قال مسؤولون ومحللون سعوديون بارزون بالقطاع العقاري السعودي إن مقترح فرض رسوم على "الأراضي البيضاء" وهي الأراضي غير المطورة من شأنه أن يحدث ارتباكا في السوق العقارية التي تعاني بالفعل من نقص المساكن. وأضافوا أن مثل ذلك القرار في حال تطبيقه قد يؤثر على معنويات المتعاملين بالقطاع العقاري ويتسبب في ارتفاع أسعار الأراضي في ظل ارتفاع الطلب، وطالبوا بوضع آليات تحكم تطبيق مثل هذا المقترح وتوفير حوافز لإنعاش السوق. وفي وقت سابق قالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) إن مجلس الشورى وافق على فرض رسوم سنوية على "الأراضي البيضاء" وهي الأراضي غير المطورة والتي لم يجر وضع مخططات لها سواء سكنية أو صناعية. ووافق المجلس خلال اجتماعه أمس الأول "على أن تعد وزارة الشؤون البلدية والقروية لائحة تنظم الضوابط والآلية اللازمة لفرض رسوم سنوية على الأراضي البيضاء التي تقع ضمن النطاق العمراني." وقال عبدالوهاب أبو داهش نائب رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية والصناعية بالرياض "لا اعتقد ان فرض الرسوم هو خيار جيد لتحفيز الاستثمار خاصة ان الاراضي في السعودية تعاني من العديد من المشاكل كضعف البنية التحتية وعدم اكتمال منظومة الانظمة والتشريعات... يوجد ما يقارب 4 مليارات متر مربع من الاراضي البيضاء داخل النطاق العمراني لمنطقة الرياض." من جانبه قال عبد العزيز العجلان أحد رجال الأعمال البارزين بالقطاع العقاري في الرياض إن الأمر عبارة عن دراسة تبين الجوانب السلبية والإيجابية وليس قرارا. واضاف "انا كرجل أعمال ومواطن سعودي أرى أن الوقت الحالي ليس الوقت المناسب لفرض رسوم على الأراضي. "لدينا مشكلة إسكان وتحاول الحكومة التعامل معها في ظل القرارات الملكية...وأي فرض لرسوم سيكون عائقا وسيتسبب في إرباك السوق وارتفاع أسعار الأراضي لأنه أحيانا وقع الخبر يكون أكبر تأثيرا من الخبر نفسه على معنويات المتعاملين بالسوق." وتواجه السعودية أكبر اقتصاد في العالم العربي مشكلة اسكان كبيرة بسبب النمو السريع للسكان وتدفق العمال الاجانب على المملكة مع تنفيذها خطة انفاق على البنية التحتية بقيمة 580 مليار دولار. وقال خالد الربيش المحلل العقاري إن هناك 60 بالمئة من المساحات داخل النطاق العمراني في مدينة الرياض غير مستثمرة ولكن لا يجب اجبار المستثمرين على البناء في ظل العوائق التي يعاني منها القطاع العقاري في السعودية كتأخر رخص البناء وصعوبة التمويل وعدم اكتمال المنظومة التشريعية للقطاع. وقال الربيش "يجب وضع حوافز تشجع المستثمرين في القطاع لتطويره وليس فرض رسوم تزيد من ارهاق الملاك...يجب على مجلس الشورى دراسة العوائق التي يعاني منها القطاع بجدية والعمل على معالجتها." ويرى سعد الرصيص أحد المستثمرين البارزين في القطاع العقاري ان فرض رسوم على الأراضي البيضاء سيرفع من قيمة الأراضي لأن المطور يدفع قيمة الأرض ويتحمل المستهلك ذلك في النهاية. وقال "بالتأكيد سيكون هناك ارتفاع في الاسعار في حال تطبيق الأمر وخاصة مع ارتفاع الطلب في ظل الخطة الحكومية بتوفير مساكن للمواطنين." وأعلن العاهل السعودي الملك عبد الله الاسبوع الماضي منحا بقيمة 93 مليار دولار تتضمن تخصيص 250 مليار ريال (66.7 مليار دولار) لتشييد 500 ألف منزل جديد ورفع الحد الاعلى لقيمة قروض صندوق التنمية العقارية الى 500 ألف ريال من 300 ألف. كان تقرير للبنك السعودي الفرنسي قال إن شركات التطوير العقاري الخاصة والعامة بحاجة إلى بناء نحو 270 ألف وحدة سكنية سنويا حتى 2015 للوفاء بالطلب في المملكة على نحو 1.65 مليون مسكن جديد. ويرى أبو داهش أن من المستبعد تطبيق مثل هذا القرار خاصة ان قرارات المجلس غير ملزمة وفرض أي رسوم يتطلب امرا ملكيا وليس قرارات من المجلس او الوزارات. وهو الأمر الذي أيده الربيش بقوله "من الصعب جدا تطبيق هذه الضريبة خاصة مع عدم وجود اصل شرعي لها كما انها تعارض اتجاهات الاقتصاد الحر." وأوضح أبو داهش أن صعوبة تطبيق القرار تأتي في ظل عدم وجود تعريف رسمي أو متفق عليه للمقصود بالاراضي البيضاء حيث يذهب الكثير من المختصين لتعريفها بانها الأراضي غير المطورة أو لم تستغل إلى الآن بشكل مناسب. وتساءل ما إذا كانت الاراضي المسورة داخل مدينة الرياض تعتبر ضمن الأراضي البيضاء كما تساءل كيف سيجري التوفيق بين سعر الضريبة والزكاة المفروضة عليها من قبل الدولة. وفي مارس اذار الماضي توقعت شركة جونز لانج لاسال للاستشارات العقارية ارتفاع أسعار الإيجارات والأراضي في السعودية عشرة بالمئة على مدى العامين إلى الأعوام الثلاثة المقبلة مع تنامي الطلب والقوة الشرائية بدعم من حزمة التحفيز السعودية لتوفير مساكن ووظائف للمواطنين وقدرت احتياج المملكة للوحدات السكنية عند 200 ألف وحدة سنويا. وأضافت آنذاك أن التقديرات الحديثة تشير إلى ان المملكة تحتاج 200 ألف وحدة سكنية سنويا ونحو 900 ألف وحدة على مدى السنوات الخمس المقبلة.