حتى اللحظة يبدو أمر انعقاد الجمعية العمومية في نادي الاتحاد لاختيار مجلس إدارة منتخب خلفاً للمجلس الحالي المكلف برئاسة المهندس إبراهيم علوان غامضاً؛ على الرغم من كل ذلك الحراك الإداري والشرفي والجماهيري الذي استدعى دخول الإعلام بكل أصنافه على خط التشابك الاتحادي، ما جعل الأمور تشتعل أكثر في النادي "العميد" خصوصاً من جهة لعبة الاصطفافات. ويبلغ الغموض ذروته كون أحد لا يعرف حتى اللحظة إن كانت الرئاسة العامة لرعاية الشباب ستقر الجمعية العمومية التي قيل بأن بابها سيفتح في نهاية مايو الجاري أم لا؟، إذ تروج شائعات في الأوساط الاتحادية وكذلك الإعلامية أن الرئاسة ماضية لتجديد تكليف علوان لموسم آخر، وأن التباطؤ في إعلان إقرار الجمعية العمومية ليس إلا بهدف تضيق الوقت على الاتحاديين ما يجعل أمر انعقاد الجمعية صعباً، والذهاب نحو التكليف مبرراً، خصوصاً إذا تم تدعيم هذه الرغبة الرسمية بمطالب اتحادية ذات قيمة شرفية، وهو ما جعل البعض يبدي مخاوف معلنة من ذلك. ولأن لا نار بلا دخان فإن تلك الشائعة قد تسربت على إثر خروج مجلس الإدارة من اجتماعه الأخير بقرارات ضبابية حول الجمعية العمومية، لاسيما من جهة تأجيل موعد الجمعية العمومية بحجة قلة عدد أعضاء الشرف المسددين لرسوم الاشتراك في العضوية؛ إذ لا يتجاوز العدد 12 عضواً، وما زاد من تصاعد دخان الشائعة أن المجلس لم يقترح موعداً لها، وهو ما جعل غير عضو شرف يتلقى الشائعة ليردها بقوة لملعب الإدارة؛ رافضين أي محاولات لتقطيع الوقت، ويأتي في مقدمة هؤلاء الشرفيين منصور البلوي، واللواء محمد بن داخل الجهني، وكذلك طلعت لامي. ومما يقلل من مخاوف الاتحاديين في حصول الإدارة الحالية على تكليف جديد هو التوجه الواضح لرعاية الشباب نحو إقرار الجمعيات العمومية كخيار رئيس لاختيار مجالس إدارات الأندية والابتعاد عن التكليف إلا في الضرورات القصوى، خصوصاً في حال عدم وجود مرشحين؛ لكن هذا التوجه وإن خفف المخاوف فإنه لا يلغيها، لاسيما وأن ليس ثمة قرار حاسم لدى الرئاسة في هذا الشأن، فضلاً عن أن الأمور في نادي الاتحاد تحديداً تختلف عن أي ناد آخر، خصوصاً وأن الرئاسة في هذا النادي هي "أم القضايا"؛ إذ تقوم الأمور ولا تقعد في كل مرة يقرر فيه الاتحاديون مصير كرسي الرئيس في النادي. وفي ظل الموقف الرمادي لرعاية الشباب حتى الآن تجاه جمعية نادي الاتحاد العمومية يبقى السؤال معلقاً.. من سيكون الرئيس القادم لأقدم الأندية السعودية، وأحد الأندية الأكثر جماهيرية؟، وهو السؤال الذي أصبح على لسان كل اتحادي، بل على لسان كل رياضي سعودي، باعتبار أن هذا الكرسي تحديداً تتسلط عليه الأضواء من كل حدب وصوب، لاسيما وأن الوضع هذه المرة يختلف كثيراً على الأقل عن المرات الثلاث الأخيرات التي ترأس فيها النادي كل من المهندس جمال أبو عمارة، والدكتور خالد المرزوقي، والمهندس إبراهيم علوان، وتبدو الأمور في النادي "العتيق" تغلي على مرجل لغير سبب، سواء للنتائج السيئة التي ظل يخلفها الفريق الكروي، ولعدم قناعة غالبية الاتحاديين بالإدارة الحالية، ولدخول الرئيس السابق منصور البلوي بقوة على المشهد الذي غاب عنه منذ نهاية العام 2007 حينما غادر كرسي الرئاسة بعد أحداث صاخبة هزت الوسط الرياضي آنذاك على خلفية قضية اللاعب السيراليوني محمد كالون، حيث أعلن رسمياً عن استقالته، قبل أن ينفيها في تصريحات تلفزيونية. وليس سراً القول بأن طرح البلوي لنفسه كرئيس قادم للنادي قد حرك المياه من جديد؛ وهي التي لم تهدأ أصلاً؛ خصوصاً لدى كثير من جماهير النادي التي ترى فيه المنقذ، ولدى بعض الإعلاميين، لاسيما أولئك الذين يتمثلون دور التروس في مكنته الإعلامية، إذ ظلوا وعلى مدار الشهور الماضية يطرحون اسم البلوي ليس كخيار اتحادي، وإنما كأمر واقع؛ بغية فرضه ليس على أبناء النادي وحسب، وإنما على كافة الأطراف المتداخلة في هذا الشأن، وأولها رعاية الشباب؛ خصوصاً بعدما أدلى الأمير نواف بن فيصل بتصريحات أكد فيها عدم وجود أي تحفظات على ترشيح البلوي لنفسه رئيساً للنادي، وهي التصريحات التي التقط البلوي خيطها بشكل جيد ليعلن عن نفسه كمرشح فوق العادة في الجمعية المنتظرة، ومحركاً في الوقت ذاته كافة أدوات لعبته الانتخابية مبكراً، سواء الجماهير المناصرة، أو الإعلام الرابض دوماً على تخومه، وذلك ترهيب المنافسين وإزاحتهم، بل ذهب إلى أبعد من ذلك من خلال إطلالته على المشهد الرياضي بشكل قوي من خلال مباشرته لتكريم الأمير سلطان بن فهد مؤخراً. وفي وقت يتحرك فيه البلوي بقوة وفي غير اتجاه استباقاً لأي حدث، وحتى لا يترك للمفاجأة مجالاً ما قد يمكنها من تقويض رغبته الشرسة في العودة لكرسيه القديم، إلا أن أطرافاً اتحادية أخرى تتنازعها الرغبة ذاتها في الفوز ب"الكرسي الأصفر"، لعل أبرزها اللواء محمد بن داخل الجهني، بيد أن ثمة من يرى أن ترشيح نفسه في هذه اللحظة في وقت يعلن فيه البلوي عن رغبته في العودة رئيساً لا يعدو سوى عملية تبادل أدوار فيما بينهما، إذ يمكن أن ينسحب متى ضمن البلوي دخوله في قائمة المرشحين، أو يستمر في حال ذهبت محاولاته في العودة أدراج الرياح، غير أن آخرين يستبعدون هذا السيناريو باعتبار أن رغبة الرئاسة ظلت تستحوذ على الجهني طوال سنوات مضت؛ إذ ظل يعلن عن ترشيح نفسه قبل أن يتراجع عن قراره في الأوقات الحاسمة، وأكثر ما يتوافقون فيه مع سيناريو الانسحاب هو انسحابه في حال وجود مرشحين آخرين سواء البلوي أو غيره، إذ يتوقعون رغبته في الفوز بالرئاسة بالتزكية؛ لكن ما لا يختلف عليه أحد من الاتحاديين أن ابن داخل يعد مطلباً شرفياً، إذ يناصره العديد من شرفيي النادي، في وقت يعد فيه البلوي مطلباً جماهيرياً. وإلى جانب البلوي والجهني، فقد برز اسم اللواء إبراهيم عسيري وفريد زاهد، بيد أن الاثنين لا يحظيان بشيء من مقومات الفوز قياساً بما يحظى به البلوي وابن داخل، وإن روج البعض بأن زاهد يحظى بدعم من شرفي بارز؛ حيث يُلَّمح في ذلك إلى عضو الشرف الداعم عبدالمحسن آل الشيخ غير أن العارفين ببواطن الأمور يؤكدون بأن الأخير لا يفرض مرشحاً بعينه، إذ يقف على مسافة واحد من كل الاتحاديين، وأنه على استعداد لدعم أي مرشح يتوافق عليه الاتحاديون. وفي كل الأحوال تبقى الجماهير الاتحادية القلقة تترقب ساعة الصفر لانفراج الحقيقة عن الرئيس القادم الذي ملأ الدنيا وشغل الناس حتى قبل معرفة هويته.