دعا الإسلام إلى تعزيز مبدأ التضحية والبذل والعطاء، ورفع الإنسان إلى المنزلة العظيمة التي أرادها الخالق عز وجل من السمو الإنساني والتكاتف المطلوب، ولعل أكثرها وضوحاً وتصريحاً عمليات التبرع بالأعضاء، التي أثارت جدلاً طويلاً في وقت مضى، إلى أن أصبح مشاعاً مفهوماً لدى مختلف فئات وثقافات المجتمع. وتعد المملكة من الدول الرائدة في الشرق الأوسط وآسيا والدول الإسلامية ذات الإنجازات المتعددة في مجال التبرع بالأعضاء وزراعتها، سواء في مجال التبرع بالأعضاء من الأحياء أو من المتوفين دماغياً، كذلك في مجال تعددية الأعضاء المزروعة بدءاً من القلب والكبد والكليتين والرئتين، إلى جانب القرنية والبنكرياس، وانتهاءً بالأنسجة كزراعة العظم وصمامات القلب. يقول د. فيصل عبد الرحيم شاهين "مدير عام المركز السعودي لزراعة الأعضاء": إن التميز للمملكة مشهود به لدى كافة المحافل العلمية في الشرق الأوسط وكل قارة آسيا، مضيفاً أن انجازاتها تقدم حالياً في المحافل الأوربية والعالمية، حيث يؤكد الجميع أن التجربة للتبرع وزراعة الأعضاء في المملكة ناجحة جداً، بل وتعد الأقوى على مستوى آسيا والمميزة عالمياً، وأن هذا التميز بالإمكان ترجمته إلى أرقام، من خلال إحصائيات المركز السعودي لزراعة الأعضاء، معتبراً ذلك تجربة فذة ومهمة تمكن فيها كافة الصفات المميزة في الأداء والتنسيق والتطوير والحداثة، ضمن إطار الشرع الإسلامي وأخلاقيات الطب السامية، ذاكراً أنها تحظى بالرعاية المتميزة من حكومة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - وسمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض - حفظه الله -، وأيضاً من وزارة الصحة وكل الجهات المعنية في المملكة. د. شاهين: نعاني قلة الوعي تجاه «الوفاة الدماغية» والتخوف من التشخيص الخاطئ إحصائيات عامة وأوضح أن عدد المرضى الموجودين على قائمة الانتظار بلغ (10203) مريض، منهم (1754) مريض جاهزين للزراعة، وهذا العدد يمثل (17.2%) من إجمالي عدد المرضى، بينما بلغ عدد المرضى اللائقين للزراعة وتحت التحضير (2041) مريضاً، أي ما يمثل (20%) من إجمالي المرضى المسجلين في قائمة الانتظار، مشيراً إلى أنه بدأ برنامج زراعة الكبد في المملكة في العام 1990م، حتى تاريخه تم زراعة (935) كبداً، منها (368) كبداً زرعت من متبرعين أحياء سواء للأطفال في مستشفى القوات المسلحة بالرياض، أو للبالغين بكل من مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، ومستشفى الملك فهد للحرس الوطني، مبيناً أنه بلغ مجموع الأكباد المزروعة بالتبرع بعد الوفاة (568) عملية زراعة كبد، وأنه في هذا العام تم زراعة (50) كبداً من أحياء أقارب، و(58) من متوفين دماغياً، ذاكراً أنه تم زراعة (186) قلب كامل خلال (15) سنة منذ افتتاح المركز، إضافة إلى (515) قلباً أخرى استخدمت كمصدر للصمامات البشرية، وأنه في هذا العام كان عدد القلوب التي زرعت كقلب كامل (18) قلباً، بينما كان عدد تلك التي استخدمت كمصدر للصمامات البشرية (18) قلباً. وأضاف أنه على الرغم من أن عدد القرنيات المزروعة داخل المملكة منذ بداية البرنامج في عام 1983م قد تجاوز ال (19000)، إلاّ أن عدد القرنيات المستأصلة محلياً داخل المملكة ضئيل جداً، مقارنةً بتلك التي تُجلب من الخارج، حيث وصل مجموعها إلى (630) حالة فقط، موضحاً أنه بلغ عدد عمليات زراعة البنكرياس داخل المملكة منذ بداية البرنامج في العام 1990م حتى الآن (62) عملية، إضافة إلى (44) رئة تم زراعتها منذ العام 1990م حتى نهاية عام 2009م، مشيراً إلى أنه في إطار برنامج تبادل الأعضاء بين المملكة وكل من أسبانيا ودولة الكويت ودولة قطر ومملكة البحرين، فقد تم الاستفادة من (45) كلية و(71) كبد وسبعة قلوب كاملة، إلى جانب (40) قلباً للصمامات البشرية وأربع رئات. علي الغفيلي مذيع قناة MBC متبرعاً بأعضائه «ارشيف الرياض» جهود متواصلة وأكد أن من أهم الأنشطة التي يقوم بها المركز التنظيم والتنسيق للبرامج والدورات التدريبية، والتي تعقد داخل المركز وخارجه، حيث ساهمت إدارة العلاقات العامة والإعلام والنشر في فعاليات جميع الندوات التي نظمها المركز خلال العام المنصرم، والمشاركة في المهرجانات والأسابيع الصحية والوطنية، إضافة إلى إبراز نشاطات المركز من خلالها، كما شارك المركز في العديد من المعارض الطبية والمؤتمرات والندوات المحلية مع تكثيف وتنشيط الحملة الإعلامية في جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة؛ لإبراز أهمية التبرع بالأعضاء، ولإنقاذ حياة المرضى بشكل يتناسب مع ازدياد عدد مرضى القصور العضوي بالمملكة، إلى جانب توزيع آلاف من بطاقات التبرع بالأعضاء بعد الوفاة على معظم القطاعات العامة والخاصة وفي المناسبات الوطنية العامة، والتنسيق الدائم والمستمر للمركز مع الجهات المسؤولة عن نشر الوعي الصحي مثل وسائل الإعلام و إدارات التوعية الرسمية والخيرية، وكذلك متابعة كل ما ينشر عن برامج زراعة الأعضاء في وسائل الإعلام المقروءة والمرئية، وتزويد وسائل الإعلام بتقارير دورية عن برامج زراعة الأعضاء، واستمرار إصدار نشرة التواصل الشهرية التي صدر منها حتى نهاية شهر ذي الحجة 1431ه (160) عدداً، حيث تعنى بأخبار مرضى القصور العضوي، إضافة إلى كونها نشرة اجتماعية وإنسانية، أثمرت عن تعاون ومشاركة المهتمين على جميع المستويات، لافتاً إلى أن المركز قام بتوصيل رسالته النبيلة عن التبرع بالأعضاء والتواصل مع جماهير البرامج والإجابة عن تساؤلاتهم واستفساراتهم، وكذلك النظر في بعض الحالات التي عرضت في هذه البرامج والتواصل معهم وحل مشكلاتهم. معوقات التبرع وذكر أن من أبرز المعوقات التي تواجه برنامج التبرع بالأعضاء وزراعتها، قلة الوعي لدى المجتمع بمفهوم الوفاة الدماغية، والخلط بينه وبين مفهوم "الغيبوبة"، إلى جانب التخوف من التشخيص الطبي الخاطئ لدى عامة الناس، عندما يتم تشخيص أحد أقاربهم بأنه متوفى دماغياً، إضافة إلى إقلال الوسائل الإعلامية في تعاطيها لموضوع التبرع بالأعضاء، ونشر ثقافة التبرع بالأعضاء بين فئات المجتمع.