صمت الأستاذ عبد الله عبد الجبار في فترة مبكرة من سنه العالية، وتوقف عن المشاركة المعرفية والاجتماعية لكنه مع ذلك لم يغب عن مجتمعه، ولم يتوقف أثره، بل ظل ممتدا يزيد قيمة بتقادم الأيام والليالي عليه، وها هو الآن يرحل إلى مثواه، ويرقد في مرقده السرمدي، لكنه في الوقت نفسه باق بيننا، حاضر بما تركه من أثر، لا أقول إن أثره (التيارات الأدبية في قلب الجزيرة العربية) أو (قصة الأدب في الحجاز)، ولا (الشياطين الخرس) أو (أمي) وحسب، بل أثره تلك العدوى المحمودة التي أشاعها في المجتمع بتلك المؤلفات، وبما نزعه على تلاميذه حينما كان معلما ومحاضرا ومربيا. فالأستاذ يرحمه الله منذ أن جرت قدماه في سوق الليل بمكة المكرمة إلى أن اشتهرت محاضراته وراجت في الأوساط الأدبية (التيارات الأدبية) وهو يبني مجدا تليدا، بل ويؤسس منهجا في تلك المرحلة مستفيدا مما توفر عليه من معرفة واطلاع على ثقافات متعددة، ويصنع جيلا بل أجيالا، ويعبد طريقا لمن أتى بعده. اقترن اسم عبد الله عبد الجبار بالتغيير، وظل يناضل من أجل ذلك، ولعل أهمية الأستاذ عبد الله عبد الجبار تزداد وتتأكد حينما نتذكر أنه أحد المنعطفات المهمة في الحركة التنويرية في المملكة، حيث كشف بكتاباته المتنوعة، سواء بكتابه السالف الذكر (التيارات) أو بكتابه المشترك مع عبد المعنم خفاجي وسواهما، كشف عن شخصية تنويرية حضارية متفتحة، حملت هم الإصلاح على كتفيها لتضيء للأجيال التالية درب التغيير والتجديد.