بعد نهاية الحرب العالمية الثانية اتجهت معظم الدول إلى بناء اقتصادها وعلومها بأكثر مما كانت تبذله من جهود لمزيد من بناء قدراتها العسكرية.. أصبحت تهتم بتوسّع علاقات التعاون أكثر مما كانت تتوسع في مسافات العداوات.. وبالذات في أوروبا.. ثم أتى تتويج الخروج من المنافسات العسكرية بين أمريكا وروسيا عندما أسقطت موسكو وجود الاتحاد السوفييتي واكتفت بواقعها الجغرافي لكي تخرج بالمواطن الروسي من ذل الفقر إلى رخاء التنافس المالي ثم الوصول إلى الكفايات الأسرية والمنزلية.. كانت روسيا السوفييتية منتشرة التواجد في أفريقيا بخصوصية أكثر حتى أن الثائر الحبشي نصب تمثالاً للرئيس لينين.. المؤسس الشيوعي.. وكانت الثوريات العربية الفاشلة في أهدافها تستغل وهج ادعاء العداوات في الوقت الذي كانت فيه تمارس أكل الحقوق.. في خضم الاعتدال الدولي برزت إيران الامبراطورية وهي في مسار نهج علمي رصين وكان الشاه الحاكم يخطّط لأن يجعل منها دولة تلتحق بأوروبا أفضل من بقائها شرق أوسطية.. أتى التحوّل السلبي والمؤذي للمواطن الإيراني ولكل الجوار السكاني حوله عندما قامت الثورة الدينية التي جعلت كل السكان تحت توجيه مَنْ هو «آية لله» وبدأت إيران تدخل سجل خصومات لا مبرر لها ولكنها كانت ترى فيها مزوداً تلقائياً لمواطنيها بجزالة الحضور الوطني.. وهو سلوك خرجت منه كل دول العالم.. إنك لا تدري ما هو مبرر وجودها في لبنان؟.. كيف قُبض على متدخلين في الشأن المصري قبل عامين تقريباً؟.. لماذا تم احتلال ثلاث جزر إماراتية؟.. وأمام وضوح أن المجموع الخليجي قد التأم في توحد سياسي وتعاون اقتصادي، وأن الانتقال بين دوله يتم بالبطاقة الشخصية فإنك لا تفهم ماذا يعني اعتراض إيران على وجود درع الجزيرة في البحرين؟.. وكيف يتضح أن أي دولة خليجية هي داعم لاستقرار البحرين؟.. بغض النظر عن المذهبيات فإن البحرين جغرافياً وعرقياً كل كامل العروبة في تكوينه ووجوده.. لو أن إيران تطبق داخلها أنظمة تطوّر علمي واقتصادي وعدالة حضور اجتماعي لحق لها أن تتباهى، لكن من الواضح أن تدخلاتها ليست إلا بعض تغطية لما هو داخلها من خصومات، وما هو في سجونها من شخصيات مرموقة، وكم في مدن الخارج من نازحين بعيداً عنها..