دعونا نقف قليلًا على ضفة وجودنا كوطن ومواطنين ونسأل : هل هو نكران واضح للأرض والوطن والكيان والتاريخ أن يعمد أثرياؤنا إلى التسابق على الهجرة أو تهجير نقودهم إلى الغرب بمجرد وجود أزمة وإنذار بوجود احتجاجات أو نكد أو أيام سياسية عصيبة رديئة مصحوبة في أكثر جوانبها بالقلق المالي والتوقعات الاقتصادية المستقبلية السيئة؟! وآخر تحديث وجدته عن الموضوع ماجاء في صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية الرصينة في حديثها عن ازدياد عدد الأثرياء الذين يفكرون بالهجرة من الشرق الأوسط إلى بريطانيا بشكل ملفت للانتباه، وذلك بسبب عاملين اثنين: أعمال العنف التي تشهدها المنطقة جرََّاء ثورات وانتفاضات ، والتسهيل المدروس والمخطط له لقوانين الهجرة البريطانية لمن هم من أصحاب الملايين. فعلى ذمة صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية، وصل عدد المهتمين بالهجرة إلى بريطانيا من أثرياء الدول العربية، وخصوصا منطقة الخليج ومصر ، إلى "مستويات غير مسبوقة". ففي تقرير تنشره في عددها الصادر الأربعاء، تنقل الصحيفة عن رئيسة قسم الهجرة في شركة محاماة، في بريطانيا قولها: "هنالك ثمة زيادة كبيرة حقا في عدد الأشخاص المهتمين بالانتقال من الدول العربية إلى بريطانيا، وذلك منذ اندلاع موجة القلاقل في مصر في شهر يناير/كانون الثاني الماضي. وتضيف الخبيرة القانونية قائلة: "لم أرَ سابقة لذلك، فالأشخاص الذين أتحدث إليهم قلقون حقا " . وترى الصحيفة أن وصول هذا العدد من أثرياء العرب إلى بريطانيا، والتي تعاني منذ أكثر من عامين من أزمة اقتصادية خانقة مثل العديد من البلدان الأخرى، يشكِّل بلا شك مفاجأة سارة من مفاجآت الربيع العربي، وبالطبع لم تكن متوقَّعة من قبل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون "الراغب برؤية المزيد من فاحشي الثراء القادمين للاستثمار في بلاده". ليس البر بالوطن والتراب أن نولّي وجوهنا وأموالنا شطر الغرب . ولكن البر من وفّى وأوفى الأرض حقها . ثم إن الأموال في الملاجئ الجديدة لم تعد بمعزل عن حركات ملعوبة وابتزاز وغسيل ومصادرة وتجميد عند أصغر دعوى يقيمها مُستغل . الوفاء للوطن أن نقيم فيه ونشد عضده ، لا أن نهرب منه و " نشيل قشّنا "..