حينما تسقط القيم فإنها تسقط معًا.... فما أن تسقط قيمة في حياتنا حتى تجد أن قيمة قبلها قد سقطت وقيمة بعدها على وشك أن تسقط. وما نعيشه اليوم من حقائق وأحداث تقع حولنا يؤكّد أن هناك انهياراً مخيفاً في الأخلاقيات والسلوكيات..وخللا مفزعاً في التربية...وفي احترامنا للقيم. وهذا الانهيار لم يأت بين ليلة وضحاها...بل جاء نتيجة تساهل وتهاون وتفريط في أمور اعتقد البعض أنها صغيرة ثم ما لبثت أن تمخّضت عن أمور جسيمة عظيمة.وما حدث في المتوسطة السابعة عشرة بمكة من أعمال عنف وشغب واعتداء لهو كارثة تدل على خلل كبير في العملية التربوية يبدأ من الموقف السلبي دوماً لإدارة التربية والتعليم تجاه مثل هذه القضايا ويمرّ بكل وجوه التفريط في هيبة المعلم وتقديره والذي يقف وراءه عدد غير منحصر من الأسباب.. فأن تفرض مديرة المدرسة خضوع حقائب الطالبات للتفتيش فهذا إجراء طبيعي ونظامي وليس فيه أى نوع من التجاوز. ووجود أجهزة هاتف محمول ومزوّدة بكاميرات... في حقائب طالبات مدرسة أمر غير مقبول ولا بأي صورة وقد نقلت الصحف أن الطالبات يشتكين من قسوة مديرة المدرسة وسوء معاملتها للطالبات.. وفي هذا ما يثير الدهشة أي طالبات هؤلاء اللاتي يشتكين من سوء المعاملة وهن أكثر إجراماً من أي قسوة نتوقعها من مديرة أو معلمة هل يمكن أن نعقل أن فتيات في هذا العمر الصغير حطمن النوافذ وألحقن العديد من الأضرار ببعض مرافق المدرسة قد يتأثرن بسوء معاملة؟! إن من يقدم على مثل هذه الأفعال والسلوكيات والشغب لا يمكن أن يكون سوياً!! وسوء المعاملة المزعومة ليست المحرّك لهذه العدوانية البشعة التي قرأنا عنها..وذلك الحقد الذي جعل فتيات صغيرات يقمن بأعمال إجرامية وشغب لا يفسّره أي تبرير ولا يقبله أي منطق. فلا أحد فوق النظام وإحضار الطالبات لأجهزة الهواتف المحمولة إلى المدرسة يخرق النظام وخرق النظام يقتضي العقوبة. لكن المثير للدهشة أن الأمور قد انعكست فبدلاً عن أن تنزل إدارة المدرسة العقوبة بالطالبات...قامت الطالبات بإنزال العقوبة على المعلمة / المديرة....... يا زمن المهازل...إلى أين تسوقنا؟أين شوقي منا اليوم؟ يقرأ عن هذه الحادثة المؤلمة...... أتراه سيقول.. قف للمعلمّ وفّه التبجيلا!! أم تراه سيقول...؟ قف للمعلم وفّه التنكيلا!! أتراه سيبقى عند رأيه في أنه كاد المعلم أن يكون رسولاً!!! كاد المعلم أن يكون ذليلا..إن ما حدث وما قد يحدث في المدارس من تجاوزات لا يقف عند حدّ أحداث وقعت بل هناك كارثة تربوية أخلاقية سلوكية لا بد أن تُدرس ويُبحث عن أسبابها.. فالبيت والأسرة أول مسؤول ووزارة التربية والتعليم المسؤول الثاني فإن لم تضع قوانين تكفل احترام آدمية المعلم وحقوقه وحقوق التلميذ سيأتي اليوم الذي يصبح فيه ضرب المعلّم (بالقبقاب) أمراً مألوفاً...