اشتاقت قلوب الشعب إلى سماع كلمة القائد العظيم لشعبه مصحوبة بأوامره الرشيدة وعدله الكبير الذي ضرب أطنابه في كل شبر من هذه البلاد، تكلم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بكلمة قليلة الألفاظ كثيرة المعاني والقيم، عبرت عن ما يحمله في قلبه لشبعه من مكانة عالية وشفقة كبيرة وحرص دائم وهَمِّ متواصل لإدخال الإحسان والسرور إلى قلوبهم، فما أجملها من معان وما أنبلها من نفس صافية نقية مفعمة بالخير مشرقة بالإيمان. وجاءت الكلمة في (جمعة) العطاء والوفاء والتلاحم من ملك قال ووفى بما عاهد عليه ربه في رعاية شعبه المحب له فجاءت أوامره السامية وقراراته الحكيمة كالغيث الذي نزل على القلوب فأروى ظمأها وفاضت كالنبع الزلال الذي شرح الصدور وأدخل السرور على قلب كل مواطن ومواطنة. وما أعظمها من كلمات وما أروعها من قرارات خاطب بها وأصدرها ملك عظيم وقائد كبير وشخصية فذة تتلمس مواقع الحاجة ومواضع الإحسان لكل محتاج، وقبل ذلك ملك يضع القرآن والسنة منهجه في الكلمات، وتطبيقه في الواقع للكلمات التي وجهها لأبنائه وبنات وطنه جعل حكم الشرع وقول الحق هو الذي يدفعه إلى النظر في مسئوليته ورعايته لشعبه حتى صارت ولايته وصار عهده الميمون يذكر بما كان عليه سلف الأمة من الخلفاء الراشدين الذين حققوا آثار الولاية الراشدة لرعيتهم فها هو خادم الحرمين الشريفين يحذوا حذوهم ويسير على طريقتهم في العطف على الرعية والإحسان إليهم ومعرفة قدر المسئولية التي تحملها عنهم. ولا غرو في ذلك فهو يستمد منهجه في الحكم من منهج الإسلام القائم على الحب والإخلاص والصدق والإحسان والعمل النافع والثبات على المبادئ، ولذلك فإنه قد بذل جهده وأنفق وقته لخدمة دينه ووطنه وشعبه والاهتمام بمتطلباته واحتياجاته فأي قائد يقوم بهذه المهمات ويستشعر أهميتها بحق ثم يخاطب شعبه بما يحمله لهم من حب وحنان وشفقة وإحسان سوى «عبدالله بن عبدالعزيز» الذي زف هذه الأوامر مترجمة عن الحب الواثق والوعد الصادق فقد قال كلمته وفعل. وصدرت الأوامر الملكية فشملت كل النواحي في الحياة التي تمس المواطن وتلبي احتياجاته، في النواحي الشرعية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية والتعليمية والعسكرية، والصحية والرقابية والمحافظة على المال العام ومحاربة كل فساد يؤدي إلى الضياع والحد من البطالة ومحاصرة الغلاء في المجتمع وإيجاد الفرص المناسبة للشباب في العمل والإنتاج. واتجه الأمر إلى العلماء الأجلاء لما لهم من المكانة والفضل والقدر ولما لهم من دور عظيم في القيام بالواجب الشرعي وقيادة جانب الدعوة والإفتاء والبحث العلمي وتعميق أدب التعامل مع العلماء وعدم المساس والتعرض لسماحة المفتي وهذا عمل شرعي جاء التأكيد عليه في القرآن والسنة لأن الله تعالى ورسوله عظم قدرهم وأعلى من منزلتهم لأنهم المبلغون عن الله دينه وشرعه فوجب احترامهم وتوقيرهم وهذا الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين هو عين أمر الله تعالى في فضل العلماء واحترامهم. كما شملت هذه الأوامر الكريمة معظم القطاعات الشرعية في مجال الإفتاء ومجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن والاهتمام ببيوت الله وعمارتها وتشييدها وهذا الأمر الكريم لهذا المؤسسات الشرعية بالدعم والمساندة وتخصيص المبالغ العالية لإعزازها ورفعتها لتقوم بواجبها وتؤدي رسالتها وتحقق أهدافها هذا الأمر يعد أحد المرتكزات الكبرى التي قامت عليها أصول هذه الدولة المباركة، فدعمها ومساندتها هو دعوة إلى تثبيت هذه الأصول والثوابت في كيان هذه الدولة لتبقى قوية متماسكة عزيزة شامخة بإذن الله تعالى. وفاضت هذه الأوامر لتشمل ربط الناس بالعلماء والدعاة وتخصيص مبالغ لفتح فروع للإفتاء في المناطق، ودعم مكاتب الدعوة والإرشاد، والحاجة إلى هذا العمل الجليل جاء في وقته المناسب، فالناس بحاجة إلى الارتباط بالعلم والعلماء، خاصة في ظل هذا التوسع العمراني والتقدم الحضاري والتقني ليعرف الحق بدليله، فيعملوا على تطبيقه ويعرفوا ما يضاده من الباطل والمنكر فيردوه، وهذا هو دور العلماء والمفتين وسوف يكون لهذا أثر ظاهر وملموس بإذن الله تعالى. كما شملت الأوامر السامية النظر الخاص إلى حماة الأمن والوطن من العسكريين والمدافعين عن أمنه واستقراره وتعزيز مكانتهم ومنحهم الحوافز في عملهم، وكذلك إلى أبناء وبنات هذا الوطن بتوفير الفرص الوظيفية لهم والسكن وتيسير الأمور لهم وإعانتهم ليصلوا إلى تحقيق أمنياتهم في الحياة. ولم تنس الأوامر الملكية الاهتمام بالقطاع الطبي وتوفير وسائل الصحة والسلامة والعلاج لهم حقاً: إنها قرارات فياضة ومتعددة لم يترك الملك جانباً إلا وكانت أياديه الحانية تمتد إليه وتعطف عليه وفي الوقت نفسه التأكيد والتشديد على التنفيذ وعدم التهاون في التطبيق خاصة في الجوانب المتعلقة بالحياة والتي تمس حياة المواطن من رفع الأسعار وغلاء المعيشة. حقاً سوف يشهد التاريخ هذا الموقف الكريم وسوف تكتب الأقلام وتحفظ الذاكرة الوطنية هذه الأوامر الملكية الغالية التي لا تصدر إلا من ملك استشعر عظم المسئولية الملقاة على عاتقه لرعيته، نعم لا تصدر هذه اللفتة الأبوية الا من ملك بقامة «عبدالله بن عبدالعزيز» ويكفي هذا الوطن الغالي وطن الإسلام الأول وقبلة المسلمين يكفيه فخراً وعزاً أن حباه الله تعالى بملك لا يتوقف عن العطاء ولا تطيب نفسه ولا تسعد حياته حتى يرى هذا الوطن وأبناءه وبناته وهم في القمة والسعادة. نسأل الله أن يمد في عمره ويلبسه لباس الصحة والعافية ويبقيه ذخراً للإسلام والمسلمين. والله ولي التوفيق. * وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية