فاصلة : «ينبغي إكرام معلمينا أكثر من والدينا ، ذلك بأنه إذا كان والدونا أعطونا الحياة ،فإن معلمينا أعطونا الطريقة لنحيا حياة صالحة» - حكمة يونانية - عندما كنا صغاراً حفظنا هذا البيت من الشعر: قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا ولطالما عجز عقلنا الصغير آنذاك عن إدراك مطابقة هذا البيت مع المعلم العصبي أو المتوتر لكننا حفظناه عن ظهر قلب. معلم الأمس كان أقصى تأثيره السلبي صراخه في الفصل، أو ضربه للطلاب الكسالى أو سخريته منهم، لم نشهد أن معلماً تدخل في خصوصيات سلوكيات طلابه في المنزل وصار هو المرجع الديني للطلبة الصغار . ما زلت أذكر عام 1410ه وبداية التفاف البعض حول سلوكيات مثل عدم إلقاء تحية «صباح الخير» والتشديد على تحية «السلام عليكم» ومثل عدم القيام إذا دخلت المعلمة الفصل و عدم التصفيق في الإذاعة المدرسية للطالبات أو حتى في الحفل الختامي عند استلام النتائج. اليوم تعود هذه المبالغات في تشكيل صورة سطحية لسلوكيات المسلم الحياتية وأفاجأ كثيراً حينما تسألني ابنتي الصغيرة وهي في المرحلة الابتدائية إن كانت ستدخل الجنة لأنها تلبس البنطال و معلمتها تؤكد أن لبسه حرام وان ما يشف عن جسد المرأة يدخلها النار وان من يستمع إلى الأغاني يسكب صبيب النار في أذنيه وحكايات مخيفة عن عصاة تعذبوا في الدنيا فالله شديد العقاب. لم تعرف المعلمة أنها تهدم عقول الصغار وتفصلهم عن بيئتهم حينما تصورها بيئة مخالفة للإسلام فالصغيرة تلبس البنطال وربما كثير ممن حولها والاغاني تبثها وسائل الإعلام المحلية هنا ستحتار الطفلة من تصدق معلمتها أم بيئتها الصغيرة؟ هذه الحيرة خطيرة فدور الأسرة في هذه المرحلة العمرية مهم والأكثر أهمية ألا يفقد الطفل ثقته بأمه وأبيه كقدوة بصرف النظر عن الإطار المحدد لهذه القدوة . إنني أسأل أمثال هذه المعلمة عن دورهن في تربية الأطفال وليس عن دورهن في تغريبهم عن مجتمعهم ؟ وأسأل تحديداً وزارة التربية والتعليم عن قرارها حين منعت الضرب في المدارس أليس من الأجدى اليوم أن يمنع الإرهاب الفكري في مدارسنا ؟ أليس من ضمن اهتمام الوزارة بانتهاج سياسة الاعتدال في مناهجنا أن لا ترأف بمثل هذا النموذج الأخطبوطي من المعلمين والمعلمات في مدارسنا؟. رأفة بعقول الصغار.. ليت أننا نسرد لهم شيئاً من تعاملات سيد الخلق عليه الصلاة والسلام وتسامحه وحبه للخير... ما ذنب الطفل ليحيا في إطار من الترهيب مع أن الصحيح أن نبدأ معه بالترغيب لدفعه إلى انتهاج السلوك الحسن والتعود عليه؟ .