رحلت أمي الودود منذ عامين تقريبا, ودفنت في مثواها الأخير في ناحية من نواحي بلادي عزيزة جداً على قلبي فكان رحيلها زلزالاً حطم نياط قلبي وبركاناً ثار في وجهي.. أمي من ولدتني وذكراها باق في قلبي الى يوم الدين ملامحها لاصقة في مخيلتي ووجداني حتى أفارق الحياة . كانت ينبوعاً لاينشف، فيا أيتها الذكرى قد أبكيتني على من رعتني في صحتي وسقمي وصحوتي ومنامي ,كفاحًا على كفاح منذ ولادتي وحتى شبابي رفقاً بقلبي لا تقتليني خلف المجهول سرتِ وإلى عالم الأموات صرتِ وإلى الآخرة ارتحلت. وفي يوم رحيلك إلى عالم الآخرة اكفهر وجه السماء رعودٌ وعواصف ٌمن دموع وأنين وبكاء وونين. شريط من الذكريات يدور في عقلي دون توقف عقلي المشحون بالألم وشجون القلب الحائر المنكسر.ليس وهماً ولاخيالاً إنها حقيقة مرة يوم أن رحلتِ ياأماه يا من حملتِني في بطنك وهناً على وهن ووضعتِني مع الانات وغذيتني طفل اجاهلا ورعيتني وليداً وفتى ًيافعاً. يتجافى جنباك عن النوم سهرا يوم مرضي بين ذراعيك ضممتني وفي قلبك أسكنتني رغم شقوتي وعنادي وكبريائي . خطابي إليك يارائعة هو أيتها النفس المطمئنة ياساجدة ياقائمة ياذاكرة ياشاكرة يامؤمنة ياصائمة أضاء الله قبرك ,ووسع مدخلك وأسبغ عليك رضوانه وأسكنك فسيح جنانه ورحمك الله في السماء والأرض وحين العرض . سال دمعي يوم دفنوك والتراب وسدوك على الخدين مدراراً فأنت الأحق بدمعتي وذكراك في قلبي لا ينطفئ هاجت خواطري تذكرت صوتك ومناداتك باسمي (ناصر يا وليدي)ومهاتفتك لي بالتلفون وممازحتك وقصصك ومواقفك . لقد أصبحت بعد رحيلك أسير الذكرى والعذاب مابال أيامي بعدك في الجحيم المستعر لا أطيق لسعتها وفؤادي المجنون بحبك تفطر وقلبي من الحزن انشطر الفرح ظاهري والملل داخلي وجرح الفقد يؤلمني فلا علاج ، فامنحني صبراً ياالله وامنح أمي منك عفواً ليت الزمان يعود أدراجه 'فأسعد بلقائك كما كنت في السابق ولكنك تصرين على البقاء في قبرك وحيدةً في عالمك الجديدعالم البرزخ وتتركيني أصارع الآلام فتصرعني الآلام في هذه الدنيا القصيرة الحقيرة إلامافيها من ذكرلله عز وجل حقاً إنها قصيرة . أذهب أهرب من واقعي المؤلم أهيم على وجهي في الصحراء أركض إليك يا أمي أبحث عن ينبوعك لأروي غليلي ولكن ينبوعك ينبوع الوفاء والعطاء جف وحنانك جف تيبست شفتاي وجفت عروقي ورطب العرق جبيني لأني بدون ماء بدون أمي بكيتك يا أماه كما بكاك القمر وأصبح نوره خافتاً أظلمت الدنيا وسرعان ماابتلعك ظلام القبر ونورك يكشف ظلامه , مابال جسمي مكهرباً ووجهي مشوهاً في عالم لاتوجد فيه أمي لأني فقدت وجودي. وفي خضم هذه المشاعر الجياشة هناك ما يسلي قلبي هو أن الله الأبقى واليه الرجعى وبصوت خافت مبحوح مخنوق رددت رحمك الله ياأمي رحمةً واسعةً وأسكنك الفردوس مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين يالمرارتنا على الأرض عندما نفقد غالياً وداعاً يا نبع الحنان يا أمي. ابنك(ناصر) !