تعاني بعض المستشفيات ومراكز التأهيل الشامل المنتشرة بالمملكة من اهمال وقلة زيارة أولياء الأمور لأبنائهم المعوقين.. وترى هذه الجهات بأن تلك المشكلة في تزايد مستمر.. مما يؤثر سلباً على نفسية تلك الفئة. «الرياض» طرحت تلك المشكلة لمعرفة أبعادها النفسية وأسبابها.. وكيفية التعامل معها.. فكانت هذه الآراء. في البداية يقول أحد أولياء الأمور - محمد عسيري - انه يشعر دائماً بقسوة وغلظة في تعامله مع ابنته الصغيرة.. حينما يذهب لزيارتها.. لهذا أصبحت نادراً ما أذهب لزيارتها.. حتى إنني لا أفكر بالزيارة إلا بعد أن تحرجني اتصالات المسؤولين في المركز.. والتي يدعونني بالحاح لزيارتها.. وتشير إقبال بأنها تمتنع عن زيارة ابنتها البالغة من العمر ثلاث سنوات ويعود السبب كما في اعتقادها بأنها كانت مصدر شؤم عليها حيث طلقها زوجها وتزوج بأخرى لسبب واحد فقط.. وهو انجابي لتلك الطفلة.. وتضيف أم عادل.. بأنها مقصرة جداً في زيارة ابنها الموجود بأحد المستشفيات وذلك كونها امرأة عاملة وربة منزل.. ولديها الكثير من المسؤوليات وتقول.. بأنني لا أمتنع في أن اطمئن عليه بالهاتف متى ما سمحت الظروف.. فزيارته وان كانت تريحه نفسياً إلا أنها تتعبني نفسياً.. خاصة حينما اغادر غرفته واسمع بكاءه. من جهة أخرى يتسأل الطفل ماجد (13 سنة) عن سبب عدم حضور والدته في كل يوم حتى نسي شكلها.. كما يقول.. أمي لا تزورني مثل باقي الأطفال.. فأنا لا أحبها مثل «الممرضة» فهي تعطف عليّ وتهتم بي دائماً.. وحين اسأل والدي عن أمي واخواني يقول بأن الزيارة ممنوعة.. وقد قال لي الطبيب بأن هذا غير صحيح. وتعود الأسباب الحقيقية لتلك المشكلة.. كما توضح الاخصائية النفسية والاجتماعية نوال العرادي.. إلى قلة إيمان بعض أولياء الأمور وعدم مراعاة الله في حق أبنائهم المعوقين الذين ابتلاهم الله وجعلهم امتحاناً لهم في هذه الحياة.. أيضاً عدم الإحساس بالمسؤولية الكاملة والتعذر بالانشغال بالعمل أو برعاية أبناء آخرين كما يعود هذا الاهمال إلى وجود مشاكل اجتماعية مثل انفصال الوالدين ورفض أحد الزوجين تقبل هذا الطفل المعوق الذي يكون في النهاية ضحية. ومن بين تلك الأسباب أيضاً وجود مشاكل اقتصادية مثل ظروف الأب المالية وصعوبة النفقة على ابنه خاصة إذا كانت لديه مسؤوليات والتزامات أخرى. كما أن جهل الآباء هو أحد الأسباب التي تمنع من زيارة الأبناء المعوقين، فهناك من يبرر رفضه لابنه لصعوبة التكيف مع الطفل المعوق وهناك من يعتبره وصمة اجتماعية، وقد يكون بعض هؤلاء الآباء من يعاني من مشاكل صحية أو نفسية كالخوف والقلق من تحمل مسؤولية رعاية أطفال معوقين. ويشير الباحث الاجتماعي علي مهدي العطوي بأن هذا الإهمال مهما تعددت أسبابه وظروفه لا يعفي الأسرة من أداء دورها الأساسي باتجاه هذا الابن المعوق، وذلك لأنه بحاجة إلى أن يكون موضع قبول وتقدير من الآخرين. وفي مقدمتهم أسرته لما تلعبه من دور كبير في اشباع حاجاته النفسية والعاطفية بحيث يشعر بأنه له قيمة وأهمية في مجتمعه.. فإن الأسرة بعدم زيارتها له تجعله يعيش في دوامة من الأفكار وقد يشعر أن الأسرة أرادت التخلص منه وأنه غير مرغوب فيه لما يسببه لهم من احراج. وإنه من المؤكد لجميع المختصين في هذا المجال ان الأسرة عندما تهمل زيارة هذا المعوق فإن ذلك يؤدي حتماً إلى تفاقم وزيادة مشكلات المعوق سواء الجسدية والنفسية والآثار المترتبة على ذلك بل إن الأسرة بعدم زيارتهم لابنهم المعوق يحجبون عنه حقوق إنسانية واجتماعية كفلها له الدين الحنيف.. وزيارتهم واجب ديني وإنساني في المقام الأول. ويؤكد فضيلة الشيخ منصور الجاسر أن إهمال هذه الزيارة يعد من صور القطيعة بالأرحام.. فهي ليست واجباً فقط على أولياء الأمور، بل تشمل جميع الأقارب.. بينما تقع المسؤولية كاملة على الأب والأم. وقد سئل أحد العرب من أحب الأولاد إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر والمريض حتى يبرأ والغائب حتى يقدم.. والأصل هو التسوية بين الأبناء وان اختلفت أحوالهم.. حتى في التقبيل.. فعليهم مراعاة الله في حق هؤلاء الفئة الضعيفة.. لهذا يجب على مؤسساتنا الصحية والاجتماعية والتعليمية والإعلامية مساندة تلك المشكلة ووضع حلول لها.. بالتخطيط والتدخل التأهيلي المناسب.