استوقفني تصريح حول شروط وقوانين باتت بعض دول العالم تسنها لراغبي الزواج من السعوديين !! فهل باتت ظاهرة السعودي المنطلق في أصقاع الأرض، هل بات متورطا بإشكالية كبرى في علاقته مع النساء، ويمثل ظاهرة عالمية تحتاج إلى قوانين تنظم انفلات غرائزه ؟ هل هو قادم من جزيرة عزلاء انقرضت بها النساء منذ عقود فضرب مناكب الأرض ملتاعا باحثا عن رفيقة ؟ هل هذا السعودي يتيم لطيم قد ماتت أمه وليس لديه من يبحث له عن زوجة مستقبلية فلم يملك إلا أن يلجأ إلى سماسرة الزواج في العالم ليحلوا تأزمه ؟ ولأننا لسنا في مقام السخرية والهزل هنا فسأتحول عن هذا وأطرح سؤالا لابد أن يفضي بنا إلى بعضٍ من تفسير لظاهرة السعودي المنتكب لشهواته والمنطلق بها طارقا الأبواب ماخرا البحار قاطعا الفيافي , فهل هذا نتاج طفرة اقتصادية وقعت على( لاوعي جمعي) مكبوت ملجم بقوانين صارمة تنظم علاقته مع النساء؟ هل جلبت تلك الطفرة الاقتصادية نظرة دونية إلى شعوب الأرض تجعل من بناتهن أو نسائهن مقتنى من الممكن الحصول عليه تماما كما نحصل على علاقة المفاتيح بسهولة ومن ثم نتخلص منها بنفس السهولة ؟ وعلى الرغم من توفر قائمة كبيرة من أنواع الزواج المصنعة محلياً ( المسيار –المصباح- المصياف.....) وكل مايشرع الانفلات الغرائزي الرجالي ويسوغه للمجتمع , لكن هذا لم يمنع دول العالم أن تصدر قوانين لكف أذانا عن بناتهم . جميع هذا يقودنا إلى وجود إشكالية كبرى تتحكم في علاقة مجتمعنا مع النساء , وجميع من يرى الأسلوب المحتقن (عالي التشنج) الذي نتعامل به مع ملفات النساء محليا (توظيف-عمل- تمكين.......) , سيفهم حتما بأن قضية المغامرات والنزوات في أصقاع الأرض هي أحد وجوه هذه النظرة المتزمتة عالية الفولتات الكهربائية والمؤطرة بإطارها الشهواني للنساء . على مستوى النص الشرعي نجد أن ركاماً فقهياً تاريخياً حول الآية التي تمنع التعدد وتحصره في نطاق ضيق جدا لتتحول بقدرة قادر إلى آية لتسويغه وتبريره بل وتحويله إلى ضرورة!!((وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا)) فالآية الكريمة (كما يخرجها بعض الفقهاء المستنيرين) نزلت في أعقاب غزوة أحد، عندما سقطت أعداد كبيرة من الرجال المسلمين قتلى، وأسفر ذلك عن ظهور الكثير من الأرامل واليتامى ممن هن بحاجة إلى الرعاية. وكانت لدى الكثير من هؤلاء الأرامل ممتلكات وأراض تركها وراءهم أزواجهم, لتنتهي الآية الكريمة بالنصح بأنه حال الخوف من عدم إقرار العدل، على الرجل الالتزام بزوجة واحدة. وعليه نجد أن القرآن أعلن بوضوح أن تعدد الزوجات مشروط بالعدل. ودرسنا في ألف باء النحو أن جواب الشرط يرتبط بفعل الشرط ومقيد به بمعنى أنه اذا لم يتحقق شرط القسط والعدل وهو (لايكون إلا لنبي أو ملاك ) فامرأة واحدة فقط و بأمر من النص الشرعي . ولو أننا تدبرنا هذه الآية العظيمة بعين حيادية بجميع أبعادها الإنسانية لأنزلنا المرأة المنزلة التي تستحقها, والتي شرعها لها الخالق . ولكننا مع الأسف أسلمنا كثيرا من تشريعاتنا الفقهية إلى فكر ذكوري ضيق أنتج مانراه حولنا الآن من نظرة قاصرة ودونية تطوق ليس النساء المحليات فقط بل طالت شرورها نساء الأرض أيضا .