دأبت بعض المؤسسات والإدارات على الإيعاز بمسؤولية إدارة شؤونها إلى بعض الأشخاص الذين ليس لهم نصيب من الحكمة والفهم الإداري السليم، ولا يتمتعون بقدرات ذهنية تؤهلهم لتسيير دفة الإدارة. ولذلك يمكن فهم عجزهم الفكري عن مواكبة روح الأنظمة والقوانين، لكن الآمال كانت قد عُقدت على أهليتهم للعمل المُناط بهم عن طريق الاستفادة من أخطاء غيرهم، أو محاولتهم تطوير قدراتهم بتعلم أساليب الإدارة الحديثة، أو حتى الاعتماد على بعض أصحاب الكفاءات الإدارية الناجحة، للنهوض بهذه المؤسسة أو تلك. لكن الواقع المرير يشير إلى أن بعض أولئك المُديرين، ركنوا إلى أصحاب الخنوع والولاء الشخصي لهم، بغض النظر عن كفاءتهم، وقربوهم إليهم حتى يضمنوا موافقتهم لتحقيق أغراضهم الخفية، وتلبية رغباتهم الشخصية، واستمرأوا الاستفادة من امتيازاتهم الوظيفية، والتشبث بمناصبهم، دون اعتبار لمدى إنجازهم وصلاحيتهم للعمل. والأدهى اجتماع بعض أولئك المسؤولين على الشعور غير المبرر بالخوف والتهديد من أصحاب الشخصيات الرجولية، والكفاءات المشهود لها، بسبب اضطراب في شخصياتهم، وسوء سلوكهم وتقديرهم للأمور، وغياب ثقتهم في أنفسهم، فضلا عن خوفهم من فضح إهمالهم المهني، وضعف أدائهم الإداري. بل زاد أحدهم على إساءة استخدام الدّين، ومظاهر التُّقى والصلاح، في محاولة لكسب تعاطف الناس وتأييدهم، واستمرأ آخرون التلويح بالعقوبات الوظيفية، واستغلال نفوذهم في التضييق على منسوبيهم إمعانا في الجور، وإقصاء للمهتمين بتحسين الحالة المهنية المتردية في بعض المؤسسات، خوفا من تأثر امتيازاتهم الشخصية التي لا يملكون رصيدا معتبرا غيرها، وهم بذلك سقطوا إداريا، وخذلوا مرؤوسيهم، وفقدوا احترامهم لأنفسهم قبل احترام الناس. لكن في عصر الإصلاح والنهضة، يتطلع كثير من الناس إلى وضع الأمور في نصابها، وإسناد المهام لمن يستحقها من الأقوياء الأمناء، وإصلاح نظام المؤسسات، وتفعيل دور الرقابة المدنية، وتعاقب أصحاب الكفاءات بصورة دورية، وإعطاء كل ذي حق حقه، فذلك سبيل لتغذية حس الانتماء الوطني، وتحفيز الإبداع المهني، والقضاء على الفساد الإداري، والدور السقيم للواسطة والمحسوبية والوشاية، في جميع الدوائر والمؤسسات، لإثبات الذات، وتنمية القدرات، في جو من التنافس الشريف، وبيئة طاردة للإحباط وعوامل الفشل الوظيفي. *إستشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم بجدة [email protected]