الحمد لله الذي رفع قدر الإنسان بالدنيا، وأعلى شأن المخلصين الأوفياء، والصلاة والسلام على معلم الناس الخير، وهاديهم إلى الصراط المستقيم سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فأقول: من حوت روحها قلباً ذهبياً، وسخاء ربيعياً، حتى ضربت بجذورها في أعماق القلوب، وأصبحت شجرة طيبة تغدق ثمارها الرطبة الجنية حيثما سارت.. لمن بذلت وقتها في سبيل خدمة وطنها وبنات وطنها.. إليك صاحبة السمو الملكي الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز - يرحمك الله - أرثيك بكلماتي التي تحمل مشاعري مضمخة بصدق المحبة والولاء، لشخصك الذي ينشر شذاه فيعطر بسيرتك الطيبة وأعمالك الخيرة المجيدة حتى لا يسعني بعد ذلك كله إلا أن أقول: صيتة ستبقين في قلوبنا ما حيينا، وسيسطر لك التاريخ أجمل سيرة ومسيرة.. لابنة الوطن المخلصة الوفية.. نعم فلقد حققت قبل رحيلك - ولله الحمد والمنة - أهدافا كثيرة كنت تسعين لتحقيقها في أعمال الخير وخدمة الوطن. وحينما تمضي مسيرة الزمن وتتوالى الأجيال جيلاً بعد جيل فإن أعمال الخير تظل خالدة على مدى الأيام كما فعلت صاحبة الأيادي البيضاء في كثير من الأعمال التي تجعل لها ذكرى خالدة لا تنسى فقد تركت لنا الأميرة صيتة يرحمها الله أعمالاً خيرة لن تنسى ومن أعمالها الخالدة - سعفة الخير - وسعفة بنت الوطن - التي تدعمها في أعمال الخير والبر والإحسان، ولها الكثير من الأعمال التطوعية الرئيسية الداعمة للكثير من الجمعيات الخيرية والهيئات التي ترعى أسر السجناء. ومن أعمالها الإنسانية العديدة دعم كرسي الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز في جامعة الملك سعود إيماناً منها بضرورة الاهتمام بالأسرة السعودية ودراسة أوضاعها للتغلب على المشكلات التي تواجهها الأسرة السعودية ودعم الباحثات في الجامعات للقيام بالأبحاث التي تحقق تطوير العمل الخيري في المملكة العربية السعودية وتشجيع المتطوعات والعاملات في العمل الخيري. وطباعة الكتب والأذكار والأدعية الدينية على نفقتها الخاصة كما انها كانت تساعد جميع الأسر السعودية التي تصل لها عن طريق الباحثات الاجتماعيات أو الجمعيات الخيرية، وهذا نابع من إيمانها العميق بأهمية استقرار الأسرة السعودية والمحافظة عليها. كل هذه الأعمال كانت جزءاً من أعمالها التطوعية في حب الخير. رحلت الأميرة صيتة ودعت الدنيا وودعنا قلوبنا معها وتركت العبرات في كل صدر أحبها وكل يد صافحتها، وكل عين التقت في عمل الخير والجود معها. بعد كل هذا فلا غرابة أن يكون لصيتة كل هذا الحضور والتأثير والمحبة الصادقة والتقدير من كبيرنا قبل صغيرنا، منذ مرضها حتى وفاتها وقد أدرك كل من حضر أيام العزاء مدى هذا الحب الجياش الذي تكنه بنات الوطن من جميع مشارب المملكة لهذه الأميرة الفاضلة التي ستظل باقية بيننا، صحيح انها رحلت جسداً، ولكنها في قلوبنا وفي أعمالها الخالدة التي ستخلد ذكرها على مر الأيام والسنين من خلال حبها لنا واهتمامها بنا وحرصها على سعادتنا، وكانت كل همها وآمالها وأحلامها لوطنها، فهي باقية بيننا إذ نرى أثرها كل يوم في أبنائها وبناتها البررة، الذين أعدتهم لقيادة السفينة من بعدها ليكونوا امتداداً أصيلاً لأعمالها الخيرة يحملون رسالتها التي هي امتداد لرسالة والدها الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه -. يقتفون أثرها، ويلتزمون بنهجها ويحققون آمالها في خدمة أبناء وبنات الوطن الأوفياء المخلصين الذين أكدوا من خلال أيام العزاء مدى التلاحم الفريد بين القيادة والشعب فهنيئاً لك أم فهد بمن تسكنين قلوبهم ويدعون لك. واسأل الله لك المغفرة والرحمة وان يدخلك فسيح جناته. والعزاء بحجم الحزن لمقام والدنا الغالي خادم الحرمين الشريفين وإلى ولي العهد الأمين وإلى النائب الثاني وإلى شقيقتها صاحبة السمو الملكي الأميرة نوف بنت عبدالعزيز راعية النشاطات الثقافية والتراثية النسائية بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة، وإلى أبنائك وبناتك والأسرة المالكة وكافة أفراد الشعب السعودي. وفي نهاية مقالي هذا أقول: لا أملك، بل لا نملك جميعاً سوى الصبر والاحتساب كما أمرنا ديننا الحنيف.. وأن يظل حبل الوداد والوفاء معقوداً بيننا وبينك أميرتنا الحبيبة بالدعاء الصادق لك من القلوب في كل لحظة وفي كل حين أن يرحمك الله، ويغفر لك، وأن يتغمدك بواسع رحمته ويسكنك فسيح جناته، ويلحقك بالصالحين إن شاء الله، فقد خرجت من دار الفناء إلى دار البقاء. * رئيسة اللجنة الثقافية النسائية