عبدالرحمن رجل أعمال يستثمر في العقارات.. بنى عبدالرحمن عمارة سكنية مكونة من أربعة أدوار, و كان ينظر إلى جميع الأمور من زاوية اقتصادية بحتة لذلك قبل أن يقدم على أي خطوة كان يحسب التكاليف بدقة, ولكنه كان من النوع الذي يفكر على مدى قصير حيث كان دائماً ما يوفر المستلزمات الرخيصة حتى لو كانت على مستوى رديء من الجودة. عندما بنى عبدالرحمن هذه العمارة السكنية أنشئ المجرى الخاص بالمصعد وترك توريد المصعد لما بعد تأجير العمارة.. بعد أن انتهى عبدالرحمن من تشطيب هذه العمارة طرحها للإيجار وبعد فترة قصيرة امتلأت العمارة بالمستأجرين. أبو نايف كان قدره أن يكون في الدور الرابع من هذه العمارة, وقد سأل عبدالرحمن عن موعد تركيب المصعد فأخبره بأنه لن يتأخر في تركيبه فالمسألة مجرد وقت. واستقر المستأجرون في العمارة واستمرت وتيرة الحياة بشكل طبيعي. كان سكان الدور الرابع أكثر المتضررين من عدم وجود المصعد , وكان أبو نايف أكثر من يطالب بتركيب المصعد. كان صاحب العمارة يواجه هذه المطالبات بإعطاء المواعيد تلو المواعيد. وبعد عام من المطالبات رضخ لمطالبات السكان وبدأ جدياً في التفكير في تركيب المصعد, وأخذ يتردد على الشركات التي تستورد المصاعد وأخذ فكرة عامة عن أنواع المصاعد ومواصفاتها وأسعارها. لم يكن عبدالرحمن مهتماً كثيراً بالمواصفات بل كان أكثر ما يهمه السعر. وبعد أخذ ورد اختار مصعداً رخيص الثمن قليل الأمان.. تم تركيب المصعد ففرح النزلاء كثيراً بهذا المصعد وبالأخص أبو نايف فالمعاناة الطويلة مع صعود الدرج ونزوله ستتلاشى بوجود المصعد. في البداية كان المصعد يعمل جيداً والأمور تسير على ما يرام, وبعد مدة من الزمن بدأت تظهر عيوب المصعد فتارة يتأخر إغلاق الباب وتارة يتأخر فتحه وتارة يصعد ببطء ورابعة يتأخر في الصعود وأخرى يتعطل عن العمل. مع تزايد هذه المشاكل طالب النزلاء عبدالرحمن بصيانة المصعد فكان يتهرب من هذه المطالبات ويماطل في المواعيد. بين الحين والحين يحضر عبدالرحمن أحد الفنيين المنتشرين في السوق ليعمل صيانة للمصعد, ولم يكن الفني الذي يحضره عبدالرحمن مؤهلاً تأهيلاً كاملاً لصيانة المصعد فكل ما في الأمر انه كهربائي يجري بعض أعمال الصيانة التي لم تكن تنهي المشكلة بل هي مجرد محاولة لتخفيف غضب النزلاء حول الأعطال المتكررة للمصعد. بعد أن تردى الوضع إلى هذا الحد أصبح أبو نايف يتخوف من صعود المصعد وكان يستخدم الدرج في كثير من الأحيان خوفاً من تعطل المصعد. بالرغم من هذا التخوف إلا أنه يضطر أحياناً لصعود المصعد فصعود الدرج أمر متعب جداً خاصة عند حمل بعض مستلزمات المنزل. وفي أحد الأيام جاء أبو نايف وعائلته ومعهم مجموعة من الأغراض التي أحضروها معهم بعد مشوار تسوق. ولم يكن أمامه سوى ركوب المصعد. فمن المتعب جداً صعود ونزول الدرج من اجل نقل الأغراض إلى الشقة.. فتح أبو نايف وعائلته باب المصعد فدخلوا ومعهم الأغراض التي جلبوها معهم من السوق. وضغط زر المصعد للصعود إلى الدور الرابع فأغلق باب المصعد استعداداًً للصعود. صعد المصعد إلى أعلى ببطء ولكن لسوء الحظ توقف المصعد قبل الوصول إلى الدور المطلوب. علت أبو نايف علامات القلق لكنه حاول أن يظهر تماسكه وهدوءه حتى لا يسبب لزوجته وأولاده القلق. بعدما تأخر باب المصعد عن الفتح بدأت تتعالى صرخات الأطفال. هنا بدأ أبو نايف يفقد تماسكه واخذ يردد عبارات التذمر والامتعاض. لسوء الحظ لم تكن التهوية جيدة داخل المصعد فأخذ هو وعائلته يلتقطون أنفاسهم بصعوبة وبدأوا يشعرون بنقص الأكسجين داخل المصعد خاصة مع توترهم وزيادة ضربات القلب لديهم الأمر الذي يتطلب مزيدا من الأكسجين. وفي هذه الأثناء أخرج جهازه الجوال واتصل على عمليات الدفاع المدني (998) وعلى الفور انتقلت فرق الدفاع المدني إلى الموقع. وصلت الفرق وبدأوا بفتح المصعد وسط صرخات الأطفال..خرج أبو نايف وعائلته من المصعد, وأصيبت زوجة أبي نايف بدوار وتم نقلها على اثرها إلى المستشفى وهناك أجريت لها العناية الطبية اللازمة. قرر أبو نايف بعد هذه الحادثة ألا يستخدم هذا المصعد مهما كانت الظروف ما دام على وضعه الذي هو عليه. انتقل الضابط المسؤول إلى المستشفى لإكمال إجراءات التحقيق وهناك قام بتهدئة أبو نايف ودار بينهما حديث عن المصعد فاخبره بأعطاله المتكررة والمعاناة التي وجدها مع صاحب العمارة في صيانة المصعد بشكل جيد. قام الضابط بطلب عبدالرحمن (صاحب العمارة). الذي حضر الى المستشفى بعد إبلاغه من حارس العمارة, وتم سؤاله عن عدم اهتمامه بالمصعد وكيفية تعريض حياة سكان العمارة للخطر بدون وعي لمخاطر المصاعد. فهناك عدة أخطاء ارتكبها في حق الساكنين تتلخص فيما يلي: *هذا المصعد الذي تم تركيبه غير مطابق للمواصفات والمقاييس السعودية. *لا يوجد في المصعد تهوية جيدة وهذا قد يسبب الاختناق لمستخدميه في حالة تعطله. *لا توجد على المصعد بيانات الحمولة التي يمكن للمصعد الصعود بها وهذا يفسر بعض حالات عدم عمل المصعد التي أخبر بها أبو نايف لضابط التحقيق أنها تحدث باستمرار فأحياناً تكون الحمولة زائدة فلا يعمل المصعد دون أن يعلم مستخدموه ما هو السبب. *صيانة المصعد لا تتم بإحضار فني لا يتقن العمل بل يجب صيانة المصعد عن طريق جهة فنية متخصصة في صيانة المصاعد حتى تتم بشكل يضمن بإذن الله عدم تعطل المصعد وتعريض حياة مستخدميه للخطر. أدرك عبدالرحمن حجم الأخطاء التي ارتكبها بحق سكان عمارته بإحضار هذا المصعد الرديء وأعمال الصيانة العشوائية التي كان يجريها له الفني غير المختص, وتعهد باستبدال المصعد بآخر مطابق للمواصفات والمقاييس السعودية والتعاقد مع شركة فنية متخصصة بصيانة المصاعد, وقد نفذ المصعد الجديد خلال أسبوع منهياً معاناة سكان العمارة كافة.. أيها الأحبة من خلال هذه الحادثة يتبين لنا أن المصعد وسيلة ضعت لتسهيل حياة الناس وتخفيف أعباء الصعود والنزول عليهم عبر الدرج لكنه يعتبر أحد مصادر الخطر إذا ما أهمل وترك من غير صيانة جيدة وللوقاية من تلك الأخطار ننصح بالتالي: ألا يستخدم الأطفال المصعد بمفردهم , منع الأطفال من اللعب بالمصعد فقد يؤدي ذلك إلى احتجازهم أو سقوطهم في بئر المصعد وتعرضهم للإصابة , ضرورة زيادة الوعي بمخاطر المصاعد لدى الأطفال , عند توقف المصعد يجب التزام الهدوء والتصرف بحكمة, الاتصال فوراً بالدفاع المدني عندما تدعو الحاجة للمساعدة والإنقاذ, عدم سكب الماء أو السوائل داخل المصعد أو بالقرب منه حتى لا يتعطل, التقيد بالحمولة المقررة للمصعد. في الختام جعل الله السلامة طريقاً لنا جميعاً وإلى اللقاء في المقال المقبل.. والسلام عليكم.. وللتواصل/ [email protected]