يقول نيلسون مانديلا الرئيس الأسبق لجنوب إفريقيا وأحد أبرز المناضلين والمقاومين لسياسة التمييز العنصري «من الأفضل أن تقود من الخطوط الخلفية، وتضع الغير في المقدمة، خاصة وأنت تحتفل بالانتصارات، بينما تأخذ موقعك في الخطوط الأمامية عندما يحدق الخطر، فالناس تقدر ساعتها قيادتك لهم»، سألت نفسي سؤالا مهما: هل نحن بالفعل كذلك؟ أم أن الجميع يريد أن يكون في المقدمة وقت الرخاء فقط؟ لو تأملنا هذا الكلام جيدا لوجدنا أن المعضلة الحقيقية والمشكلة لدينا أننا نسعى لانتصار الذات بغض النظر عن النتائج، المهم فقط ماذا قالوا، المهم فقط المصلحة الشخصية لا مصلحة المجتمع. نحن وفي هذا الوقت بالذات نحتاج إلى أن نأخذ المبادرة في جوانب عدة، نحتاج أن نكون أكثر جراءة وشجاعة، نحتاج إلى أن يقوم كل قائد أو مسؤول في جهته بالدور المطلوب منه، بغض النظر عن الظهور والإعلام والمدح والثناء وتغليب المصلحة الخاصة. يقول الفيلسوف اليوناني المعروف سقراط «لكي نحرك العالم، علينا أولاً أن نحرك أنفسنا»، الوزير في وزارته، العميد في كليته، الأستاذ بين طلابه، الرئيس في شركته، والوالد في أسرته، لا ننتظر التغيير من الغير ونلقي باللائمة عليهم فقط، نحن مجتمع في الغالب وللأسف نستمتع باتهام الغير بالتقصير ولو تمعنا بشكل دقيق لوجدنا أنفسنا مقصرين في جوانب عدة، وهذا بالمناسبة لا ينفي تهمه تقصير الغير ولكن ما نريد أن نطرحه هنا هو أن نكون إيجابيين لا أن نكون سلبيين. لا أجد عدوا للإنسان أكبر من النظر فيما يقوله الآخرون عنه، جمال العمل هو أن تعمل وتستمتع دون النظر فيما يقول الغير، فالعمل والإنتاج هو من سيصنع الفرق وهو من سيتحدث عن نفسه وهذا بالمناسبة يقود للإخلاص في العمل والإبداع فيه وهو المطلب والفيصل، يقول نابليون «وافر الحظ هو من طور نظام تحكم ومراقبة ذاتي يقوده نحو تحقيق أهدافه في الحياة، دون أن تشتته انتقادات أو إطراءات»، عندما يكون هذا هو الهدف فسيصلح كل شيء، لأن الإخلاص في العمل هو المطلب، والإخلاص في العمل يقود للإصلاح الذي يقود بدوره لصالح المجتمع بشكل عام. الخلاصة، أن المملكة العربية السعودية تمر بمرحلة مهمة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية يقودها خادم الحرمين الشريفين وفقه الله صدرت من خلالها أوامر ملكية جريئة في الفترة الأخيرة إذا طبقت كما خطط لها ان شاء الله فإنها ستكون بداية لعهد جديد من النمو سينهل منها الوطن الخير الوفير لعشرات السنين، تحتاج إلى الإخلاص في العمل من الجميع دون النظر إلى المدح والثناء والمصلحة الخاصة، نحتاج إلى الصراحة وليس المجاملة، نحتاج أن يغير كل منا فيما يخصه لا ينتظر تغييرا من الغير، نريد أن نستغل تلك الفرصة الثمينة في صالح الأمة اقتصاديا وسياسيا تزامنا مع تنظيم الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والتي تهدف إلى حماية النزاهة وتعزيز مبدأ الشفافية ومكافحة الفساد المالي والإداري، والتي سيكون المواطن طرفا مهما في جوهر عملها من خلال فتح قنوات اتصال مباشرة معه لتلقي البلاغات المتعلقة بتصرفات منطوية على فساد، فالعمل الجماعي واستشعار المسؤولية والمساهمة ولو بجزء بسيط من الرأي والمشورة من الجميع هي المطلب، عندها سنكون أمة منتجة وليست مُستهلكة.