تجتمع شخصيات سياسية واكاديمية وادبية، بالاضافة الى ممثلين من مختلف الدول العربية، يوم الثلاثاء القادم الموافق التاسع والعشرين من شهر مارس الجاري في مكتبة الكونغرس الامريكية بالعاصمة واشنطن، لمناقشة أهمية النتاج الفكري لأمين الريحاني( 1876م - 1940م) وملاءمته لمتغيرات عالمنا اليوم. وتضم هذه المجموعة العديد من المتخصصين في تاريخ وأدب الامريكيين من أصول عربية كالدكتور سهيل البشروي من جامعة ميريلاند والدكتور روجر الن من جامعة بنسلفانيا، وسيقوم السفير اللبناني في واشنطن انطوان شديد بافتتاح الندوة فيما يتلو الدكتور سعد البازعي، عضو مجلس الشورى، كلمة الندوة الختامية. ويراهن المشاركون في الندوة على ان اي دراسة للعلاقة بين الولاياتالمتحدةالامريكية والدول العربية خلال قرن من الزمن لا بد ان تبدأ من حيث تنبأ الريحاني بمستقبلها في ثنايا روايته الاولى "كتاب خالد" التي نشرها قبل مائة عام ( 1911 ) كاول عمل لكاتب عربي باللغة الانجليزية، اذ يسرد الريحاني في هذه الرواية، وعلى لسان بطلها خالد، رؤية استشرافية لطبيعة تلك العلاقة واسس استقامتها، داعيا الى ضرورة التعايش السلمي، والتفاهم الحضاري بين الطرفين من اجل بناء عالم اكثر استقرارا. وبالرغم من جهده التاريخي الفاعل في تثبيت دعائم هذه العلاقة، وتفانيه في سبيل انجاحها، الا ان الريحاني يكاد لا يُذكر في الولاياتالمتحدةالامريكية سوى من قبل قلة من الباحثين المتخصصين. وعندما ادرك الباحث الامريكي الشاب تود فاين اهمية هذا الصوت ومعاصرته لكثير من قضايا العصر، قرر التعريف بأمين الريحاني واعماله في كافة الأوساط الأمريكية من خلال انشاء موقع "مشروع خالد" الذي يسعى إلى توعية شريحة كبيرة من القراء في الولاياتالمتحدة باهمية الرواية وكاتبها في التاريخ الامريكي والانساني المعاصر. ونتيجة لذلك فقد عمل تود فاين مع مكتبة الكونغرس لاحياء هذه الندوة بمناسبة مرور مائة عام على صدور رواية "كتاب خالد". وبرجوعنا الى سيرة الريحاني، نجد انه قد عاش فيما يعرف بمنهاتن الدنيا في مدينة نيويورك، وهي المنطقة التي عرفت ايضا بسوريا الصغرى، نسبة الى تواجد جالية كبيرة من العرب (من الشام خصوصا) فيها مطلع القرن التاسع عشر، وهي بالمناسبة المنطقة التي يعمل بعض المسلمين اليوم على انشاء مركز اسلامي فيها. لكن الامر الذي لا يذكره الاعلام الامريكي – وربما لا يدركه – ان هذه المنطقة تعتبر بقعة تاريخية للعرب في نيويورك لكن ملامحها طمست بفعل مشروع النفق المؤدي الى ضاحية بروكلين ومشروع برجي مركز التجارة العالمي اللذين شيدا على تلك المساحة. اما "كتاب خالد"، الذي نشر في نيويورك، فهو عبارة عن قصة لمهاجرين شابين من بعلبك الى نيويورك، يستقران في منهاتن الدنيا ويمتهنان بيع بعض المنتجات البسيطة في شوارع المدينة. احدهما، واسمه خالد، يصل الى نبوءة مفادها ان العلاقة بين الولاياتالمتحدة والعرب ستكون مفصلية في استتباب الامن في العالم. اما في الجزء الاخر من الرواية، فيعود خالد الى لبنان وسوريا ليبدأ بمخاطبة الناس، محاولا اقناعهم ان المبادئ التي قامت عليها الولاياتالمتحدة الامريكة يمكن ان تلهم العالم العربي في مشروعه النهضوي الاصلاحي، وقبله في محاولاتهم الاستقلال عن الامبراطورية العثمانية. وتنتهي الرواية عندما يقوم العثمانيون بمحاكمة خالد ومطاردته في الصحراء. يقدم الدكتور سعد البازعي محاضرة في ختام الندوة - باللغة الإنجليزية - عنوانها "باتجاه الجزيرة العربية: الريحاني في السياق الرومانسي" تتناول رواية الريحاني ضمن اهتمامه بالإصلاح في العالم العربي، الاهتمام الذي دفعه بعد نشر الرواية عام 1910 إلى التجوال في بعض البلاد العربية وفي طليعتها نجد والحجاز حيث التقى الملك عبدالعزيز قبل توحيد المملكة عام 1923 وعبر عن إعجابه بقيادة الموحد على نحو يذكر بشخصية خالد في الرواية، حيث إن خالد يسعى أيضاً إلى تحقيق أحلام وحدوية على مستوى الوطن العربي.