تنطلق فكرة الالتزام بمبدأ «حسن الجوار» في العلاقات الدولية من حقيقة أن أحدًا لا يملك ولا يستطيع تغيير قواعد الجغرافيا، ولا إقصاء طرف إقليمي لحساب طرف إقليمي آخر، كذلك فإن الالتزام بمبدأ حسن الجوار في العلاقات الدولية هو أيضا مبدأ عملي، لأنه يستوعب الواقع ويتعامل مع حقائقه ودقائقه، مدركًا، أن من العبث مخاصمة شعوب مجاورة تقود الخصومة معها إلى عداوات طويلة المدى تستنفذ قدرات وطاقات أطرافها. وبرغم ما قد يبدو في سياسات طهران من براجماتية غريبة على هوى شعوب الشرق، إلا أنه حتى تلك البراجماتية خانها الخطاب الإيراني فما يتعلق بمملكة البحرين الشقيقة، على نحو يمكن أن يستثير العداوات ويرسخها في هذه المنطقة الحيوية من العالم متجاهلا مصالح شعوبها في السلام والاستقرار. التصريحات الإيرانية المستفزة بشأن مملكة البحرين الشقيقة، ودعوة «المسلمين إلى فتحها» تشير إلى تجاهل متعمد لوقائع الجغرافيا وحقائق التاريخ من قبل طهران، وتفتح أبوابًا للشر يتعذر إغلاقها لاحقًا، وإن كان ثمة نصيحة للمسؤولين في طهران، فهى أنه لا معنى ولا غاية ترجى من السعى إلى افتعال خصومات وتأجيج نزاعات مع دول الجوار التي لن تقبل ولن تتسامح أبدًا مع مثل تلك التصريحات والسياسات الاستفزازية، ولهذا نقول لطهران لا تمتحنوا سعة صدر شعوب الخليج، وكفوا عن محاولات الاستعلاء والتدخل المرفوض في شؤون دول المنطقة ومحاولة استدراجها إلى صراعات يعرف البعض كيف يمكن أن تبدأ، لكن لا أحد يستطيع أبدًا التكهن بنهاياتها. البحرين الدولة الخليجية العربية الشقيقة هى جزء لا يتجزأ من مجلس التعاون الخليجي، والوقوف إلى جوارها مصلحة خليجية مؤكدة والتزام خليجي وعربي ثابت. وعلى قادة إيران النظر إلى مطالب شعبهم في البحث عن كرامته وحقوقه الشرعية، بدلاً من الانشغال بادعاءات تتعلق بحقوق الشعوب الأخرى، وبدلاً من التحريض والتهديد الذي تمارسه على تلك الدول التي يفترض أنها دول جارة وشقيقة، فمن يزرع الشوك يجني الجراح.