الانتقال من مساحة رد الفعل إلى مساحات الفعل تشكل قوة للتحرك نحو الأمام. جاءت الصغيرة ريم تسألني بكل براءة عن عيد الحب، أخبرتها أن أيامنا دائماً ولله الحمد مليئة بالحب وأن الحب لا يأتي يوماً واحداً ثم يرحل بل إننا يومياً نحب الله ونصلي من أجله ودائماً نحب البابا والماما ونقبلهما ونحتضنهما، وإننا نحب المعلمة ونكتب لها عن مشاعرنا، ردت الصغيرة بسرعة مؤكدة أنها لا تقصد ذلك بل تقصد العيد الذي تلبس فيه الفتيات اللون الأحمر وتهدي الوردة الحمراء... الصغيرة لم تكن لديها أي معلومة عن عيد الحب بمفهومه الغربي، ولكن معلمتها كرست لديها معلومات واسعة عن ذلك العيد بل وزادت من معرفتها عن تاريخ ذلك العيد وعن قسيسه... ذلك جزء من مشهد تعيشه مدارسنا كلما جاء موعد عيد الحب...؟؟ ألم تكن المعلمة في حال أفضل لو انها لم تتكلم عن ذلك العيد لطالبة في رياض الأطفال أو المرحلة الابتدائية... كانت ستكون أفضل لو أنها احتفلت مع الصغيرات بطفلة تقبل أمها وأباها كل صباح باعتبارها زهرة هذا الاسبوع، أو تكريم أخرى لأنها لم تترك أي صلاة من صلواتها الخمس، وأيضاً ستكون المعلمة مربية لو أنها أضافت للفتيات برنامجاً يومياً وشهرياً وسنوياً للاحتفال به دون أن يخرجهن من ثقافتهن الاسلامية. أعتقد أن المدرسة في مجتمعنا مثل كثير من المؤسسات المهمة مطالبة بالخروج من مساحة رد الفعل إلى فضاءات الفعل، خاصة وأن أبناءنا لا ينتظرون المعلومة من الأسرة والمدرسة فقط بل أصبح هناك شريك تربوي مهم ومؤثر كثيراً متمثلاً في التلفاز الفضائي الذي ينقل أبناءنا من غرفهم ومدارسهم إلى عالم آخر لا نريده ليس لأنه في مجمله مخالف للعادات والتقاليد بل لأنه في بعضه لا يتفق مع ثوابت الدين. لابد أن ندرك أن عالم اليوم خاصة الأطفال والشباب يتلهفون كثيراً لأي عملية احتفالية بل إنهم يبحثون عنها بكل الطرق وليس من المنطق أن نغلق هذا الباب نهائياً لأن الغرب احتفل بمناسبة أو أخرى. الله عز وجل وبنص قرآني يؤكد على بر الوالدين ومع ذلك لا نجد أي احتفالية تربوية تكرس ذلك، بل اننا نركز على تحريم الاحتفال بعيد الأم لأنه غربي مع العلم أن رسولنا عليه أفضل الصلاة والتسليم أكد أن الجنة تحت أقدام الأمهات...؟؟ لم نعمل على تكريس عملية البر بالوالدين قدر حماسنا لتكفير الاحتفال بعيد الأم...؟؟ ليس لأن مناهجنا أو مدارسنا لا تريد ذلك ولكن لأن مدارسنا للأسف ما زالت تمارس عملها التربوي وفق فلسفة رد الفعل وليس الفعل... وتلك عملية خطيرة على المدى البعيد لأننا سنجد أنفسنا نلاحق إبداع الغرب في العمليات الاحتفالية دون أن نضيف شيئاً سوى تثقيف صغارنا فيما لا نريدهم أن يعملوه لأن الغرب ابتدعه، دون أن نحول قيمنا الاسلامية لجزء من سلوكيات الطالب أو الطفل أو الشاب سواء في مدرسته أو منزله..