كل الاحترام والتقدير لكل العلماء ، في وقت تعاني فيه الأمة من تضارب في الفتاوى من رجل دين إلى آخر. والحمد لله فلا زال أهل العلم يرد بعضهم على بعض ويبين بعضهم خطأ بعض ، دون اتهام عالم بأنه باع دينه بفتوى قصد بها عرضا من الدنيا . فالأصل في العلماء السلامة، وقد تكون الفتوى ، وتراثنا الفقهي مكتظ بتنويه العلماء بما حذر الرسول صلى الله عليه وسلم أمته من زلة العالم حيث قال (إني لأخاف على أمتي من ثلاث: من زلة عالم، ومن هوى متبع، ومن حكم جائر)"الطبراني" . فأثر زلة العالم على الأمة والشباب بالذات "المفجر لنفسه" وسط الحشود من الناس أو أن يشعل فيها النار احتجاجاً على وضعٍ (ما) ، ظاناً أن فعله قربة إلى الله عز وجل . رغم من أن الفتوى بمشروعية ذلك أو الترحم على من حرق نفسه ، رغم أنها تبدو صغيرة من الصغائر إلا أنها تصير باتباع الناشئة لها كبيرة من الكبائر قال معاذ (إياكم وزيغة الحكيم، فإن الشيطان قد يتكلم على لسان الحكيم بكلمة الضلالة) "البزار". ومن المعلوم فيمن يضع المتفجرات في جسده ، أو يشعل النار قاتلاً نفسه ، أنه ليس بشهيد بل هو منتحر قاتل للنفس التي حرمها الله . ومن الفتاوى العلمية الدقيقة والمحرمة "الذي يجعل المتفجرات في جسمه من أجل أن يضع نفسه في مجتمع من مجتمعات العدو قاتلا لنفسه ، وسيعذب بما قتل به نفسه في نار جهنم ، خالدا فيها مخلدا ، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن قتل نفسه" . وعجبا من هؤلاء الذين يقومون بمثل هذه العمليات ، وهم يقرؤون قول الله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما )"النساء 29""فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة ، ص 181" ويمكن إرجاع زلل فتوى العالم في حكم الذي يفجر نفسه أو يحرقها إلى: الفتوى بمجرد العاطفة والرأي ودون تعمق في البحث عن النصوص الشرعية . الخطأ بتقديم المصلحة على المفسدة ، و الصواب أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح . عدم إدراك المفتي لمقصد المستفتي، فقد يقصد أن يتخذ من الفتوى ذريعة لشر ووسيلة لفساد، فتلك الزلة تجعل الناس يضلون. فإذا تكرر الزلل ممن يتصدى للفتوى فلا بدَّ من مقاطعته لأنه يغلب على فتاويه مخالفة الشرع . وجزى الله فضيلة إمام المسجد الحرام الشيخ صالح أبو طالب ، ومفتي الديار المصرية ، وغيرهم ، ممن عرفوا كيف يبينوا للناس الحكم الشرعي فيمن يحرق نفسه . ونأمل ممن زل لسانه وغلبت عليه عاطفته لبعض المواقف على الساحة .. أن يستغفر الله .. بدلاً من أن يستغفر لمن قام بحرق نفسه ، ويعيد الأمور في مجراها الصحيح خصوصاً ممن لهم مكانة في عالمنا الإسلامي . *جامعة أم القرى.