لأني أعتمد كثيراً في عملي على برنامج قوقل الأرض لتحديد مواقع العقارات المعروضة أو المطلوبة، حيث ليس من السهل توفر السيارة تحت تصرفي كلما احتجت معاينة عقار أو متابعة عمل، هذا عدا عن زحمة المرور وأزمة المواصلات التي تهدر الكثير من الوقت وتتلف الأعصاب. لذا فقد نمت لدي هواية السياحة الافتراضية حول الأرض! فأنا أشعر وكأني أطير على بساط الريح السحري. فيوماً أحلق فوق قارة أفريقياً تضاريسها، صحاريها وغاباتها. ويوماً آخر أزور الهند وأتجول بين مدنها وقراها. وقد زرت كل قارات الأرض ومعظم مدنها وقراها. وقد زادني ذلك إيماناً بعظمة الخالق عز وجل فكما أني أشعر بكبر مساحة كوكبنا هذا إلا أنني أدرك كم هو متناهي الصغر في فضاء الكون الفسيح. ورحلاتي المكوكية اليومية حول الأرض جعلتني أقدر الجمال الطبيعي لكوكبنا هذا بمحيطاته وبحاره، أنهاره وشلالاته، غاباته وصحاريه. كما ينتزع إعجابي إبداع الإنسان فيما شيده على سطحه على مر العصور. ومن المؤلم أن كوكباً خلاباً جميلاً مثل كوكب الأرض تسكنه شعوب لاتدرك غالبتها إنتماءها الواحد وإنسانيتها المشتركة. لاتستغل التنوع الجغرافي والثروات المتعددة في تبادل المصالح والمنافع، لا تحترم الاختلافات في الشكل والعقائد والثقافات. شعوب أغلبها تضمر الشر والأحقاد تحوك المؤمرات وتجيد التدمير وتحل سفك الدماء، تفضل الهدم على البناء. كما أنني أعود منكسرة حزينة من بعض زياراتي وجولاتي في قرى ومدن في دول فقيرة عندما أتذكر كم تتمتع به من تخطيط سليم وتكامل في خدمات لا تحظى به مثيلاتها في بعض الدول الأكثر ثراءً وأوفر ثروات! وقد لاحظت أن كوكبنا بقاراته الواسعة المترامية الأطراف، وبأزماته وانفجاراته السكانية فإن مساحات شاسعة من اليابسة فيه غير مأهولة ويتكدس سكانه في مدنه المزدحمة بكل المظاهر العصرية سلبيها وإيجابيها! تاركين القرى والأرياف والمزارع للطيور والدواب! وحيث إن جوجل الأرض لا تتيح تقنياته حتى الآن للسائح التفاعل مع سكان المناطق التي تتم زيارتها افتراضياً فالسياحة الفعلية تظل أملاً دائماً للتعرف على شعوب الأرض وتبادل الثقافات والمصالح وأتمنى ألا تتمكن تقنياته يوماً ما من القضاء على التفاعل الإجتماعي الإنساني بين البشر.