كما ان المدير انسان يصاب بالامراض النفسية والعضوية التي قد تتطلب - احياناً - عزلة عن الناس لمنع انتشار المرض وانتقال العدوى، فهوايضاً عرضة لبعض الامراض الادارية التي تتطلب عزلة عن الادارة لمنع انتشار المرض وانتقال العدوى بين بقية افراد مجتمعه الاداري. ومع ان ديننا دين المناعة والحصانة والوقاية ومجتمعنا اصيل ويقوم على حب الغير وحب الخير والايثار، الا اننا وللاسف لانزال في مجتمعنا الاداري نعاني من وجود المديرين المرضى، المصابين بفيروسات خبيثة في ادمغتهم لوثت عقولهم، وافسدت تفكيرهم واعمت بصائرهم وشلت قدراتهم وعزلهم في ذاتهم ومكاتبهم ومواقعهم المختلفة. وهؤلاء المرضى من المديرين لانستطيع تسميتهم او تحديد مواقعهم ولاحتى تسمية امراضهم الخبيثة ولكن يمكن الاستدلال على ذلك من خلال تصرفاتهم التي جلبت لنا - معشر المرؤوسين - الآهات وجرت علينا الويلات وخلفت لنا المعاناة وحرمتنا من لذة الامان والابداع والتفوق وكشف القدرات وتطوير الذات ومنهم نذكرعلى سبيل التمثيل لا الحصر ذوي الصفات والتصرفات المريضة التالية: ٭ التناقض الشديد في الاتجاهات والتوجهات والآراء والافكار والقرارات الامر الذي يضفي على جو العمل نوعاً من الفوضى الادارية بحيث لايعرف الموظفون الى اي اتجاه هم سائرون؟! ٭ عتماد السلوك على الرغبات الشخصية والميول الذاتية وليس على الاسس العلمية والمتطلبات العملية الامر الذي يجعل - علاوة على مافيه من تسفيه واحتقار للمتعلمين واصحاب الخبرة العملية - التنبؤ بما يمكن ان يحدث امراً مستحيلاً...! ٭ الحرص الشديد على المساءلة على الفشل مع دعم التفكير اطلاقاً في المكافآت على النجاح مما يعني قتل الحوافز وزيادة الاحباط!! ٭ توجيه الموظفين نحو الوظائف وليس الانتاجية مما يفقد الاحساس بالاهمية ويبعث على الخمول والكسل والاعتماد على الغير وكثرة الغياب والتسكع بين المكاتب وفي الممرات لقتل الفراغ!! ٭ التمسك بالجانب الشكلي للقوانين واللوائح والتعليمات وتقييدها وقولبتها في خدمة المزاج والظروف مما يعوق سير العمل ويثير الشكوك والمشكلات النظامية وبالتالي التجاوزات وعدم احترام النظام! ٭ اتخاذ وتنفيذ بعض القرارات القهرية على الموظفين بصرف النظر عن نتائجها واثارها السلوكية مما يضاعف الشعور بالظلم وينشر ثقافة القهر والكراهية! ٭ الاستهانة بعقول مرؤوسيهم وعدم اهتمامهم بآرائهم وعدم اتاحة الفرصة لهم لابداء وجهة نظرهم مما يجعل المبدعين منهم مجمدين ومهمشين منشغلين نتيجة ذلك بأعمال خاصة لاعلاقة لها بعمل المنشأة التي يعملون فيها! ٭ عدم الاهتمام او المبالاة البتة بالافكار الجديدة حيث يحرصون على قتلها في مهدها خوفاً منها لانهم يكرهون الآراء المتجددة واصحابها مما يجعل الابداع يموت وينحسر التغيير والتطوير وتختفي روح المبادرة! ٭ التفرد في اتخاذ القرار والتمسك بكل الصلاحيات وعدم التفويض خوفاً من خلق قادة جدد او كشف قدرات تفوق قدراتهم مما يجعل الاعمال تتراكم والشكاوى تتضاعف والطوابير تمتد طولاً وعرضاً امام الابواب وخلف النوافذ! ٭ عدم الاعتراف بالاخطاء والدفاع عنها واعتبار ان الوقوع في الخطأ عيب لايجب الاعتراف به مما يكلف المنشأة الكثير من الوقت والجهد نتيجة كثرة تكرار نفس الاخطاء ويدفع الموظفين الى الخوف والكذب واخفاء الحقائق والتخفي ورائها! ٭ عدم الاصغاء الى المتحدث حيث يميلون بآذانهم الى مايريدون سماعه لا الى ما يجب سماعه مما يحدوا بالموظفين الى تجنبهم وعدم التحدث معهم وبالتالي تغييبهم عن كثير من المعلومات الحيوية المفيدة للعمل! ٭ كره التعلم والتدرب لاعتقادهم الخاطئ انهم يعرفون كل شيء، وهم في واقع الامر على النقيض من ذلك مما يجعل حالة العمل مكانك راوح ونسبة تسرب الموظفين في تزايد ومعالم التخلف الاداري واضحة وفاضحة! ٭ ترقيتهم للموظفين او اختيارهم لمن يخلفهم في المنصب بالاقدمية وليس بالجدارة مما يثير الضغينة والاحساس بالغربة نتيجة عدم الموضوعية وغياب العدالة الوظيفية! ٭ سريعو الانفعال الشديد انطباعيين ومصابين بداء «الأنا» مما يجعل ضحاياهم في كل ادارة ومحتقريهم في كل مكان! ٭ تراهم من الغرور والكبرياء محاطين بالوهم وعدسات الكاميرات الغاضبة والاضواء المحرقة واصحاب الاقلام الناشفة الكاذبة والتصريحات الانشائية المبتدئة بالتسويف والمبني للمجهول! وختاماً في ظل مثل هذه السلوكيات المريضة الصادرة عن هؤلاء المديرين الموبوءين سيظل يشتكي كثيراً من افراد المجتمع الاداري من التهميش والتهويش والتطفيش المتعمد ومن الظلم والاحباط والقهر وغياب فرص الصف الثاني من القيادات التي تستطيع ان تتحمل المسؤولية في المستقبل وحان الوقت لضرورة بذل المزيد من الجهد لابعاد وعزل كل مدير مصاب بمثل هذه الامراض كي نخلق بيئة عمل جديدة ومتجددة خالية من الاوبئة والامراض الادارية مبدعة لامبتدعة فاعلة ومتفاعلة لامفتعلة مستقبلية واعدة لاموعودة شابة لامتشببة وقادرة على التعامل مع متغيرات العصر ومتطلباته بكل ثقة وكفاءة ومسؤولية واقتدار وما ذلك على الطموحين - بعد عون الله - بعسير. والله المعين.