** ما أكثر التقارير التي تصدرها أجهزة الرقابة الحكومية وفي مقدمتها ديوان المراقبة العامة.. وهيئة الرقابة والتحقيق.. وتتضمن الكثير من المعلومات والملاحظات والتحذيرات الشديدة من تكرر وقوع الأخطاء والمخالفات المالية والإدارية كمظهرين من مظاهر الفساد المالي والإداري.. ومع ذلك فإن فعالية هذه التقارير تنتهي عند إصدارها.. ** فلم نسمع أن موظفاً كبيراً قد كفت يده عن العمل.. أو وجه إلى القضاء لمحاكمته.. أو استردت منه مبالغ صرفت على غير وجه حق.. أو أُعطى ما ليس له.. أو أُدين برشوة أو بتهمة التربح والانتفاع والكسب غير المشروع.. ** كما أننا - كمواطنين - لم نر.. أو نسمع.. أو نشاهد أن تحقيقاً مجرد تحقيق قد تم مع من «أكلوا» الدولة.. أو خالفوا الأنظمة أو تعدوا على حقوق المواطن.. أو اقترفوا خطيئة تحاسب عليها الأنظمة الصادرة من عشرات السنين.. ** وهذا يجعلنا نتساءل: وما هي فائدة.. أو قيمة هذه الأجهزة الرقابية إذا كانت مهمتها ودورها ومسؤوليتها ينتهي عند إصدار تقارير الإدانة تلك؟! ** ثم ما قيمة ما صُرف من جهود كبيرة.. وتحريات واسعة.. وتحقيقات طويلة قبل توصل هذه الأجهزة إلى المعلومات التي اشتملت عليها تقاريرها تلك.. وإذا هي لم تؤد إلى محاسبة المقصرين.. أو المتواطئين.. أو الوسطاء.. أو الراشين.. أو المرتشين.. أو العابثين بمقدرات الدولة وخيانة أمانتهم تجاهها؟! ** هذه الأسئلة وغيرها تبادرت إلى ذهني وأنا اقرأ مؤخراً عن المناقشات التي دارت في مجلس الشورى لتعزيز هيئة الرقابة والتحقيق للفترة الواقعة ما بين عام 1430- 1431ه والذي تحدث عن (454) مشروعاً تنموياً متعثراً.. وعن وجود (1091) شهادة مزورة.. وعن الكشف عن (1073) حالة رشوة.. وكذلك عن تعرض خزانات المياه في بعض مدارس وزارة التربية والتعليم غير صالحة للاستعمال البشري بالاضافة إلى استخدام سيارات حكومية من قبل أبناء بعض كبار موظفي الدولة.. وأن هناك مساجد لا تعمل ويتم صرف رواتب موظفيها ولا يتم استخدامها.. وان بعض المعامل والمختبرات في بعض الجامعات معطلة منذ (13) عاماً.. وأن بعض الوزارات تطبع اختامها خارج المملكة مما يعرضها للتزوير والسرقة. ** فلقد أشفقت على كل من هيئة الرقابة والتحقيق وكذلك على أعضاء مجلس الشورى.. لأنني أعرف أن مصير كل هذه الجهود هو العدم.. وانه لا توجد خطوات عملية واضحة ومحددة تتبع كل ذلك.. وإذا استمر هذا الحال فإن كل أنواع الفساد الإداري أو المالي لن تتوقف إن هي لم تستمر وتتضخم.. ** ولا أدري إن كانت متابعة هذه التقارير وإنزال العقوبة بالمتسببين في المخالفات هو من بين مهام ومسؤوليات هيئة مكافحة الفساد.. أم أن الحاجة تظل قائمة إلى مرجعية أخرى تملك حق اتخاذ العقوبة للمفسدين.. وإن كنت أتمنى أن يُعطى ديوان المراقبة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق صلاحيات أكبر وأوسع حتى تكون أحكامها أشد وأقوى وأكثر عوناً على استئصال شأفة الفساد من جذورها.. * * * ضمير مستتر: ** ما لم تكن هناك عقوبات رادعة.. فإن دولة الفساد تصبح فوق القانون..