أجمع مختصون في قطاع السياحة والآثار، على أن برنامج «لا يطيح» ، الهادف إلى إشراك المجتمعات المحلية للمحافظة على المباني التراثية، يمثل سجلا تاريخيا حيا يجسد تاريخ المملكة العربية السعودية ووحدتها المباركة، ويعمل على حفظ المواقع التراثية وإعادة بنائها بالشكل الذي يجسد حياة الأشخاص الذين عاشوا فيها. مشددين على ضرورة تفاعل المجتمعات المحلية مع «لا يطيح» لاسيما النشء منهم، وزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على المباني التراثية ومكنوناتها الأثرية من خلال المشاركة في إعادة البناء والإعمار . علماً أن البرنامج التدريبي «لا يطيح» – والذي نفذ بالتعاون مع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني - يعكس ارتفاع الوعي لدى الأهالي في المناطق بالمواقع التراثية ، مجسداً تفاعل المجتمعات المحلية مع جهود الهيئة وبرامجها في مجال المحافظة على التراث العمراني وتنميته بما يسهم في استفادة هذه المجتمعات منه ثقافيا واقتصاديا وتحويلها من مبان آيلة للسقوط إلى آيلة للنمو وقابلة للاستثمار وموفرة لفرص العمل. وقد اتفق المختصون على وجهة نظر صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الذي سبق وصرح بأن برنامج «لا يطيح» سيكون من أنجح برامج الهيئة لاسيما أنه يهدف إلى إشراك وتمكين الأفراد والمجتمعات المحلية من عملية المحافظة على المباني التراثية، وإعادة تأهيلها واستثمارها اقتصادياً وثقافياً وسياحياً. التراث ملك المجتمع فمن جهته يرى الأستاذ عبد الرحمن بن عيسى الجساس المدير التنفيذي لجهاز السياحة في منطقة الرياض، أن برنامج «لا يطيح» ينطلق من توجه الهيئة وسعيها من خلال حزمة من البرامج والمبادرات إلى تطوير قدرات ومهارات المجتمعات المحلية في القرى والبلدات التراثية وغيرها للمحافظة على التراث العمراني الوطني وترميمه وتأهيله اقتصاديا. مشيراً إلى أن هيئة السياحة تنظر للمجتمع المحلي على أنه المالك الحقيقي لهذا التراث والمستفيد من المحافظة عليه واستثماره، وبالتالي تحقيق تنمية سياحية مستدامة توفر فرص العمل لأبناء تلك المواقع في بلداتهم وقراهم، بدلا من البحث عنها في المدن المكتظة بالسكان. وأبان الجساس بأن الجميع يعلم أن التراث العمراني يمثل ذاكرة المكان التي تروي للأجيال كيف عاش أولئك الرجال الأفذاذ الذين وحدوا هذه البلاد وأسهموا في إحداث التنمية، لاسيما أن لهم طرقا خاصة تتعلق بالتكيف مع معطيات وظروف المكان، وطقسه وجغرافيته، ومع مواد البناء المتوفرة، والظروف الأمنية السائدة، وطرقهم في خزن المواد الغذائية، وعاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية التي تجسدها أنماط البناء، ومساحات البيوت، وتقاربها، وأسواقهم وطرقاتهم. ولفت الجساس إلى أنه من باب الوفاء لهؤلاء الرجال الأفذاذ واستلهاما لتجاربهم، يستحق هذا التراث منا العناية والمحافظة عليه، بل إنه يمكن أن يوفر لنا أماكن نستمتع بها وتوفر لنا تجربة سياحية متكاملة، مؤكدا أن أهمية برنامج «لا يطيح» تأتي كإحدى مبادرات الهيئة في بناء القدرات المحلية في أعمال البناء والترميم بالمواد التقليدية. تفكير سليم من جهة أخرى اعتبر خالد بن أحمد الفريدة أخصائي آثار، أن برنامج «لا يطيح» من البرامج الذكية الناجحة التي تعمل على مشاركة المجتمعات المحلية والأفراد في بناء وترميم المباني التراثية في محافظاتهم، مشيرا إلى أن البرنامج يأتي نتيجة لإحساس المجتمع بالمسؤولية الملقاة على عاتقه تجاه الإرث العمراني الجميل المتنوع والمختلف والذي يمثل عبق الماضي المتميز الذي يحاكي توافقاً عميقا مع عادات وتقاليد هذا الوطن الكبير المتنوع الثقافات والمختلف في البيئات والأقاليم والتضاريس ومواد وطرق وطرز البناء. وأشار إلى أن اهتمام ورعاية الهيئة العامة للسياحة والآثار لهذه الحملة وبمباركة من رئيسها سمو الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز لهو دليل على التفكير السليم تجاه هذا الموروث الهام الذي يعتبر وعاء للسياحة . مضيفاً بقوله « إن تنوع تراث المملكة العمراني - ما بين المساجد والقصور والمنازل والمدارس والأسوار والأبراج والسدود التي تمثل عناصر المدينة السعودية التراثية القديمة – كان له دور رائد في امتلاك مقومات قوية وكبيرة من الفرص الاستثمارية السياحية، والتي بدأت هيئة السياحة بالاهتمام الجاد بها «. كما أفاد الفريدة أن الإحساء شهدت خلال السنتين الماضيتين الانتهاء من ترميم مسجد جواثا ومسجد الجبري ومسجد الجعلانية ومسجد العقير ومسجدي التهيمية وقصر إبراهيم وقصر صاهور وقصر خزام ومنزل البيعة ومدرسة الإحساء الأميرية مؤكداً أن « كافة أعمال الترميم كانت تتم بنفس شكل وأسلوب وطراز المبنى الأصلي وبنفس المواد التقليدية المستخدمة فيه قديما، وتحت إشراف مباشر من فريق مختص من أخصائي الآثار والمهندسين بالهيئة، وأصبحت المحافظة تمتلك تنوعا مختلفا من المباني العمرانية». مضيفاً :» أن فكرة برنامج «لا يطيح» تنم عن النظرة المستقبلية السليمة للمباني وتحويلها مواقع سياحية في المحافظات والمدن».