بين التقرير السنوي الذي قدمته هيئة الرقابة والتحقيق مؤخرًا لمجلس الشورى ونوقش بالمجلس، وجوه عدة للفساد، ومخالفات للأنظمة المالية والإدارية في بعض الإدارات الحكومية.. من أبرزها أن نسبة تغيّب الموظفين وتأخيرهم بلغت 15%، مرورًا باستغلال مسؤولين سياراتهم الحكومية للسفر خارج المملكة، واستخدامها من قِبل أبنائهم لأغراض خاصة، وصرف أموال على مساجد لم تُفتح أبوابها، وتعثّر 454 مشروعًا حكوميًّا، إضافة إلى رصد 1091 شهادة مزورة، وكشف 1073 حالة رشوة، بالإضافة إلى الوضع المهترئ لمباني المدارس الحكومية. أشيد وأشد على يد هيئة الرقابة في إبراز التجاوزات الإدارية والمالية من خلال تقريرها الذي اتّسم بالشفافية والوضوح.. وطرحها لهذا التقرير على المجلس يبيّن أن التوجّه الحقيقي والصادق نحو عرض السلبيات بما فيها من تجاوزات إدارية ومالية بشفافية بعيدًا عن الضبابية دلالة على أن هناك مشكلات ومعضلات على طاولة البحث تحتاج إلى حلول.. فالتعرّف على المشكلة، وعرضها، هو أجدى وأسرع طريقة للتشخيص والعلاج. تحتاج هيئة حماية النزاهة ومكافحة الفساد -وهي في فترة المخاض- إلى أن تتضافر الجهود معها من قِبل مجلس الشورى، ومختلف الوزارات، وهيئة الرقابة والتحقيق، وديوان المراقبة العامة، والجهات ذات الصلة، ومفكري الرأي، بكل ما من شأنه دعمها من خلال إبراز التجاوزات، وطرح الأفكار، وعرض الحلول، وسن الأنظمة والقوانين التي تساعدها نحو تحقيق هدفها السامي والوطني والأخلاقي، والمتمثل في محاربة الفساد في ظل حرص واهتمام خادم الحرمين الشريفين شخصيًّا بهذا الموضوع، والذي على أساسه أنشئت هذه الهيئة. ولابد من تكاتف الأجهزة الحكومية المختلفة مع الهيئة بعيدًا عن خلق الأعذار والصراعات والمماحكات الإدارية.. مع إمكانية ربط الوحدات الرقابية الموجودة في الوزارات والمصالح الحكومية بهيئة النزاهة، وذلك ليتسنّى لها مراقبة سير أعمال الأجهزة الحكومية، والإبلاغ عن المخالفات والتجاوزات.. وتحفيز الحس الوطني لدينا نحو تأصيل ثقافة حماية النزاهة ومحاربة الفساد لتكون شعارًا نؤمن بمبادئه، ونقترن بأفعاله، أفكار يمكن أن يسترشد بها في بناء أرضية صلبة تساهم في نجاح عمل الهيئة وتحقيق أهدافها وتطلعاتها. [email protected]