هناك مشكلات وقضايا اجتماعية خطيرة تعاني منها شرائح اجتماعية مغلوبة على أمرها وغير قادرة على البوح بهمومها، ومما ساعد على تفاقم تلك المشكلات واستمرارها هو ذلك التعتيم الذي يمارسه المجتمع على بعض من المشكلات الخطيرة وهذا بالطبع نتيجة ثقافة اجتماعية سلبية ترى أن هناك أموراً يحرم التحدث بها أو إظهارها أمام العيان وذلك من منطلق أن (البيوت أسرار ( . مشكلة العنف الأسري لا تزال تلقي بظلالها على الأبناء والزوجات ومع هذا ترى ثقافة المجتمع أن المشكلات الزوجية والأسرية يجب ألا تتعدى حدود البيت وأن سلطة الأب أو الزوج هي أمر طبيعي حتى وإن تجاوز الأب أو الزوج الحد في استخدام تلك السلطة!! كذلك نجد أن قضية الاغتصاب يتم التستر عليها وخصوصاً من قبل ذوي الضحية! لأن الهم الأول لدى الأسرة هنا هو ألا يعرف الناس والمجتمع بهذا العار الذي لحق بابنهم أو ابنتهم!! وهذا أمر خاطئ بل إنه يعتبر جريمة أخرى تقع على الضحية، فمن اغتصاب إلى تعتيم يمنع الضحية من أن تأخذ حقها وتسترد كرامتها بمعاقبة المجرم. وغير ذلك الكثير والكثير من المشكلات التي لا تزال موجودة بل إننا نلحظ ازديادها لأن من يمارس هذا العنف أو ذلك الاغتصاب وجد أمامه مجتمعا يتكتم على مثل تلك الجرائم وهذا يشجع المجرمين على ارتكاب مثل تلك الجرائم التي تسيء للمجتمع قبل أفراده. إنها دعوة لأن نكشف المستور الضار. إنها دعوة لأن نشجع كل فرد يقع تحت وطأة ظلم أو انتهاك للشخصية أن يصرح بما يتعرض له من ظلم وانتهاك، وأخص بالذكر قضايا الاغتصاب، وكذلك ما يتعرض له الأبناء والزوجات من عنف أسري جلب لهم الضرر وأثر على حياتهم . وهذا يحتاج إلى أن يتبنى المجتمع مشروعاً يكون من أهدافه تسليط الضوء على القضايا الأسرية والاجتماعية عموماً وتشجيع الأفراد الذين يقع عليهم العنف أو الظلم في أن يبوحوا بهمومهم وليظهروا واقعهم الأليم الذي يعيشونه. فهذا التكتم الخطير من منطلق ثقافة (البيوت أسرار) لم يجلب لمجتمعنا إلا تفشياً للمشكلات وزيادة حالات العنف والاغتصاب.