** بعد أن طالبَنا الملك بالصدق.. معه.. والصدق مع أنفسنا.. والصدق مع الأمانة والمسؤولية التي وضعها على عاتق كل منا.. ماذا يتوجب علينا أن نفعل ؟! ** لقد قلتُ يوم أمس.. إن الملك.. بدا لي وكأنه يطالب الناس كلّ من موقعه.. أن يكون كذلك.. لأنه يؤمن بأن الصدق وحده.. كفيل بمعالجة الكثير من الأخطاء وأوجه الاختلال وتصحيح المسارات.. والمضي بالبلد إلى الأفضل على الدوام.. ** والميزة في هذا الكلام.. انه يصدر من انسان عُرف بالصدق.. ولذلك فإن أهمية هذه الدعوة لنا جميعاً بأن نكون صادقين معه.. ومع وطننا.. إنما تشكل قيمة اضافية لمفهوم المسؤولية .. وضوابط العمل في الخدمة العامة.. أو في أي قطاع من قطاعات الحياة.. بما فيها القطاع الخاص.. ** فنحن مجتمع مسلم.. ** ومن طبيعة الانسان المسلم.. أنه لا يكذب.. ولا يداهن.. ولا ينافق.. ولا يخاف.. ولا يسكت على جور.. أو يتجاهل خطيئة.. أو يقول بغير ما يسأله الله عنه.. ويوجبه عليه.. ** ومن خصائص الادارة النظيفة.. والخالية من الفساد.. أن تكون على درجة قصوى من الاستقامة ونظافة اليد.. والخوف من الله سبحانه وتعالى.. ** ومن مميزات الشعوب الصادقة والأمينة مع قادتها.. ومع وطنها أن تقول للمحسن أحسنت.. وللمسيء أسأت.. بعد أن تكون متأكدة من الحقائق والمعلومات وصواب الاحكام .. وتوجيه اللوم أو الثناء.. لمن يستحقه.. ** ومن أسس وقواعد الوطنية..أن يبلغ بنا الخوف على الأوطان.. والحرص على المكتسبات مبلغاً يفوق حرصنا على مصالحنا الخاصة.. أو توجهاتنا الثقافية.. أو المذهبية.. أو المناطقية.. فضلاً عن ان يكون في تلك الأوطان من (العملاء) و(الاتباع) و(الموالين) و(المتآمرين) من يصدقون مع الغير أكثر مما يصدقون مع أوطانهم.. ولا يترددون في اقتراف جريمة الخيانة بحقها.. وإن وجدوا لذلك - في نفوسهم المريضة - تفسيرات.. أو تبريرات (مخزية) و(حقيرة).. ** ومن مقومات المجتمعات المدركة لمعنى الوطنية.. أن يكون الوطن هو المشترك الأعظم.. بين جميع المشتركات.. وأن يكون هو القيمة الأعلى فوق كل قيمة .. حتى تتحقق الوحدة الوطنية.. وينصرف الجميع إلى العمل والبناء بدلاً من الانشغال بتفاصيل الفروق الفئوية أو المذهبية أو الطائفية.. الموجودة داخل بعض المجتمعات.. ** تلك هي أسس بقاء الأوطان.. ومصدر سلامتها.. وأسباب قوتها ومنعتها.. والعكس بالعكس.. ** وعندما خاطبنا الملك يوم امس الأول.. ودعانا للتمسك بالصدق.. وكرر الكلمة (ثلاث مرات) .. وضغط عليها طويلاً.. فإنه إنما رفع شارة التحذير لنا.. والتنبيه لصغيرنا قبل كبيرنا من الانجرار وراء بعض مظاهر الاختلال في بعض المجتمعات الأخرى.. في أي لحظة من لحظات (النزق) أو (الضعف) الانساني.. أو (السطحية) في التفكير .. أو التصرف على نحو أو آخر.. ** ولاشك أن هذه (الاشارات) الغنية بالتجربة.. وبعد النظر.. وسعة التفكير.. تشكل بالنسبة لنا (نواقيس) و(محاذير) و(تنبيهات) نحن أشد ما نكون حاجة إليها في وقت اختلطت فيه الأمور كثيراً.. ولم يعد يعرف أحدنا أين تكمن الحقيقة.. وأين يكون الخطأ أيضاً ؟! ** هذه اللحظة المأزومة.. والمشؤومة.. تحتاج إلى مزيد من التعقل.. والهدوء.. والحسابات الدقيقة.. والتفكير الناضج والراجح.. ** بل تحتاج قبل كل هذا وبعده إلى (جرعة) قوية من الصدق مع النفس .. ومع الوطن.. ومع المسؤولية التي تقع على كاهل كل منا.. ** فهل ترانا فاعلين ؟! *** ضمير مستتر: **(عندما يغيب العقل.. وتضطرب الرؤية.. فإن الكثير من الأخطاء يقع.. في لحظات الضعف الإنساني الخالية من الصدق مع النفس).