بدايةً أعترف أنني ترددت كثيرا قبل كتابة هذه المقالة لعدة أسباب منها خشية فهمها خطأ وتفسيرها وفق رؤية لم أقصدها أو حتى أفكر فيها..، ولكن الفكرة ألحت علي إلى حد أنها أغلقت منافذ الدخول لأي فكرة أخرى، فآثرت الاستسلام للفكرة وطرحها بكل وضوح وشفافية.. خاصة وأنني من النوع الذي يكره العنصرية بكل اشكالها... بعد تعيين معالي الدكتورة هدى العميل مديرة لجامعة الأميرة نورة وهي من خارج ذلك الحرم الجامعي وتحديداً من جامعة الملك سعود حيث التنافس العلمي بين الجامعتين.. ذلك الخبر كان بمثابة صدمة لبعض منسوبات جامعة الأميرة نورة إلى حد أن البعض اعتبرنه خروجاً عن السياق الموضوعي، وأنه تجاوز للكفاءات النسائية في جامعتهن، وكان من المفترض أن تكون المديرة الجديدة من منسوبات الجامعة .. البعض الآخر وهن بصراحة لسن الأكثرية اعتبرنه أمرا طبيعيا، وأنه يدخل في سياق تمكين المرأة لخدمة المرأة بصرف النظر عن تلك الأطر التي حان تحطيمها بقرارات قوية وحاسمة لصالح المرأة ومشاركتها في التنمية لخدمة مجتمعها عموما وأخواتها على وجه الخصوص... تلك الحالة من ردة الفعل أشعرتني أننا أيضا نعاني من عنصرية في الانتماء للمؤسسات العلمية إلى حد أن البعض يريد أن تبقى جامعاتنا أنساقاً مغلقة لا يدخلها إلا منسوبوها، ولا يشارك في تقدمها وإدارتها إلا منسوبوها، والمقصود هنا أساتذتها ممن درسوا فيها وتخرجوا في كلياتها، أو من تم ابتعاثهم لصالحها حتى وإن وجدت عناصر بشرية خارج تلك المؤسسة مؤهلة ويمكن أن تشارك بفعالية في التقدم والعطاء لصالح الوطن بصرف النظر عن الانتماء لجامعة أو أخرى ... أعتقد أن الوقت مناسب جدا للتخلص من بعض عنصريتنا خاصة وأننا فشلنا في التغلب على العنصرية الاجتماعية التي اخترقت جسدنا الاجتماعي ونهشته بقوة، والخطورة أن تنتقل ثقافة العنصرية إلى المؤسسات العلمية فنجد الانتماء للمؤسسة أو الجامعة يتغلب على الانتماء الوطني .. وربما لاتقف عند الجامعات بل نراها تمتد لكل المؤسسات .. تجاوز العنصرية العلمية يعني أن يكون مدير جامعة الملك سعود من منسوبي جامعة الملك فهد والعكس ومن تدير القسم النسائي لجامعة الملك سعود من منسوبات جامعة الأميرة نورة، ومن تدير القسم النسائي لجامعة الإمام من منسوبات جامعة الملك عبدالعزيز وهكذا حتى لا نكرس ثقافة العنصرية العلمية بين منسوبي الجامعات .. ثقافة الانتماء للمكان أو المؤسسة إيجابية في حال لم تكن عائقا في العمل والانسجام مع بقية أعضاء المجتمع، والنظر لهم وفق نظرة الانتماء الأكبر وهو الوطن.. بالمناسبة أهنئ منسوبات الجامعة بالمباني الجديدة والإدارة الجديدة ونتوقع أن غدهن سيكون جزءاً من إشراقة المستقبل المضيء بمنتج بشري متميز وقادر على المشاركة الفاعلة في برامج ومشاريع التنمية بكل اقتدار وتمكن.. راجية التوفيق للجميع وأن تكون جامعة الأميرة نورة منطلقَ كسر ثقافة العنصرية في الانتماء المؤسسي إلى حد الانغلاق..