} نستقبل السيارات و القطارات والطائرات الجديدة استقبالا حاراً , في حين أن هناك مركبة أخرى احرزت تقدماً مماثلاً في الروعة ، دون ان تلقى إلا القليل من الدعاية وحتى الاهتمام هذه المركبة تحمل وحدها من الركاب أضعاف ما تحمله كل القاطرات والطائرات مجتمعة . هذه المركبة هي المصعد ..تقدم آلة المصعد النماذج الآلية الجديدة والتقنية العظيمة السرعة ، والتي تعمل بمفردها وسترى عندئذ سلسلة من الأحداث الالكترونية التي تقرب من المعجزات . فالموازين المختفية في ارضية المصعد ستبلغ المخ الإلكتروني الموجود في أعلى البناء اذا دخلت المصعد , فإذا نسيت ان تضغط على الموصل الى طابقك ، فإن المخ سوف ينتظر فترة من الوقت تأدباً منه ثم ينبعث فجأة صوت كالطيف مسجل على شريط خاص ليقول لك عن طريق مكبر الصوت : هذا مصعد آلي..من فضلك اضغط على الزر.هذا ما سمعته في أحد الأفلام القديمة الساخرة. المخ الاليكتروني. وعندما تبدأ الأبواب في الغلق قد يحاول راكب آخر أن يدس نفسه من بينها , وعندئذ ترتد الأبواب فجأة دون أن تلمسه , فإن الأنابيب الإلكترونية الموضوعة في الحافة الرئيسية للباب قد التقطت التيارات الكهربائية الضئيلة المنبعثة من الجسم البشري وهي ترتد من تلقاء نفسها بمجرد اقتراب احد منها حتى مسافة عشرة سنتمرات .وتبلغ وجهتك - وهي الدور الرابع مثلا - فإذا بصوت لطيف يعلن قائلا : هنا مكتب العميد !وقد تتلكأ قليلا في مدخل المصعد لتتحدث لزميلة او طالبة لا تزال داخلة .. وعندئذ ينفذ صبر المصعد ويصيح بك : ابتعد عن الباب من فضلك ..انك تؤخر المصعد فإذا ظللت رغم هذا واقفا على عتبة المصعد فإن المخ الالكتروني سيأمر الابواب بالانغلاق ببطء وهي تزيحك عن طريقها برفق ! التقنية المتطورة والمصاعد الآلية الحديثة ومن خلال التقنية المتطورة باتت ذات سرعة عظيمة سهلة الادارة ، هذا ما شعرت به انا وأسرتي عندما صعدنا في مصعد الامبير ستيت في نيويورك حتى بالنسبة للأشخاص الذين لم يسبق لهم ركوب مثله من قبل فإذا ضغط احدا سهوا على زر الطواري الأحمر ، فان مكبر الصوت سيقول في لهجة ناصحة : (اذا ضغطت على زر الطواري خطا ، فاجذبه الى الخارج ثانية ..فاذا لم تستطع ، فيمكنك التحدث الى احد المهندسين عن طريق هاتف المصعد).والمصاعد الالية الجديدة بتقنياتها المدهشة لا يربكها الضغط على الزر الصغير في مصاعد البيوت حيث يسيطر على المصعد أول شخص يضغط على زر فيه ، فالمخ الالكتروني في مصاعد اليوم الالية يراقب كل العمليات ، ويتخذ قرارات حاسمة في سرعة خاطفة لادارة مجموعة بأسرها من المصاعد ، فهو بمثابة آلة الكترونية حاسبة ، تغذيها المعلومات الأساسية عن وزن الحمولة وعدد واتجاهات اشارات الاستدعاء من مختلف الطوابق ، وعدد واتجاهات الازرار التي تم الضغط عليها في المصاعد ، ومواقع هذه المصاعد على طول خطوط سيرها ، ومدى الوقت الذي امضاه الناس في الانتظار في الردهات أمام أبواب المصاعد . نظام ومعلومات وعن طريق هذه المعلومات ، يقدر المخ نوع وعينة الحركة التي يواجهها النظام كله في تلك اللحظة . وهناك ستة أنواع أساسية لهذه الحركة , منها (ذروة الارتفاع)- عندما يتوجه الناس لاعمالهم في الصباح ، و(الهبوط الثقيل) عندما يخرج الناس لتناول القهوة في أوقات الراحة و(الفترات المتغيرة) في المساء عندما تقل الطلبات ، وكل نوع من أنواع الحركة تتطلب نموذجا مختلفا من أنواع المصاعد المخصصة للقيام بأقصى الخدمات.ففي فترات (ذروة الارتفاع) ترسل المصاعد بمجرد ابلاغ الموازين الارضية ان المصاعد محملة , فإذا كان أعلى راكب ذاهبا الى الدور الثاني عشر في عمارة تتكون من 35 طابقا,يتوجه المصعد الى هذا المكان ثم يعود . وإذا حدث في خلال فترة الهبوط الثقيل - في الخامسة - ان قالت الموازين ان المصعد مشحون بأكمله في الدور الأعلى , فانه يهبط دون توقف الى الردهة السفلى . تقنيات وتجهيزات ولا يهمل المخ الالكتروني في الوقت نفسه الشخص الذي يضغط على الزر بمفرده ، والذي تمر عليه المصاعد المشحونة دون ان تقف ، فإذا لاحظ المخ ان راكبا بمفرده قد انتظر طويلا ، بعث مصعدا لالتقاطه هذا بالطبع في المباني التي تتوفر فيها مثل هذه المصاعد الحديثة والمزودة بتقنيات وتجهيزات دقيقة .ومصاعد اليوم الآلية الرائعة ثمرة سلسلة طويلة من التقدم ، فقد كانت المصاعد قديما مجرد روافع للبضائع ، ترفعها حبال من القنب ، وكانت تعد وسيلة غير امنة للركاب ، حتى اخترع (اليشا اوتيس) جهازا واقيا لمنع السقوط . وقد ادهش اوتيس المشاهدين في معرض (كريستال بالاس) بنيويورك في عام 1854 عندما صعد الى أعلى المبنى وقطع الحبل بفاس صغيرة .وجاء المصعد الكهربائي بعد ذلك في عام 1889 ، ومهدت قدرته على السرعة العظيمة الطريق أمام ناطحات السحاب. طريق المصاعد فلولا الاسطول الضخم الذي يضم 216 مصعدا ويحمل كل يوم حوالى ربع مليون شخص ، لما وجدت عمارة (روكفلر) بنيويورك او عمارة (امباير ستيت بلدنج) التي تحتوي على ممرات للمصاعد يبلغ طولها 16 كيلو مترا ، وبها أطول طريق للمصاعد في العالم يبلغ 304 أمتار من البدروم حتى الدور الثمانين . وكلما زاد طول المسافات وارتفعت سرعة المصاعد حتى تصل 427 مترا في الدقيقة ، تضاعفت تبعا لذلك مشاكل المصاعد ..ففي العمارات العالية , قد يبلغ سمك الكابلات حوالى خمسة سنتمترات ، وهي تنكمش في الأيام الباردة ، وتطول في الأيام الحارة . وجعل ارضية المصعد في مستوى ارضية الطوابق التي يقف عندها أصبحت مشكلة هي الأخرى ، كان الرد عليها أجهزة اوتوماتيكية تقوم بهذا العمل بوساطة خلايا كهربية مصورة أثناء الهبوط ، او بوضع محولات مغناطيسية فوق المصاعد تتساوى مع الواح معدنية توضع في بئرالمصعد . زيادة السرعة وكانت السرعة مشكلة هي الأخرى فإن زيادة الإسراع او الابطاء قد تحدث اضطرابا في الاعضاء الداخلية للركاب وتجعلهم يحسون كانهم على وشك الغرق . وقد استعان المهندسون على حل هذه المشكلة بانتاج أجهزة خاصة للمراقبة ، تشبه نموذجا صغيرا لمصعد يوضع في غرفة المراقبة ليضاعف حركات المصعد الذي يشرف عليه . فان ضبط السرعة على النموذج يؤدي بالتالي الى ضبطها في مصعد الركاب , ولعملية المراقبة النهائية اعدت شركة وسنتجهاوس جهازا آليا لقياس معدلات السرعة وضغطها في الحدود المريحة .وجاءت بعد ذلك اجزاء أخرى من الآلات الهامة ، فان المصاعد التي ترفع حمولات ثقيلة الى أعلى تستهلك كمية كبيرة من الكهرباء ، في حين ان المصاعد التي تنقل حمولات تقيلة الى اسفل تولد عادة تيارا من الكهرباء تدفعه ثانية الى الأسلاك عن طريق أجهزة التوليد، وتجمع المصاعد الالية كل ذلك مضافا إليه مجموعة من الأجهزة الحديثة . وقد يتساءل البعض عما اذا كانت هذه المصاعد مامونة كالتي تعمل باليد ؟ الاشعة تحت الحمراء ان المهندسين يتفقون على أنها تماثلها في السلامة تماما ، فليست هناك في الواقع أية فرصة لاغلاق الباب على جسمك ، فهناك أشعة غير منظورة من الاشعة تحت الحمراء تعبر طريق المدخل ، فإذا اعترض احد الركاب طريقها ، اعاد جهاز الاغلاق في الباب ترتيب نفسه ليبدأ كل شيء من جديد ، وهكذا وقد يدخل المصعد خمسة عشرة او عشرون شخصا دون ان يضطرب جهاز الإغلاق.أما فيما يتعلق بخطر السقوط ، فان المصاعد الآلية كلها - كقاعدة ترفعها ستة اسلاك ضخمة ، لكل منها من القوة ما يكفي لحمل الشحنة كاملة . فإذا حدث ضعف جزئي في الكهرباء ، فإن الفرامل الآلية ، تهبط بالمصعد الى اقرب طابق ، أما اذا انقطعت الكهرباء كلها وتوقف المصعد داخل البئر ، فهناك باب للطوارئ في جانب المصعد ، بينما ما يجذب مصعدا آخر الى جواره في البئر الملاصق لينتقل إليه الركاب . النظام الحديث وقد تبين في العمارات التي أدخلت نظام المصاعد الحديثة أنها تستطيع ان تكتفي بعدد قليل منها ، ففي مبنى كبير ثبت ان احد عشر مصعدا آليا تقوم بعمل خمسة عشر مصعدا من التي تعمل باليد ,وبذلك أمكن استغلال أماكن المصاعد الأخرى لوضع أجهزة تكييف الهواء , كما تستخدم بعض العمارات الأخرى هذه الأماكن لاقامة غرف كانت في حاجة إليها .وللمصاعد الالية فائدة عظيمة أخرى، فان إضراب عمال المصاعد يمكن ان يشل الحركة في مدينة عصرية كبيرة أكثر مما يشلها توقف حركة المواصلات على سطح الأرض ، إذ يستطيع الناس في حال اضراب الاتوبيس والتاكسي والمترو والترولي باص ان يذهبوا الى اعمالهم في سيارات مشتركة . أما اذا وقع اضراب في مصاعد عمارة كبيرة ، فالقلائل هم الذين يقدرون على الصعود الى الدور الخامس او السادس ، وهكذا تصاب الأعمال بالشلل ، وتركد تجارة المدينة والمصاعد الالية تستبعد هذا الخطر. رواج كبير مثل هذه الفوائد مضاف إليها اقتصاد أجور العمال، أدت الى رواج كبير في بيع المصاعد الآلية ، فقد كانت الطلبات على هذه المصاعد في عام الخمسينات عقب الإنشاءات الأولى بنسبة 12.6% أما اليوم فقد أصبح هذا الرقم أكثر من 95% .ومنذ وقت غير بعيد اجريت دراسة على 14 عمارة يعمل نصفها بالمصاعد الالية والنصف الآخر بمصاعد تعمل باليد ، فتبين ان المصاعد الآلية تشحن وتفرغ أسرع من الأخرى , كما أنها تحمل شحنات تزيد 10% في فترات الازدحام ، إذ إن العامل يشغل عادة فراغا يحتله شخصان آخران .ولعل اصدق كلمة قيلت في وصف هذه المصاعد : أنها لا تضرب ولا تمرض, .ولا تخرج لتدخن سيجارة !. وبلادنا باتت ومنذ عقود توظف المصاعد وتقنياتها في العديد من المباني العامة والخاصة وباتت ايضا تتوفر في بيوت الميسورين من قصور وفلل .. والمدهش ان المصاعد تطورت ومن خلال تقنياتها وتصاميمها وحتى حجمها فهناك مصاعد تحمل السيارات والمركبات من الدور الارضي حتى الشقة السكنية الخصة بصاحب المركبة .. وصارت اشكال المصاعد في السنوات الاخيرة تأخذ اشكالا جمالية توظف فيها الزجاج الشفاف الذي يتيح للمستخدم المصعد ان يشاهد ماحوله بصورة واضحة وممتعة .. مباني نيويورك ويلاحظ مبنى امباير الأطول