لايفتأ المناوئون للهلال في كل مرة يحقق فيها بطولة مستحقة أو يظفر بإنجاز مدوٍ من إضافة فصل جديد في رواية التشكيك التي كتبوها منذ أمد بعيد، إذ لا يتأخرون لحظة في إشاعة أجواء من التشويش على الحدث؛ بغية صرف الأنظار عنه، أو التنغيص عليه. ويعتبر هذا الأمر قديام بقدم الإنجازات "الزرقاء"، حتى اعتاد الهلاليون على ذلك، فلم يعد غريباً عليهم أن تتحرك المكائن الإعلامية للخصوم لتبث الدعايات المغرضة التي تطعن في نزاهة الانجاز وتقلل من قيمته، بل إن الغرابة تحضر لديهم في حال لم يحدث ذلك، إذ عادة ما يترقبون هبوب رياح التشكيك مع كل إنجاز يحصدونه. وتزداد ضراوة تلك الهجمات عادة مع قوة الإنجاز وصداه، وتتبدل أشكال صياغته مع نوعيته، فإن كان حدثاً محلياً غمز تارة من قناة الحكام، وأخرى من قناة النفوذ، أما حينما يكون الإنجاز خارجياً فليس ثمة حيلة للطعن فيه غير تسخيف قيمة الإنجاز، أو تشويه صورة مانحه، وليس بعيدا عن ذهنية المتابع للشأن الرياضي السعودي تلك الهجمة التي تعرض لها ولايزال الاتحاد الدولي للإحصاء والتاريخ منذ أن توج الهلال نادي القرن في القارة الصفراء. السقا: التشكيك الدائم هدفه الهروب من الواقع والقفز على أسباب العجز ومع تحقيق الهلال مؤخراً لبطولة كأس ولي العهد على حساب الوحدة بخماسية بيضاء لا تبدو الأمور في الساحة الرياضية إعلامياً وجماهيراً على ما اعتاده الهلاليون عند تحقيقهم لكل بطولة من جهة مبادرة المشككين للقفز على المشهد بمجرد إطلاق الحكم لصافرته معلناً عن إنجاز هلالي جديد، إذ عادة ما يطلق المحتقنون من المشجعين العنان لأنفسهم إن حكاية أو كتابة لنيل منه، في وقت تبدأ الآلات الإعلامية المناوئة في التحرك لإطلاق الشائعات، وهو ما لم يحدث في هذه البطولة، ولعل الاكتساح الهلالي للمشهد لعباً ونتيجة لم يتح لأولئك المتربصين لممارسة عادتهم القديمة؛ على الرغم من أن المسرح كان مجهزاً للفريق الوحداوي؛ خصوصاً من جهة إقامة النهائي على أرضه في مكةالمكرمة. ويفسر أستاذ علم النفس الرياضي ورئيس قسم أصول التربية البدنية في كلية التربية البدنية والرياضة بجامعة الملك سعود الدكتور صلاح السقا مثل هذه الممارسة بأنها حالة نفسية لدى المهزوم تفرض عليه عدم الاعتراف بأحقية المنافس وأفضليته للهروب من واقع الهزيمة، لافتاً إلى أنها حالة تتكرس كثيراً لدى المتنافسين في الدول غير المتقدمة رياضياً. ويؤكد الدكتور السقا أن مثل هذه الممارسات تنطلق عادة من غير المتفوقين باتجاه المتفوقين لتبرير العجز ولإبعاد اللوم حماية للذات؛ مشيراً إلى أن العاجز عن إدراك التفوق دائماً ما يعزو هزائمه وإخفاقاته لعوامل خارجية، بينما يعزو تفوقه لعوامل داخلية. الثنيان: لم نعبأ بكل الحملات في السابق فكيف الآن وقد تحطمت كل الأرقام وقال :"في الغرب أثبتت الدراسات أن الفشل غالباً يحدث نتيجة لعوامل داخلية تتعلق بالقدرة والجهد، فحينما لا يملك الشخص القدرة ولا يبذل الجهد الذي يتوافق مع قدرات المنافس الآخر تتحقق الهزيمة، وإذا ما أراد الشخص معاجلة أسباب الفشل فعليه أن يعزو فشله للذات حتى يقومها، بيد أن ما يحدث في رياضتنا هو العكس إذ تعلق أسباب الإخفاقات على البيئة والحكم وغيرها، وهو أسلوب سعودي وعربي عموماً". وعلى الرغم من أن ممارسة فعل التشكيك والطعن على كل منجز هلالي هدفه تقويض "الزعيم" وكبح جموحه إلا أن ذلك لم يحدث؛ إذ ظل "الطوفان الأزرق" هادراً وقادراً اجتياح أصعب الحواجز، رغم تغير الأجيال، وتعاقب السنين إلا أن أهداف التشكيك وأدوات الطعن وقفت عاجزة عن تحييد الهلال، ما جعله يكسر كل الأرقام القياسية، وآخرها فوزه بكأس ولي العهد للمرة العاشرة في تاريخه، والرابعة على التوالي. الرئيس والمدرب والمشرف ويكشف قائد الهلال السابق يوسف الثنيان بأن مسألة التشكيك في الانجازات الهلالية ليست وليدة اليوم بل هي قديمة حتى لتكاد موجود منذ أول بطولة حققها الفريق، لافتاً في الوقت نفسه إلى أنها لا تأتي مصادفة وإنما عن سابق إصرار وترصد. وقال: "الهلاليون اعتادوا على هذه الممارسة، حتى لم تعد تؤثر في الناشئ الهلالي فضلا عن لاعب الخبرة، والسبب لأن هناك قناعة راسخة لدينا جميعاً أن التشكيك والهمز والغمز الذي يظهر عادة مع كل منجز هلالي إنما هو دلالة عجز عند الآخر؛ خصوصاً وأن الانجازات الهلالية لم تأت نتيجة صدفة بل وفق عمل جبار وجهد مضن". وشدد الثنيان على أن الهلاليين باتوا يملكون مناعة ضد أي حملات تشكيك مهما كانت قوتها، مؤكداً بأن الرد عليها كان بتحقيق الإنجاز تلو الآخر حتى استطاع الهلال تحقيق أرقام يصعب تجاوزها". ويمني كثير من المحايدين أنفسهم بأن تكون الأرقام القياسية التي حققها الهلال الذي بات يملك 51 بطولة في رصيده منتظراً البطولة رقم 52 وهي بطولة الدوري التي يترقب التتويج بها بعد أسابيع قليلة حيث ينفرد بالصدارة دون منافس سبباً في كتابة السطر الأخير في رواية التشكيك الطويلة والسمجة في آنٍ، بيد أن العارفين ببواطن الأمور لا يظهرون تفاؤلاً في هذا الشأن في ظل استمراء المناوئين في العزف على أوتار التشكيك المهترئة رغم ما تحدثه من نشاز يؤثر على سمعة الرياضة السعودية، وليس على سمعة الهلال. نائب الرئيس واللحيدان العابد يحتفل على طريقته الخاصة