يبدو أن متاجر التجزئة التقليدية في أستراليا تواجه خطرا وشيكا مع تنامي حركة التجارة الإلكترونية في البلاد وتزايد نسبة مستخدمي مواقع التسوق على الإنترنت لشراء احتياجاتهم. فعندما اتصلت المعلمة المتقاعدة «جانيت لوينسوهن « (71 عاما) لطلب مجموعة من الكتب الجديدة من متجر الكتب المحلي الموجود إلى جوارها افترض البائع أنها لا تعرف استخدام الإنترنت وبالتالي لم يكن يتوقع أنها عرفت عناوين الكتب الجديدة من خلال الشبكة العنكبوتية الدولية. وتقول «لوينسوهن « إن مندوب المتجر «افترض بصورة خطأ أنني أمية في الكمبيوتر». والحقيقة أن أوقاتا طويلة مرت منذ أن كان التسوق عبر الإنترنت قاصرا على المهوسين بالشبكة الدولية فقط. فهؤلاء الذين كانوا يشترون الكتب وتذاكر السفر عبر الإنترنت فقط أصبحوا الآن قادرين على شراء أي شيء بدء من السيارة وحتى البقالة. وذكر تقرير لشركة «باين أند كو» الاستشارية في أستراليا أن نصف المتسوقين الذين اشتروا برامج الكمبيوتر والمنتجات الرقمية الأخرى العام الماضي استخدموا الإنترنت في هذه المشتريات وأن هناك زيادة بنسبة 50% في عدد المتسوقين الذين يشترون الاحتياجات اليومية مثل الحليب والخبز عبر الإنترنت. ويقول «مايكل كاميرون» رئيس شركة «جي.بي.تي جروب» العقارية إنه كلما زادت درجة تخصص المتجر أصبح أكثر قدرة على مواجهة منافسة المتاجر الإلكترونية. ويضيف أن بعض القطاعات تعاني بشدة من منافسة متاجر الإنترنت مثل متاجر الكتب والأحذية والمواد الكيماوية ومكاتب السفريات. ورغم ذلك فإن التسوق عبر الإنترنت في استراليا مازال محدودا مقارنة بالدول المتقدمة الأخرى حيث يبلغ متوسط الإنفاق على التسوق عبر الإنترنت بالنسبة للفرد الواحد في الولاياتالمتحدة 3 أمثال ما ينفقه المواطن الأسترالي. ومع تزايد الإقبال على مواقع التجارة الإلكترونية يزداد سخط متاجر التجزئة التقليدية في أستراليا خاصة في ظل ارتفاع إيجار المتاجر وانخفاض الإيرادات. وقد بدأ أحد متاجر مستلزمات التزحلق في سيدني في الحصول على مقدم مالي من أي شخص يريد تجربة أي سلعة قبل الشراء. في الوقت نفسه فإن الزيادة الكبيرة في قيمة العملة الأسترالية المحلية شجع الكثيرين على التسوق عبر الإنترنت حيث يمكنهم في هذه الحالة الاستفادة من قوة عملة بلادهم من خلال شراء هذه المنتجات من دول خارجية مباشرة. ويقول «جيري هارفي» رئيس سلسلة متاجر «هارفي نورمان» إنه «عادة تستفيد متاجر التجزئة من ارتفاع قيمة الدولار (الأسترالي) لأنه يخفض أسعار المنتجات والسلع لديهم لكنه لا يقلل تكاليف الإيجار والعمالة ولذلك فالمتاجر لم تستفد بصورة كافية». يذكر أن سلسلة متاجر هارفي تمثل واحدة من قصص النجاح في أستراليا. ويشير هارفي إلى أن منح الحكومة للمواطنين إعفاء ضريبي قدره 1000 دولار أسترالي (1060 دولارا أمريكيا) على مشترياتهم من السلع المستوردة يعطي المتاجر الإلكترونية ميزة نسبية غير عادلة في مواجهة المتاجر التقليدية لا تستطيع تقديم هذا الإعفاء للمواطن الذي يشتري سلعة مستوردة منها. في المقابل فإنه في بريطانيا يتم فرض ضريبة على أي مشتريات تزيد قيمتها عن 29 دولارا أستراليا. وتشير الأرقام إلى أن معدل نمو المشتريات من مواقع التجارة الإلكترونية الدولية في أستراليا يبلغ 3 أو 4 أمثال معدل نمو المشتريات من المواقع المحلية. وخلال العام الماضي اشترى 77% من الأستراليين احتياجاتهم من مواقع أسترالية. ورغم كل ذلك فإنه مازال من السابق لأوانه الحديث عن مجتمع بدون متاجر حقيقية في أستراليا لآن نسبة المشتريات عبر الإنترنت، ما عدا تلك الخاصة بالسفر، مازالت تمثل أقل من 4ر3% من حجم تجارة التجزئة في البلاد. ولكن تقديرات بنك الاستثمار الأمريكي «مورجان ستانلي» تشير إلى أن حجم التجارة عبر الإنترنت في أستراليا سوف ينمو ثلاث مرات ليصل إلى 30 مليار دولار أسترالي بحلول 2015. وسوف يتوقف نمو هذه التجارة على كيفية تعامل متاجر التجزئة التقليدية مع هذا التحدي الصعب خلال السنوات المقبلة.