يرتدي بنطالاً كحلياً، وقميصاً أبيض رسم على صدره شعار المتجر الشهير.. وقف "علي غانم حقوي" هناك بجانب أحد المتسوقين يقنعه بمميزات سلعة من سلع المتجر.. "علي" شاب سعودي أمضى عاماً من النجاح بائعا في أحد المتاجر في مدينة الرياض، في مشهد لم يكن مألوفاً قبل بضع سنوات.. فقد أدى قرار حكومي بإلزام المتاجر بتوظيف بائعين وموظفين سعوديين إلى خوض التجربة التي انتابها في بداياتها الخوف والحذر الشديدين من قبل المتاجر، فالمراهنة على قدرات شباب لم يعرفوا يوماً ممارسة عمليات البيع في المعارض أمر يستحق أن يثير حذر تلك المتاجر، إلاّ أن القائمين عليها حسموا أمرهم وأقاموا الدورات للشباب، ثم زجوا بهم في ميادين العمل؛ ليتلقفهم المواطنون بعبارات التعاطف وجمل التبجيل ونظرات الارتياح، ما عزز من موقف التجربة وأصبغ عليها صبغة النجاح في وهلتها الأولى.. وبين ترحيب المجتمع وتعاطفه وبين الرهان على جدية الشباب وتحملهم للمسؤولية في هذه المهمة، يبدو أن القائمين على تلك المتاجر باتوا أكثر اطمئناناً على مسألة توفر بائعين يجدون قبولاً منقطع النظير لدى المتسوقين في تلك المتاجر.. محمد سعيد نظرات الإعجاب والتشجيع وقال "علي" أنا راض عن وضعي الوظيفي رغم أن راتبي 2800 ريالاً، لكني أحصل على مميزات أخرى، كما أنني مرتاح من نظرة المجتمع لي كسعودي أعمل بائعاً، مؤكداً أنه يجد التشجيع ونظرات الإعجاب من قبل المتسوقين، مشيراً إلى أنه قد يحدث أخطاء منه، خاصة في الأيام الأولى من عمله، لكن المتسوقين كانوا يتحملون أخطائه ولا يبلغون الإدارة لأنه ولدهم كما يقولون. وأضاف: كنت أتلقى من بعضهم التوجيه والنصائح حتى تمكنت من التعرف إلى متطلبات العمل، وأصبحت أجيد التعامل مع العملاء، داعياً الشباب إلى الالتحاق بالعمل، والتخلص من البطالة، حيث سيكتسبون خبرة تمكنهم من العمل بنجاح من خلال الاحتكاك مع الجمهور بشكل مباشر. تجربة مميزة من جانبه، قال "ثامر العنزي" أحد موظفي خدمة العملاء في المتجر نفسه، إن تجربة السعوديين موظفي مبيعات في المعارض والمتاجر هي تجربة جيدة وتحقق النجاح مستقبلاً، مشيراً إلى أن الشركات في القطاع الخاص ربما لم تتوقع أن يحقق الشباب هذا النجاح في مهنة بائع. إبراهيم العنبري وأَضاف: ربما كانت الشركات في القطاع الخاص توظف شبابا سعوديين في البداية تحت ضغط وجود سعوديين فقط، إلاّ أنه اليوم وفي ظل تفاعل الشباب مع المهنة ورغبتهم في المساهمة والنجاح، أدرك كثير من الشركات أنه يمكن أن يعتمد على السعوديين فريق مبيعات قادر على التفاعل مع الجمهور وأداء واجبه بشكل جيد، مؤكداً أن غالبية الشباب اليوم يدركون أهمية العمل، ويعلمون أن أي فرصة تتاح أمامهم مهما كانت هي بالتأكيد أفضل من كابوس البطالة. وأشار إلى أن غالبية الشباب السعودي العاملين في مجال المبيعات في المتاجر لديهم جدية كبيرة، واستعداد لتحمل المسؤولية في هذا الجانب، مستدركاً أنه قد يوجد حالات من الشباب غير الجاد لكنهم يبقون محدودي العدد. الشعور بالثقة ويشعر "محمد مكي يحيى" يعمل "كاشير مبيعات" في أحد المتاجر الكبرى منذ أكثر من عام، بالاستقرار والراحة، وسعيد في مهنته الحالية، مشيداً بنظرة المجتمع لأبنائه العاملين في مهن المبيعات والكاشير في المتاجر الوطنية، مؤكداً أنه وزملاءه يتلقون بشكل يومي إيحاءات من المتسوقين تؤكد رضاهم عن وجود أبناء الوطن في هذه المهنة. وأضاف إن مثل هذه النظرة وهذا الشعور الطيب من قبل مجتمعنا يمنحنا شعوراً رائعاً يعزز ثقتنا بأنفسنا، كما أن التعامل الطيب والثقة التي يمنحنا إياها المواطنون الذين وظفونا والمواطنون من المتسوقين الذين يمنحوننا الثقة والتشجيع؛ كل ذلك يجعل الإقبال على مهنة رجل المبيعات في المتاجر أمراً منطقياً. وأشار إلى أنه حين يخطئ رجل المبيعات السعودي في خطوة من خطوات البيع وفي تعامله مع المتسوقين؛ فإن المتسوق قد يفهمه خطأه ويقول له لن أبلغ عنك الإدارة؛ لكي لا يخصمون من راتبك، أو لكي لا يعاقبوك، وهذه مواقف لا شك تؤثر فينا. تأهيل البائعين وقال "محمد سعد" يعمل منذ سنتين وأربعة أشهر كرجل مبيعات في أحد المتاجر الكبيرة، إنه قبل عشر سنوات لم تكن تجربة رجال المبيعات السعوديين سوف تنجح كما هو نجاحها الآن، مشيراً إلى أن الشركات السعودية التي تملك المتاجر الكبرى في المملكة تعمد إلى تأهيل البائعين وتدريبهم، من خلال إلحاقهم بدورات لمدة ثلاثة أشهر لتمكينهم من القدرة على ممارسة عملية البيع قبل مواجهة الجمهور. وأضاف: إن الظروف قد تغيّرت بالفعل، فإيمان الشركات بأهمية توظيف سعوديين ونجاح الشباب في الاستحواذ على ثقة الشركات، وتقبل المواطنين للبائع السعودي عوامل أدت إلى نجاح التجربة. وأكد "إبراهيم العنبري" أمضى سنة وثمانية أشهر في مهنة البيع في متجر كبير في الرياض، أن الشباب برهنوا للمجتمع أنهم جادون، ولديهم الاستعداد للعمل في أي مجال، وأنهم فقط يريدون إتاحة الفرصة لإثبات الذات وإقناع رجال الأعمال بأنهم قادرون على العطاء. وقال إن الشعب السعودي اليوم يفتخر بشبابه وهم يخدمون مجتمعهم في مهن كثيرة، كما أن نظرة المجتمع الايجابية لما يقوم به الشباب يعد حافزاً نحو نجاح التجربة، مشيراً إلى أن لكل مجتهد نصيب في العمل في القطاع الخاص، موضحاً أنه كان على وظيفة بائع، وخلال ثمانية أشهر فقط تمت ترقيته إلى موظف خدمة عملاء، مؤكداً أن الإخلاص في العمل والتفاني في الأداء هما الطريق إلى النجاح.