رئيس الحكومة المغربية يصل إلى المدينة    رئيس وزراء باكستان يؤدي العمرة ويغادر جدة    رئيس الحكومة المغربية يصل المدينة المنورة    1169 شكوى للمسافرين في فبراير.. والأمتعة تتصدرها    هيئة النقل ترصد أكثر من 460 شاحنة أجنبية مخالفة    لتتولى إيصالها إلى مستحقيها في وقتها الشرعي.. منصة «إحسان» تبدأ في استقبال زكاة الفطر رقمياً    بين تحديات السيادة واستعادة قرار السلم والحرب.. لبنان يرفض استدراجه لحرب جديدة    السيطرة على المواقع الحيوية بداية لفصل المعركة الأخيرة.. الجيش السوداني يستعيد معالم العاصمة ويقترب من الحسم    ضمن تصفيات كأس العالم 2026.. الأخضر يبدأ تحضيراته للقاء اليابان.. وسعود يغيب    في إياب دور ال 8 من دوري الأمم الأوروبية.. فرنسا وإيطاليا والبرتغال لرد الاعتبار.. وإسبانيا لتجاوز عقبة هولندا    الإطاحة بمروج 15 كليوجراماً من الحشيش المخدر    مبادرة "بسطة خير السعودية" بالشرقية تشهد ١٥ ألف زائر للأركان والفعاليات الترفيهية    جامعة الملك خالد الأولى وطنياً في "تصنيف التايمز"    مبادرة لإثراء التجربة الدينية لقاصدي المسجد الحرام    "911": لا تصطحبوا الأطفال للمسجد الحرام وقت الذروة    ذكرى البيعة.. تلاحم قيادة وشعب    حملة «جود المناطق 2» تتجاوز 1.4 مليار ريال    الشهري مشرفًا بإدارة الأمن البيئي بعسير    الاحمدي يكتب.. أحمد العجلان والعمادة الرياضية !    الإمارات تفوز بثلاث ميداليات ذهبية في معرض سيدني للطوابع والعملات 2025     أخضر تحت 23 يتغلب على الإمارات    هكذا نتأهل لكأس العالم 2026    الأصول الدولية تتجاوز 5.5 ترليونات ريال    37 % نمو سنوي مركب في سوق سياحة الأحساء    عناق جميل بيعة ودعم وعيد    الذهب ينخفض من أعلى مستوياته القياسية مع تزايد قوة الدولار وعدم خفض "الفائدة"    شهداء ومصابون في غارات إسرائيلية على غزة    إسرائيل تعترض صاروخاً أطلق من اليمن    وادي السيلكون في وزارة الدفاع    مدني المدينة يعزز السلامة الوقائية في رمضان    رمضان موسم التسول الأكبر    الأرصاد الهندية: حرارة مرتفعة ورطوبة متغيرة في نيودلهي    هل تنجح التحالفات بدون أمريكا    قائد السلام    تجديد مسجد الحوزة بعسير بعد 14 قرنًا من بنائه    العيد في السعودية.. فرحة تتجدد وعادات تعكس القيم الإسلامية عالميًا    تعدد المنتجين في «ليالي الشميسي» فوضى تثير التساؤلات.!    دراما تشبهنا    كعب أخيل الأصالة والاستقلال الحضاري 2-2    مئات القتلى والجرحى وسط انهيار المنظومة الصحية في غزة    "الفطمة" عند النخل بمثابة الحبل السري للجنين    المسجد النبوي.. جاهزية مشتركة لأيام العشر    مناشط دعوية وإرشادية في مصليات فنادق "مركزية مكة"    9.600 مستفيد من موائد الملك لتفطير الصائمين في أثيوبيا    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يعالج أورام الكبد باستخدام الأشعة التداخلية ودون جراحة    برامج «أرفى» تصل إلى 1.8 مليون مستفيد    صحي «دخنة» يحصل على اعتماد «سباهي»    النصر يستعيد الرباعي النصر قبل لقاء الهلال    الأخضر يُدشّن تدريباته استعداداً لمواجهة اليابان في تصفيات كأس العالم    مركز التنمية الاجتماعية في جازان يدشن باص العيد جانا    الخيمة الثقافية تعزيز للهوية والتواصل المجتمعي    أكشاك مؤقتة لوجبات إفطار الصائمين    رونالدو: البرتغال تعيش لحظة توتر قبل مواجهة الدنمرك بدوري الأمم    3 تمرات تعادل 15 جراما من الجلوكوز    رئيس الوزراء بجمهورية باكستان الإسلامية يُغادر جدة    مستشفى النعيرية يعزز الصحة في رمضان بحملة "صم بصحة"    نائب وزير التجارة تشكر القيادة بمناسبة تمديد خدمتها بالمرتبة الممتازة    سمو ⁧‫ولي العهد‬⁩ يستقبل أصحاب السمو أمراء المناطق بمناسبة اجتماعهم السنوي الثاني والثلاثين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة «طقة الصدر» أمام الرجال.. ابشر ب«المهايط»!
هل ذبحها «النفعيون» أم اغتالتها «مادية العصر»؟
نشر في الرياض يوم 31 - 03 - 2011

فيما مضى كانت ثقافة «فتل الشوارب» و»طق الصدر» تسود في مختلف أوساطنا، وتحمل في مضامينها الكثير من معاني التضامن والتكافل والكرم، ونبل المواقف.
كانت ضرباً من «الفزعة» التي يغذيها شعار «الناس للناس، والكل بالله»، فلا أحد يقبل أن يرى الآخر في مأزق دون أن يمد له يد العون، وكانت إشارة «طق الصدر» تعني للناس الشيء الكثير، وكثيراً ما «طق» البعض صدره مأخوذاً بنشوة الشهامة، ومضى في التزامه إلى النهاية رغم علمه بصعوبة العواقب، لكن طرفي المعادلة كانا محكومين بميثاق شرف يجعل منهما رهينة لهذا الالتزام، فهذا «يطق صدره» ليكون كفيلاً غارماً لمفلس، وذاك يفعل الشيء نفسه ليحقق له غاية بعيدة المنال بالنسبة له.. لكن مع هذا كان الناس يفون بعهودهم هذه التي تقترب من مرتبة اليمين ب»طق الصدر» أو «فتل الشنب».
اليوم لم تعد هذه الثقافة حاضرة في الفعل الاجتماعي العام، أو لعلها توارت أو اختفت بحيث أصبحت تعد من نوادر الأفعال، والسؤال: ما الذي أخفاها، ودفع بها إلى المقاعد الخلفية في صالون القيم الاجتماعية التي كان الناس يفاخرون بها على أنها صورة من صور شهامتهم ونبلهم، وحبهم لبعضهم؟.
ضعف نوازع الوفاء
لو سألنا الشريحة الأكبر من الناس عن سر غياب أو تقلص هذه الثقافة.. لأجابوا على الفور: إن معايير الوفاء عند الكثيرين هو السبب، وكثيرا ما سمعنا: (يا آخي الناس ما عاد يوفون)، لكن البعض يحيل المسألة إلى أن السر يكمن في تبدل الأحوال، وفي أدوات العصر ولغاته.. ففي السابق كان «طق الصدر» يتم بين رجال مقابل رجال، وغالباً في أمور الكفالات، لكن الطرف الثالث في الكفالة هو شريك في هذه الثقافة، نعني الطرف الدائن مثلاً أو صاحب الطلب؛ لذلك هو كثيراً ما يقدم شيئاً من التسامح أو حتى بعض التنازلات عندما يواجه أي تعثّر في تحصيل حقه..أما اليوم فالطرف الثالث غالباً ما سيكون مؤسسة مالية أو تجارية لديها جيوش من المحامين والمحصلين الذين لا يعرفون معنى (يمه ارحميني)، فضلاً عن أن العقود لم تعد مجرد كلمة شرف، وإنما تحولت إلى عدد من الاستمارات المكتوبة ببنط أبيض لا يكاد يرى بالعين المجردة إلاّ عند الاستيفاء، وحزمة من التواقيع التي تئن لها السبابة والإبهام، والشروط الجزائية التي تستطيع أن تخنق جبلاً لا أن ترعب إنساناً وحسب؛ لهذا أصبح المرء يضرب ألف حساب قبل أن يفكر في أن «يطق صدره» لأحد، أو «يفتل شاربه» له حول أمر معين.. علماً أن موضة الشوارب المعقوفة قد طالها عبث الموضة حتى حُفت، ولم يعد لها ممسكاً لتفتل!.
ترتقي إلى مرتبة «اليمين» لكن «الناس ما عاد يوفون» ويولون الأدبار ويتركون صدورهم عارية
أما الذين «يطقون صدورهم» ليسمعوا جملة (حي فاله) ثم يولون الأدبار.. فهؤلاء خارج الحساب أصلاً ولا قيمة لهم أساساً في هذه الثقافة.. لأنهم طلاب صيت ليس أكثر، حتى ولو كان صيتاً زائفاً أو مؤقتاً.. وهذا لا يلغي إصرار البعض من النبلاء في الحفاظ على قيم هذه الثقافة، رغم كل ما أصابهم من مآسيها في هذا الزمن.. لكنهم مجرد بعض.. فيما نحن نتحدث عن ثقافة كل.. كانت لها كل السيادة ذات يوم.
شاب «يطق صدره» التزاماً أمام الآخر بالوفاء بوعده «عدسة-صالح الجميعة»
ثقافة الأقساط
ثقافة الأقساط التي زج بها اقتصاد السوق المفتوح، وأشاعها وأتاحها بين الناس ويسرها بصيغ عدة من التأجير المنتهي بالتمليك، و»التقسيط المريح!»؛ لشراء أكبر وأصغر سلع الضروريات والكماليات بكل وسائل الإغراء.. هذه الثقافة دفعت الناس لاستسهال عملية الكفالة التي تعد الباب الأول ل»طقة الصدر»، مما جعل «طقة الصدر» لهؤلاء المندفعين خلف المغريات أضر من التفكير بالنزول من الدور الأخير في «برج المملكة» بمظلة شمس، أمام كثرة الطلب وقلة العرض مع تلك المفزعات.. حتى اضطر كل واحد أن يدجج نفسه بجملة من الأعذار والذرائع كل صباح قبل أن يغادر منزله خوفاً من أن يهبط عليه من يستحي منه، ويورطه ب»طقة صدر» غير محمودة العواقب، كأن يدّعي أنه قد كفل خمسة أشخاص قبله، أو أنه سبق وأن حلف بأغلظ الأيمان ألاّ يكفل أحداً ولو كان أباه؛ لأنه تجرع الأمرين من كفالات سابقة.. أو أنه (حالف بالطلاق)، وغيرها من الأعذار والذرائع التي ماعادت تنطلي على طلاب الكفالة.. الذين قد لا يخفون تذمرهم منها وهم يزفرون باحتقار: «يا حيف على الرجاجيل!».. لكن هؤلاء الرجاجيل يعرفون أن «قبيلهم» ما عاد ذلك الشيخ ذو اللحية البيضاء الذي يفتح دكاناً فارغاً إلاّ من (صندوق تجوري) و (دفتر أستاد مديونيات) والذي يمضي سحابة نهاره، وهو يبحلق فيه من وراء نظارته الطبية المقعرة.. ذلك الشيخ الذي يمكن ببعض الحيل الصغيرة، مع قبلة على الجبين.. جره للاستمهال إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، وإنما «القبيل» الآن بنك يسومه العذاب بالملاحقات والاتصالات حتى ينغص عليه عيشه إلى أن يسدد عن مكفوله أو....!.
إذن هذه الثقافة.. هي الأخرى لعبت دوراً في تغييب طيبة الذكر «طقة الصدر»، وجعلتها من ذكريات الماضي التي (تدق في عالم النسيان)!.
«حكة علباء»!
في هذا الإطار الاقتصادي والاجتماعي الجديد لم يعد هنالك مكاناً ملائماً فيما يبدو ل»طقة الصدر».. فقررت أن ترتدي أسمائها القديمة وتنصرف إلى خانة الذكريات.. مثل كريم أفزعته جفوة الوجوه وبرودة المكان لتتحول إلى النقيض.. إلى «حكة علباء» تحمل كل معاني الحرج والهزيمة، وهو أمر طبيعي في ظل عصر مختلف.. وثقافة مختلفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.