رتال تختتم مشاركتها كراعٍ ماسي في سيتي سكيب بإطلاق حزمة مشاريع نوعية بقيمة 14 مليار ريال وتوقيع 27 اتفاقية    بعثة الاخضر تصل الى جاكرتا استعداداً لمواجهة اندونيسيا    القوات الجوية السعودية تختتم مشاركتها في معرض البحرين الدولي للطيران    طرح تذاكر السوبر الايطالي في الرياض    جدة تشهد أفراح آل قسقس وآل جلمود    السفير ابن بيشان يقدم أوراق اعتماده لسلطان عُمان    الفيفا ينشر «البوستر» الرسمي لبطولة كأس العالم للأندية 2025    إحباط تهريب 380 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    القمر البدر العملاق الأخير    تركي آل الشيخ يعلن القائمة الطويلة للأعمال المنافسة في جائزة القلم الذهبي    قادة الصحة العالمية يجتمعون في المملكة لضمان بقاء "الكنز الثمين" للمضادات الحيوية للأجيال القادمة    جامعة أم القرى تحصد جائزة أفضل تجربة تعليمية على مستوى المملكة    المملكة تواصل توزيع الكفالات الشهرية على فئة الأيتام في الأردن    فريق قوة عطاء التطوعي ينظم مبادرة "خليك صحي" للتوعية بمرض السكري بالشراكة مع فريق الوعي الصحي    وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية فرنسا    الذهب يواجه أسوأ أسبوع في 3 سنوات وسط رهانات على تباطؤ تخفيف "الفائدة"    النفط يتجه لتكبد خسارة أسبوعية مع استمرار ضعف الطلب الصيني    خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    ميقاتي: أولوية حكومة لبنان هي تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701    "الخبر" تستضيف خبراء لحماية الأطفال من العنف.. الأحد    ليس الدماغ فقط.. حتى البنكرياس يتذكر !    البثور.. قد تكون قاتلة    قتل أسرة وحرق منزلها    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمين الأمم المتحدة يؤكد في (كوب 29) أهمية الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية    إصابات بالاختناق خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة الخضر جنوب بيت لحم    هيئتا "السوق المالية" و"العقار " توقعان مذكرة تفاهم لتنظيم المساهمات العقارية    «قمة الرياض».. إرادة عربية إسلامية لتغيير المشهد الدولي    الحكم سلب فرحتنا    «خدعة» العملاء!    الخرائط الذهنية    جرائم بلا دماء !    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    علاقات حسن الجوار    الشؤون الإسلامية في منطقة جازان تقيم مبادرة توعوية تثقيفية لبيان خطر الفساد وأهمية حماية النزاهة    «السوق المالية»: تمكين مؤسسات السوق من فتح «الحسابات المجمعة» لعملائها    لماذا فاز ترمب؟    عاد هيرفي رينارد    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويتفقد حرس الحدود ويدشن مشروعات طبية بينبع    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    استعادة التنوع الأحيائي    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    مقياس سميث للحسد    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغرب يريد إسلاماً خالياً من العروبة
نشر في الرياض يوم 06 - 03 - 2011

تكثر المؤشرات على وجود اتجاه سياسي لدى الدول الغربية القوية في أميركا وأوروبا يدعو الى التعاون الرحب والمتميز مع الدول الاسلامية غير العروبية ولو على حساب الاسلامية العربية. وهذا أكثر ما يكون وضوحاً في الحماسة التي تتناول بها أقلام الكتاب الغربيين والاذاعات والتلفزيونات أخبار اسطنبول وطهران بغض النظر عن المواقف الاعلامية المنتقدة للرئيس الايراني أحمدي نجاد، فنادراً ما تخلو صحيفة غربية من سحبات تغزل صريح بهاتين العاصمتين الاسلاميتين. حتى يكاد مديح هاتين الدولتين تركيا وإيران يظهر أحياناً وكأنه طعن بالدول العربية أكثر مما هو إشادة بالبلدين الإسلاميين غير العربيين.
كأن الكتابات الغربية هذه لم تحفظ من تراث التاريخ الاسلامي إلا ما كان يردده الشعوبيون خلال العصور من نفثات الحقد على العرب وكل ما له علاقة بالعرب وثقافتهم وتراثهم. إنها مدرسة كاملة منحازة ضد العرب ظهرت عند بعض المستشرقين الأوروبيين في كتب سميكة لم يتخلوا فيها عن نهجهم هذا المنحاز ضد العرب إلا عندما كادت كتاباتهم تصبح فضيحة علمية للاستشراق والمستشرقين، واكتشفوا مع غيرهم أنهم يحولون من حيث يعلمون او لا يعلمون نهج الاستشراق الذي هو نهج علمي بالأصل الى مؤسسة ذيلية، لأطماع السياسات الغربية.
صحيح أنك قد تجد في صحف الغرب وإعلامه ما هو موجه ضد كل ما هو ومن هو مسلم، ولكنك بالتأكيد سترى أن القسم الأكبر من السلبيات سيكون موجهاً ضد العرب عموماً وخصوصاً المسلمين منهم.
أكثر وأوضح ما اتصف به إنتاج هذه المدرسة العلمية الراقية بالأساس مدرسة الاستشراق هو تضخيم حصتي الأتراك والفرس في الحضارة الاسلامية على حساب العرب مفسحة مكاناً واسعاً لما هو معروف في التراث العربي بالشعوبية. أي ذلك النزوع الى الطعن بالجنس العربي لحساب كل ما هو غير عربي ومن هو غير عربي من المساهمين في الحضارة الاسلامية، ويمكن القول إن الغرب الاستعماري نجح الى حد بعيد في تلميع صورة ايران وصورة تركيا على حساب العرب، ولولا مقولة الكاتب الفرنسي غوستاف لوبون الشهيرة: ما عرف التاريخ فاتحاً أرحم من العرب لما كان أحد تقريباً من الأميركيين والأوروبيين على استعداد لاعطاء العرب المسلمين حقهم في التاريخ العربي الاسلامي، وكأن قرآن المسلمين ليس بالعربية وكأن محمداً لم يكن عربياً من قريش.
يفاجأ كل طالب معرفة بالتاريخ بدرجة انحياز الكتابات الأجنبية للحضارتين التركية والفارسية على حساب الحضارة العربية، ولولا جدية بعض الكتابات الغربية عن الأندلس العربية لكان الانطباع عند غير المتابعين أن الحضارة الاسلامية ليست هي أيضاً بالأصل عربية.
لعل التفسير لذلك هو أن في تاريخ كل من تركيا وإيران ظواهر استعداد عند كليهما لاتخاذ الغرب نموذجاً لتطلعاتهم الى المستقبل، الأمر الذي يتحفظ عليه العرب شعوراً منهم بتجذرهم في ثقافتهم وحضارتهم ولغتهم، فالعربي المسلم وغير المسلم لا ينسى الحديث الشريف الذي نشأ وتربى عليه والقائل: ان العربية هي لسان أهل الجنة. وهذا ايضا ما يفسر مقولة الزعيم المصري القبطي مكرم عبيد المجاهر بإسلامه وبمسيحيته معاً، وهو المردد في أكثر من مناسبة عبارة شهيرة: أنا مسيحي ديناً ومسلم وطناً!
أما الصحوة الكبرى في تاريخ هذه المنطقة فهي بلا شك صحوة الهوية العربية أو قل القومية العربية عند كل الشعوب الناطقة بالضاد التي أوصلتها تجاربها الى اعتماد العروبة قاطرة لتقدمها ونقطة انطلاق لتحررها وتوحدها ودورها كشريكة فاعلة في تقدم البشرية.
والواقع ان المنطقة لم تتسلم طريقها الصحيح الى الوجود الحقيقي على خريطة العالم إلا بعد اعتمادها العروبة قاعدة للتوحيد بين الأديان ودرعاً للدفاع عن الأوطان وقوة على مواجهة الطامعين من المستعمرين ولا سيما الصهيونية التي قيل فيها أنها ذلك الاستعمار المتخصص بالعداء للأمة العربية والذي يريد لنفسه كل شيء على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي والديني على حساب أمة واحدة هي الأمة العربية.
لا تكن عربياً وبالأخص عربياً مسلماً وكن من تشاء فسترى إعلام الدول الغربية كيف يسارع الى إنصافك في الاعلام الغربي وغير الاعلام من المجالات. صحيح أنك قد تجد في صحف الغرب وإعلامه ما هو موجه ضد كل ما هو ومن هو مسلم، ولكنك بالتأكيد سترى أن القسم الأكبر من السلبيات سيكون موجهاً ضد العرب عموماً وخصوصاً المسلمين منهم.
إن ذاكرة الغرب قوية وهي لا تنسى البارزين من الأتراك كمصطفى كمال وعصمت اينونو أو من الايرانيين كرضا بهلوي الذين كانوا يرون في الغرب المثال المحتذى في كل شيء وليس في ميدان من دون آخر. وساذج من العرب من لا يرى الغلو في العداء الغربي له ولأمته. طبعاً يجب الحذر من المبالغة في التعميم، ولكن ينبغي في المقابل الحذر من الوقوع في السذاجة، فظاهرة العداء للعرب من دون غيرهم من المسلمين حقيقة لا بد من أن ترى وتبقى في الأذهان.
طبعاً كل تعميم في هذا المجال خاطئ ولكن يبقى مطلوب من كل عربي أن يلاحظ أنه بين غيره من الأقوام يبقى مستهدفاً خصوصاً وهو يلاحظ السخاء الغربي في امتداح إنجازات الفرس والترك في مقابل التهوين من فضل الحضارة العربية الاسلامية، بل الحضارة العربية بالمطلق إسلامية أو غير إسلامية.
إن الغرب اليوم غير الغرب بالأمس، وهو أعلم بشؤوننا مما كان أسلافه، فالغربي الساذج في التعامل مع المنطقة وشعوبها وأديانها قد مضى وانقضَّ ليحل محله الغربي الخبير والدقيق في المعرفة بشؤوننا.
لكن يبقى علينا نحن العرب أن ننتقل في علاقتنا مع الغرب من عقلية المتلقي لسياساته الى مستوى القادر على الصمود أمام ظواهر تقدمه مدركين أنه إذا كان عصر الاستعمار المتكل على التفوق العسكري قد تراجع أو شاخ فإن التنافسية تبقى في هذا العصر القاعدة التي تقوم عليها العلاقات بين الدول والمجتمعات. ولا يكون العربي الحاكم أو المحكوم عائشاً عصره إلا إذا هو أدرك طبيعة وشروط فرض الذات في عصر التنافسية الصعبة التي وحدها كفيلة بأن تعطي كل ذي حق حقه. صحيح ان عصر الاستعمار لم ينته في الغرب ولا يزال ينظر الى الحركات الشعبية في البلدان العربية أو يريد أن ينظر اليها على انها عمليات فوضى وشغب.
بينما يعتبرها في البلدان غير العربية حركات ديمقراطية وتعبيراً حراً عن النزوع الى التقدم والسبب في ذلك تمسكه بنظريته الى المجتمعات العربية على انها قاصرة عن استخدام وادراك المفاهيم والأساليب الديمقراطية بصورة كاملة وصحيحة.
لكن انتفاضة تونس وليبيا ومصر ضد حسني مبارك كشفت عن تمسك الدول العربية بدورها الوطني والقومي العربي. بل ان ما عجز عنه جمال عبد الناصر في عز تألق دوره من تقديم نظامه كقدوة للدول العربية والاسلامية تكاد تنجح فيها اليوم الانظمة الجديدة بفضل اقترابها من مفهوم الديموقراطية.
والفارق بين الأمس واليوم في مصر مثلا، ان اعجاب العرب كان بشخص عبد الناصر كحاكم، بينما الاعجاب العربي اليوم هو الى حد بعيد بالنظام المصري لا بشخص الرئيس.
وطبعاً لا حاجة الى الاشارة الى أن الديمقراطية اللبنانية على ايجابياتها لم تستطع أن تجعل من نفسها جذابة للشعوب العربية التي استمرت تنظر الى لبنان كساحة نزاع للتيارات السياسية المختلفة لا كنظام حكم جدير بأن يقتدى. ولعل قبطية المسيحي المصري الشرقية كانت أقرب للعربي المسلم من سواها من المسيحيات الشرقية وغير الشرقية الموجودة في لبنان وسوريا والعراق. خصوصاً وأن مصر تبقى وطن الأزهر بكل ما في ذلك من مكان ومنزلة في قلوب المسلمين العرب وغير العرب ولبنان ككل بلد عربي يعرف جيداً أن من تسبقه مصر من الدول العربية لا يكون مسبوقاً بالمعنى المسيء للكلمة، فمنزلتها محفوظة في كل حال.
وبالمقابل يبقى واضحاً الحرص الغربي على عدم الاضاءة على حقيقة اساسية جامعة بين العرب هي العروبة كهوية قومية، وكمشروع مستقبلي ما قامت اسرائيل إلا لتعطيله بينما شعوب آسيا وافريقيا تقتنع كل يوم أكثر فأكثر بأنه خط الدفاع الأول عن حقها. وهل ان السياسة الغربية كانت وما تزال أقرب الى الانفتاح على تركيا وايران مما هي على العرب بالمطلق ولاسيما العروبة كقاطرة لطموحاتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.