لا تحتاج العلاقة بين الرائد والتعاون لمن يقدح شرارة الاستفزاز فيها، فالناديان في تنافسهما البيني كأنهما يقفان على برميل من البارود، ولذلك كان طبيعياً أن تنفجر الأمور في ساحتيهما بمجرد تسريب التسجيل الصوتي الأخير الذي ظهر فيه مسؤول العلاقات العامة بنادي الرائد أحمد العميم وهو يعترف لمحدثه بأن كبار رجالات ناديه كانوا وراء الدفع بنادي نجران للاحتجاج على التعاون في قضية اللاعب بدر الخميس، وأن يداً لهم في التأثير على لجان اتحاد الكرة في قبول الاحتجاج. هنا لست بصدد مناقشة إن كان العميم صادقاً فيما ذهب إليه أم أنه كان يمزح في حديث ودي مع أمين عام نادي التعاون عبدالعزيز الشيبان، وهو الذي يرتبط معه بقرابة، فضلاً عن كونه مسؤولاً رسمياً و"حاملاً للدكتوراه" كما يقول، وهو الذي تعمد التعاونيون إخفاء صوته عند منتجة التسجيل في تصرف ساذج؛ إذ إن المسألة أبعد من مجرد لعبة منتديات، وأخطر من كونها مناكفة بين عضوين ينتميان لناديين متنافسين. ما جاء من كلام مسجل للعميم يعد خطيراً ليس من جهة اعترافه بتدخل ناديه في التأليب على التعاونيين وحسب، وإنما لزجه بأسماء ذات ثقل في المنظومة الرياضية والاجتماعية في القصيم، فضلاً عن أن من بينها من هو عضو في اتحاد الكرة، وأعني إبراهيم الربدي، والأعظم من ذلك أنها تطعن في أمانة أعضاء مؤتمنين على مصالح الأندية في اتحاد الكرة، ومن غير اللائق الزج بها في لعبة التفكه والاستظراف. وليس أسوأ من العميم إن كان مازحاً أو جاداً، إلا الطرف الآخر المغيب صوته سواء أكان الشيبان كما زعم العميم أو أحد آخر، فعملية التسجيل بحد ذاتها ثم التشهير عبر المنتديات، ومن ثم وسائل الإعلام بكافة أنواعها بعد ذلك، لا تدخل في صراع التنافس الرياضي الطبيعي وإنما تتعداه لتدخل في نطاق الجريمة، ففضلاً عما في عملية التسجيل -دون حق قانوني- من تعدٍ وتجاوز فهي تدخل في نطاق التشهير والإضرار بالسمعة، إذ كان بإمكان الطرف الآخر تسليم التسجيل للجهات ذات العلاقة دون الظهور بمظهر البطل في معركة خاسرة من كل الأطراف. وإن كانت قضية التسجيل الصوتي تكشف عن شيء فإنها تزيح الستار عن خطورة ما بلغه التعصب بين الرائد والتعاون، فهي تتجاوز المحتقنين في المدرجات لتصل لمسؤولين في الناديين سواء رسميين أو شرفيين؛ إذ باتوا هم المغذون للتشنج في التشجيع، والحاقنون للتطرف في التعاطي مع الأحداث؛ وليس ما تعرض له الدكتور صالح بن ناصر من تهديد وقذع وقذف من بعض المحسوبين على التعاون بعيداً عن هذه الواقعة ومثيلاتها. القضية الآن -في ظني- أكبر من العميم والشيبان، فالاثنان إنما يمثلان نموذجين لواقع محتقن في الناديين جعل كل القضايا بينهما أشبه بلعب بالنار، ولذلك فإن معالجة هذا الواقع لا ينتهي عند طرفي التسجيل، وإنما يبدأ بهما حتى يصل لحتمية العمل على تنظيف كل بؤر التوتر في الناديين، ولن يكون ذلك إلا بترتيب جاد بين الرئاسة العامة لرعاية الشباب وإمارة منطقة القصيم، وما لم يحدث ذلك فسيظل الصراع بين الناديين دوماً صراعاً على حافة الهاوية.