القمة التشاورية الخليجية غالباً ما تكون مراجعةً لنتائج المؤتمرات المختلفة، غير أن توقيتها يأتي والخليج العربي على خط المواجهة مع قضايا عربية وإقليمية عندما تنعقد اليوم.. فلهب الثورات العربية جاء حريقاً عاماً، وبالتأكيد لايمكن لهذه الدول أن تنعزل أو تقف خارج الأحداث، إذ وصلت إلى دول أعضاء في المجلس ما أوجب التحرك السريع لقراءة وتحليل ما يجري بمفاهيم تطرح أبعاد الأعمال، والإجراءات التي تتحمل مسؤولياتها دول المجلس.. فدعم عُمان والبحرين ليس خياراً بل هو واجب أخوي وضروري لأننا في الحزام الواحد لأي حدث مستجد، وعلى رأسه الركيزة الأمنية التي حاولت إيران أن تستغل الموقف العربي بإرسال الجواسيس للكويت، والأسلحة والأشخاص للبحرين والتي كانت على جدول الأزمات التي اعتمدتها حكومة طهران، لكن قطْع الطريق عليها بواسطة درع الجزيرة غيّر خرائط المؤامرة، وأنهى فرصة أن يكون لها موقع قدم في قلب الخليج العربي، وإن ظلت على اتجاهها بعدم إخفاء عدائها مع الدول الخليجية.. عُمان عالجت، بحكمة، حالات الاضطراب، واستطاعت أن تكون النموذج الذي امتص الصدمة قبل أن تصل إلى الحالات الحرجة، ويبقى اليمن كنقطة التقاء للعديد من التباينات بين السلطة، والمعارضة، وقضية تهم الدول الخليجية العربية باعتبارها ملتقى حدود معه، ثم إن الاعتماد على جعل هذا الشأن يمنياً بدون تحرك فعال يعتبر قصوراً لمهمات ضرورية، ولذلك تحركت هذه الدول بمشروع أخوي يقرّب المسافات بين طرفيْ الخلاف، وفي حال نجاحه، فإنه انتصار لليمن وللدبلوماسية العربية في تكريس المصالحة وإبعاد اليمن عن منزلقات خطرة قد تؤدي إلى خلق فوضى تهز أمنه برمته، وتؤثر سلباً في الدول المجاورة له.. مصر رأس قاطرة العرب، وما يجري فيها ليس شأناً عادياً يمكن وضعه في الاهتمام الثاني، وقد جاء تبادل الزيارات مع مسؤولين مصريين وخليجيين لفهم التوجهات، ورسم سياسات مع بعد التغيرات الحديثة، ويأتي دعمها في ظرفها الراهن قضية تلتقي حولها كل الأهداف، ولعل أهم نقطة جوهرية هي تبديد ما فُهم من تصريحات حول تجديد علاقاتها مع إيران، وفي توقيتٍ أثار المخاوف عند الدول الخليجية لكنها أعادت بناء الثقة بأنْ لا تغيّر في سياساتها تجاه أمتها وتحديداً الخليج العربي.. بقية العواصف التي تجتاح بعض الدول العربية لا نقف منها بالسلب أو الإيجاب، بل نتفاعل معها كمصلحة لكل شعب يريد تقرير مطالبه المشروعة.. ودول المجلس حددت خطواتها بناء على رغبة المحافظة على وحدة وأمن تلك الدول، ولن تتخلى عن واجباتها إذا ما طُلب إليها أي مساهمة تساعد على بناء الثقة، وعدم تحميل أي طرف أخطاء الآخر.. وفي العموم فإن انعقاد القمة التشاورية الخليجية سيكون بموازنة القمة الرئيسية لما تفرضه التغييرات التي تجتاح معظم دول الوطن العربي من ضرورات واجبة على الكلّ..