شهدت روسيا تغييرا في سياساتها بعد قيام الرئيس ديمتري مدفيديف للمرة الاولى باتخاذ موقف متباين عن رئيس وزرائه عندما انتقد علنا الاثنين تعليقات فلاديمير بوتين حول النزاع في ليبيا. وفي خطوة مفاجئة محت ثلاث سنوات من التناغم في الحكم، انتقد مدفيديف علنا بوتين على مقارنته قرار الاممالمتحدة الذي يجيز شن غارات جوية على ليبيا ب"دعوة من القرون الوسطى الى حملة صليبية". وقال مدفيديف للتلفزيون الرسمي انه من غير المقبول استخدام تعابير مثل "حملة صليبية" في الاشارة الى النزاع الجاري في ليبيا. وصرح "من غير المقبول تحت اي ظرف من الظروف استخدام عبارات يمكن ان تقود الى صدام بين الحضارات، مثل عبارة (حملة صليبية) او غيرها". واضاف "هذا امر غير مقبول، والا فكل شيء سيصبح اسوأ بكثير مما هو عليه الان. على الجميع ان يتذكروا ذلك". وكان بوتين اعتبر ان قرار مجلس الامن حول ليبيا تشوبه عيوب ويشير بنظره الى نزعة متزايدة لدى الولايات المتحدت الى التدخل عسكريا، وذلك في تناقض واضح مع قرار روسيا الامتناع عن التصويت مما اتاح تبني القرار في مجلس الامن الدولي. وقال محللون ان الخلاف يعلن خصوصا بدء حملة الانتخابات الرئاسية حيث يتوقع عديدون عودة بوتين الى الكرملين بعد مغادرته عند انتخاب مدفيديف في العام 2008. وبعد ان كانت اي خلافات بين المسؤولين بالكاد تلاحظ، فاجأ هذا الخلاف المراقبين لسرعة حصوله في غضون ساعات وللهجته المباشرة. واوردت صحيفة "فيديموستي" اليومية ان "الرئيس مدفيديف بعد موافقته على قصف ليبيا يجد نفسه ازاء ند يتمتع بالنفوذ هو فلاديمير بوتين". وعنونت صحيفة "غايزتا.رو" الالكترونية "شرخ في الشراكة". ومع ان بوتين صرح لعمال المصنع الذي ادلى فيه بتصريحه ان تعليقاته "شخصية"، الا ان المحلل السياسي غليب بافلوفسكي القريب من الكرملين اشار الى ان هذا الاخير ارتكب هفوة سياسية نادرة. وقال بافلوفسكي لوكالة "انترفاكس "يجب ان يؤخذ الرد الحاد لمدفيديف بمثابة تذكير بالحاجة الى الولاء داخل الشراكة حيث لا يمكن للمشاركين فيها خوض حملات انتخابية متنافسة". واضاف "ان معارضي مدفيديف وبوتين على حد سواء واي شخص يريد تفكيك الشراكة وزعزعة الاستقرار سيستغل خطأ بوتين". ودافع مدفيديف عن "تحسين العلاقات" مع الولاياتالمتحدة معززا موقفه بصداقة شخصية قوية مع الرئيس الاميركي باراك اوباما، وهو ما لم يثر حماسة بوتين على الاطلاق. ومن المصادفة ان الخلاف تزامن مع زيارة لوزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس الى روسيا حيث من المقرر ان يلتقي مدفيديف في وقت لاحق الثلاثاء. وكان بوتين صرح منذ فترة انهما سيقرران معا من منهما سيترشح للانتخابات الرئاسية في العام 2012، الا ان الخلاف اثار احتمال الا يتنحى مدفيديف لصالح بوتين. وقال مسؤول في الكرملين لصحيفة "فيدوموستي" ان السياسة الخارجية في روسيا هي من نطاق الرئيس "وحده"، في حين ان تصريح رئيس الوزراء كان تعبيرا عن راي شخصي. الا ان مصدرا في الحكومة صرح للصحيفة ان تعليق بوتين لم يكن عرضيا، لانه كان من الضروري "تصحيح" موقف روسيا حول ليبيا مضيفا ان بوتين سيتحدث مجددا خلال زيارة الى صربيا وسلوفينيا هذا الاسبوع. وكتبت صحيفة "كومرسانت" الليبرالية "السؤال الان هو هل الامر خلاف في الاسلوب داخل الشراكة ام انه اشارة الى انقسامات اعمق يمكن ان تزداد مع اقتراب الانتخابات الرئاسية". على الصعيد ذاته قالت وزارة الخارجية الفرنسية امس إن دعوة روسيا لوقف اطلاق النار في ليبيا يمكن أن تناقش في اجتماع مجلس الأمن الدولي يوم الخميس. وتابعت كريستين فاج المتحدثة باسم وزارة الخارجية في افادة صحفية "يمكن مناقشة ذلك في اجتماع مجلس الأمن يوم الخميس. أعتقد أن وزير الخارجية الروسي أو ممثله سيثير هذه النقطة."