتابه القلق، والخوف مما يحدث.. شركات مساهمة لم تحقق أرباحاً سنوية مجزية، قفزت أسعار أسهمها إلى مستويات قياسية لا يمكن القبول بها. أو الاستدلال بها على نمو قادم أو تحسن في أدائها. فكيف إذن ترتفع قيمتها السوقية إلى عشرات الأضعاف مما هي عليه بالفعل كقيمة اقتصادية موازية لما يحدث في بقية أسواق العالم. ومنها الأسواق المجاورة لنا؟! هناك خلل، وهناك غياب للرقابة على الاقتصاد، وكيف يمكن الاستفادة من رؤوس الأموال الضخمة التي ضخت إلى السوق بعد أحداث 11 سبتمبر. لقد استبشرنا خيراً بإنشاء مجلس الاقتصاد الأعلى، ومن بعده هيئة الاستثمار، وبعدهما قيام هيئة سوق المال. والسؤال. هنا: هل نحن بحاجة إلى هذه المؤسسات الحكومية كل باختصاصه، والهدف واحد، والمستهدف واحد أيضاً؟ لقد أدت البيروقراطية الحكومية إلى تعطيل مصالح كثير من المستثمرين، وبقاء الأنظمة على ما هي عليه منذ عشرات السنين، ونشوء المزيد من المؤسسات الحكومية المعنية بالاستثمار أدت جميعها إلى العديد من السلبيات المتراكمة، وخلقت حالة من التضخم الاقتصادي الذي بدأت ملامحه تتضح وعلى رأس هرمها ما يجري في سوق الأسهم.. كونها المنفذ الوحيد للاستثمار في السوق السعودية.. أين العقار المنظم، وليس العقار المجمد، أو الصوري؟ أين التصنيع.. الخيار الأول للبترول، وغياب المعلومة جزء من غياب التخطيط. ٭ بنظرك .. ما أوليات هيئة سوق المال.. لمعالجة مشكلة اختناق سوق رأس المال؟ - هيئة سوق المال، حديثة الولادة، ولا يمكن أن تعالج مشكلات مضى عليها عشرات السنين، كما لا يمكنها معالجة مشكلات ليست من اختصاصها.. ولكنه تجاوز لمحدودية الامكانات الحكومية الراهنة في ظل الازدواجية والبيروقراطية، وغياب المعلومة، أو الصورة لمستقبلنا الاقتصادي، والتخطيطي. دعني أحدثك عن أهم ذلك: أولاً: مطلوب فك الارتباط القائم حالياً بين مؤسسات الدولة المعنية بأوجه الاقتصاد، كما هو حاصل بين وزارة التجارة والصناعة، وهيئة سوق المال. هناك العديد من الشركات التي تعلن - نفسها - عن طرحها للاكتتاب العام دون موافقة الدولة، وفي هذا الخصوص يبرز دور هيئة سوق المال التي يجب أن تمضي قدماً إلى هيكلة تنظيم السوق بجدولة الشركات المطروحة للاكتتاب العام وهو ما يحدث في بقية أسواق العالم. ثانياً: أين الرقابة الحكومية التالية لمرحلة إنشاء أو تأسيس الشركات أو المساهمات العقارية، أموال المساهمين، ومدخراتهم لا يمكن رقابتها من خلال الجمعيات السنوية، التي يدعون إليها لضعف آلية العقوبات والمتابعة الحكومية. ثالثاً: غياب المعلومات عن فرص الترويج لمشاريعنا، ومستقبلنا الصناعي في الأسواق الدولية.. نحن لسنا بحاجة إلى رؤوس الأموال بدليل حركة سوق الأسهم اليومية.. وإذا كنا بحاجة حقيقية إلى الشراكة الدولية فرنها تمثل في: أ - الشراكة الفنية لنقل التقنيات العالمية إلى السوق السعودية، والعمل على تنويعها.. ولنا تجربة ناجحة في شركة (سابك). ب - الشراكة من أجل فتح الأسواق لمنتجاتنا وذلك بحسن الاختيار للشريك الأجنبي الذي يوفر لمشاريعنا ومنتجاتنا سوقاً دولية بحكم صلته، وعلاقته بتلك الأسواق. أما رؤوس الأموال ونعني بها السيولة، فإن لدينا ما يلبي حاجة المشاريع العملاقة في الغاز، والسكك الحديدية، والكهرباء، ولكنها مع الأسف مشاريع صممت منذ ولادة فكرتها لتكون مع الشريك الأجنبي أو له.. وليس لصغار المستثمرين أو كبارهم ممن يضخون المليارات إلى الأسواق المجاورة أو الدولية بحثاً عن قنوات آمنة، قائمة. ٭ هل تتوقع لسوق الأسهم حالة من التراجع الحاد، أو ما يسمى بالانهيار؟! - لا شك أن الارتفاع الجنوني الذي شهدته سوق الأسهم السعودية يمثل حالة من الملل لمن يعرفون بواطن الأمور، ويخشون على الاقتصاد من حدوث هزة تربك الجميع ليس للمتعاملين فيه فقط، وإذا ما أخذنا سلوك السوق بظروفها التي تعيشها سواء كانت حقيقية أو مرضية. فإنني أتوقع أن تلامس سقف ال (15,000) نقطة خلال نهاية العام الحالي. لكنها ربما تمر بحالات من التراجع الحاد قد لا يكون انهياراً لأن السوق لم يعد يتحكم فيه مجموعة محدودة من المستثمرين كما كان عليه قبل. فالجميع سيقف لحمايته وأول المستفيدين من ذلك الدولة كونها تمتلك نحو 60٪ من حجم الأسهم في السوق المحلية وهذه إحدى منافذ أو قنوات الاستثمار الحقيقي للمواطن، وللدولة أيضاً، فالأول يجد فرصة جديدة للاستثمار بطرح الدولة حصصها في البنوك والشركات المساهمة أو بطرحها مؤسسات سبق الإعلان عن تخصيصها منذ أكثر من عشر سنوات ولم يتم بشأنها أي شيء عاماً تلو الآخر. والمستفيد الثاني وهو الدولة تتخلص من الدين العام، وتعمل على تنشيط القطاع الخاص الذي سيتوقف المستقبل القريب عليه.، ويفك من أزمات اقتصادية طالما أشارت إليها خطط الدولة، وتبنتها الموازنة العامة كالوظائف، والإسكان والخدمات العامة. ٭ شهدت سوق العقار طفرة قوية نتج عنها توظيف المليارات في مساهمات ومخططات سكنية لن يستفيد منها المواطن قريباً في مجال الإسكان. ما رأيك فيما حدث في سوق العقار..؟ الطفرة العقارية الأخيرة لم تشهدها المملكة من قبل. وهي مع الأسف، توظيف واستغلال مهدر لرؤوس الأموال الباهظة التي وظفت فيها.. ومما يؤخذ على ما حدث في سوق العقار خاصة المساهمات التي طرحها للاكتتاب العام خلال العام الماضي وهذا العام هو أن التنظيم الحالي للمساهمات ولَّد حالة من التضخم العقاري المجمد لسنوات طويلة بدليل تعثر العديد من المساهمات التي لم تصف حتى الآن. وأصبح المساهمون يصرخون بأعلى الأصوات! أين أموالنا، أين صاحب المساهمة، أين، وأين؟! وكذلك تنظيم أو نظم المخططات التي يشبه الكحل في العين، مجرد عمود كهرباء، وسفلتة مهترئة وأنبوب ماء لا يكفي لحاجة مسكن بمفرده. المخططات الجديدة تفتقر إلى البنية التحتية الجيدة. أين المرور من تلك المخططات، وما ينشأ من مشكلات سكنية واجتماعية، وخدماتية لاحقة؟ أين الانفاق، والجسور، والكباري. لم يعد هناك من يهتم بوضع إشارة مرور كما نفعله لأن العالم أصبح لديه من التجارب ما يكفي لإلغاء إشارة المرور. لوجود وسائل مسارات أخرى منها الدوار، والنفق. تجربة مدينة الرياض مع مشكلات الطرق واضحة فلماذا لا يعدل النظام الحالي ليلبي حاجة المرور المستقبلي لسكان تلك المخططات، والأحياء المرتقبة..؟ لقد بات العقار في بلادنا تجارة، وليس استثماراً!، والأسعار الحالية للعقار ليست في متناول فئة الشباب أو الباحثين عن السكن، نحن ليس لدينا معايير لأسعار الأراضي، فمن يضع سعر الأرض هم العقاريون وحدهم، وليست قوى السوق، العرض والطلب، وهذه إشكالية يجب أن تتصدى لها الدولة. لقد بات من الواضح تدخل الدولة بصورة سريعة لمواجهة معطيات المرحلة ومنها انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية التي تتطلب نقلة شاملة لأنظمتنا وإجراءاتنا الإدارية لتكون المرحلة القادمة (مرحلة صحوة تنظيمية) يُعاد فيها النظر على كامل التشريعات الحكومية السابقة، والأنظمة وفي مقدمتها ما له صلة بمصالح الأفراد ورفاهيتهم، فالنمو السكاني الرهيب كما هو حال مدينة الرياض، أخذ في الازدياد قد لا يقابله خطط أو توجه مشترك لتبية حجم ذلك الاجتياح وإذا ما حدث تدخل سريع، وفاعل، وإلا فإن هناك ما يخيف من مستقبل الإسكان، وفرص الشباب الذين ينتظرون مرحلتهم بعيداً عن الأزمات والاختناقات. لابد من شراكة حقيقية بين الدولة والقطاع الخاص لدراسة مشكلاتنا الاقتصادية التي تولدت عنها، ومنها كثير من المشكلات عانينا منها، وننتظر التخلص منها.