تتعدد الأسباب التي تدفع الزوجين نحو دائرة الطلاق، والتي غالباً ما تكون ضحيتها المرأة، فهناك من الزوجات من ترغب بالطلاق لأسباب تتعلق بطبيعة الحياة الصعبة التي تعيشها مع الزوج، وحينما تطلب الطلاق فإن القانون يجبرها أن تدفع جزءا من المهر الذي قدمه لها الزوج، إلا أن هناك بعض الحالات يعتبرها البعض ليست منتشرة أو شائعة بين الأزواج، وهي الحالات التي يقوم فيها الزوج بالطلاق من زوجته لأسباب قد تتعلق به، كالزواج من امرأة أخرى، أو لانعدام الحب، أو لعدم وجود التفاهم، أو لوجود فروق كبيرة بين الطرفين، ليلجأ إلى تطليق الزوجة وتعويضها بمبلغ من المال كنوع من الإرضاء لها، والاعتراف بحقوقها، أو ربما كنوع من التخفيف من إلحاح الضمير الذي يؤنبه، والذي يخشى أن يكون قد تسبب بظلم تلك المرأة، فيقدم لها ذلك المبلغ حتى يساعدها في حياتها المقبلة، خاصةً مع في ظل وجود الأطفال. كنت محظوظة تقول «سامية»: إن حياتها مع زوجها السابق كانت حياة باردة، بل ولم تعرف الأسباب التي كانت تدفع زوجها للبعد عنها، وعدم التوافق معها، مضيفةً أنه على الرغم من محاولاتها الدائمة لسعادته، إلا أن زوجها كثيراً ما يُشعرها بأنه لا يجد أن هناك توافقا بين المستوى التعليمي والوعي بينهما، خاصةً أنه متعلم جداًّ، في حين لم تستطع هي إكمال تعليمها لظروف ما، وربما ذلك ما دفعه لأن يكون بعيداً عنها، ذاكرةً أنها تفاجأت يوماً بأنه يفاتحها في موضوع إنهاء الحياة الزوجية بينهما، وبالرغم أن ذلك كان صعباً جداًّ عليها، إلا أنها وجدت بأن الطريق في حياتهما الزوجية مسدود، فعادت كمطلقة لأسرتها بعد زواج استمر لأكثر من ثلاث سنوات، مبينةً أن طليقها قدم لها بعد الطلاق مبلغا مقداره (70) ألف ريال كنوع من التعويض على تلك الحياة الزوجية التي رغب هو في إنهائها، وهو الموقف الذي جعلها تشعر بمقدار شهامته، مشيرةً إلى أن هناك الكثير من الزوجات من يعانين بعد الطلاق بسبب ظروفهن المادية، وكثيراً ما يظلم الزوج في مقدار النفقة التي يقدمها لطليقته، إلا أنها كانت محظوظة برجل تعامل معها برجولة كبيرة حتى بعد طلاقهما، وهو الموقف الذي أحست بأن خسارتها كانت كبيرة، بل وغيرت من نظرتها للحياة، وكان أول شيء أقدمت عليه إكمالها لتعليمها ودخولها عالم القراءة. متاع زائد وترى «أم جمال السمار» أن هناك فرقا بين الرجل الذي يطلق ويسلب جميع حقوق طليقته، وبين ذلك الرجل الذي يتعامل مع طليقته وهو يحفظ لها العشرة التي كانت بينهما، حتى وإن كانت المرأة تتصف بالكثير من النواقص، موضحةً أنه من القلة من يتعامل برجولة كبيرة مع طليقته، وبأن يقدم لها ما يعينها على حياتها الجديدة، خاصةً في ظل عدم تفهم المجتمع لطلاق المرأة، ذاكرةً أن المطلقة لا تواجه فقط ضغوطات المجتمع، بل إنها تجد نفسها عائدةً إلى بيت أسرتها بعد أن خرجت من مسؤوليتهم في الإنفاق عليها، فيكون من الصعب عليها أن تمد يدها لأبيها أو شقيقها أو أمها، لافتةً إلى أنه حينما يبادر الزوج الذي طلق زوجته بتقديم مبلغ جيد من المال لها، فإنه سيقدم لها الكثير من المساعدة في حياتها الجديدة، وقد يعوضها عن حياتها الزوجية المنتهية، بدلاً أن تشعر بأنها متاع زائد عن الحاجة في بيت أسرتها، مع مراعاة أن تقدم النفقة كاملة للأطفال بصرف النظر عن ذلك المقدم للزوجة بعد الطلاق. سلوك إيجابي وعلى الرغم من أن سلطانة تركي» ترى أن ذلك السلوك يُعد إيجابياً ويعكس رقي وتحضر الزوج مع الزوجة، إلا أنها لا تعتقد وجوده بكثرة في المجتمع، خاصةً أن الرجل يعتبر الزوجة قد تقاضت ثمن قبولها بذلك الزواج من خلال المهر الذي حصلت عليه، برغم أن هناك الكثير من النساء تساعد بمهرها أسرتها، أو ربما يعود المهر للزوج إذا ما احتاج إليه بعد الزواج من خلال بيع الذهب، مشيرةً إلى أنه حتى وإن وُجد من الرجال ذلك النموذج الشهم في مجتمعنا، فإن سلوكه يستكنر من قبل المقربين له كالأم أو الشقيقات أو الإخوة، مستشهدةً بقصة الرجل الذي صعبت حياته مع زوجته -أم أبنائه الأربعة-، فقرر أن يطلقها بالرغم من توسلات الزوجة بأن تبقى معه، لكن الاستمرار معها بالنسبة إليه كان صعباً جدًّا، لكنه أشترى لها بيتا كتبه باسمها حتى تعيش مع أبنائها الأربعة فيه، وتعهد بأن ينفق على أبنائه وعليها، إلا أن ذلك الصنيع قوبل بالكثير من الاستياء من قبل أسرته التي وصفته ب»الأحمق»، وهناك من شك بأن تكون الزوجة قد سحرته، وكأن الخلق والشهامة سلوك مستنكر في مجتمعنا يرفضه الأغلبية، ويوافق عليه القلة من يحكم الضمير في أفعاله، موضحةً أن المجتمع لا يدعم ذلك النوع من السلوكيات الإيجابية!. عقد الزواج وترى «خلود الرواشدة» -مستشارة قانونية- أن وجود مثل عينة هؤلاء الأزواج، وهم الذين يقدمون للزوجة مبلغاً من المال بعد الطلاق كنوع من التعويض والإرضاء للزوجة بعد طلاقها، يعدون من النماذج النادرة في المجتمع، مضيفةً أن الغالبية العظمى من الأزواج يعتبر الطلاق حقا له، فيطلق متى رغب في ذلك دون شروط، مبينةً أن ذلك يقودنا إلى إلقاء الضوء على دور القانون في توعية المرأة بحقوقها وإنصافها بعد الطلاق بتحديد النفقة المناسبة لها، وأن لا يعتمد ذلك على ما يثبته الزوج من مقدار لدخله الذي قد يكون غير صادق به، بل لابد أن يضمن القانون الحق بالدخول على حساب ذلك الزوج، ومعرفة دخله الحقيقي، خاصةً مع وجود الأطفال، ذاكرةً أن الكثير من الأزواج يقدمون في الشهر (300) ريال أو (400) ريال للزوجة بعد الطلاق كنفقة للأبناء، متسائلةً: ماذا يفعل ذلك المبلغ الذي يصرف في يوم واحد فقط؟، مشيرةً إلى أن هناك إشكالية حقيقية في عدم اهتمام المرأة بعقد الزواج، فالكثير منهن تنسى بأن عقد الزواج عقد مفتوح يمكن لها أن تكتب ما تريده من الشروط المعقولة بعد الطلاق، وأن تضمن حقها بعد الانفصال أو حتى الوفاة، إلا أن ما يحدث أن الفتاة تسعد بتقدم خاطب إليها فتفرح بالزواج دون أن تفكر ب»المؤخر»، والذي يحق لها الحصول عليه بعد الطلاق، موضحةً أن هناك بعض الأسر أصبح لديها وعي بموضوع عقد الزواج، فيذهب الولي إلى محام ويطلب منه كتابة شروط العقد، وما تطالب به الزوجة من حقوق بعد الطلاق، كما تفعل بعض الدول الأجنبية، مع حقيقة أن الشرع لا يمنع ذلك، فالحياة تغيرت وتطورت وأصبحت تحتاج إلى ذلك النوع من الضمان للزوجة، حتى أصبحت الأمور التي تكتب في العقد للمهر وتحديده لا يؤدي الغرض ولا يصب في مصلحة الزوجة. قانون إلزامي وأضافت أن هناك نقصا في وعي الفتيات بحقوقهن، فالهدف الزواج دون أن يكون هناك فكرة على ما يترتب على الزوج، فالمرأة لها الحق أن تحدد مؤخرها، لافتةً إلى أنه ليس هناك من النساء من تطالب بحقوقها بعد الطلاق، مطالبةً بأن يكون هناك قانون إلزامي على الزوج، وبأن لا يترك ذلك المبلغ المقدم منه إلى الكرامة أو الشهامة منه، خاصةً أن غالبية الأزواج يفتقرون إلى تلك الشهامة، مؤكدةً على أن المؤخر لم يعد مضموناً في عقد الزواج، فهناك من الرجال من يلجأ إلى تعليق الزوجة، حتى تتنازل عنه فيطلق، مبينةً أن هناك الكثير من الحقوق التي يمكن أن تطالب بها المرأة بخلاف المؤخر فقط، وذلك ما يحدث في الدول الغربية، فالمرأة حينما يطلقها زوجها، فإنه يتم تعويضها عن المدة التي قضتها في خدمته، والتي من خلالها أنجبت الأطفال منه، بأن تشاركه بعد الطلاق في كل ما يتعلق به من النواحي المادية.