اطلعت على ما خطته أنامل الأستاذ: عبدالله بن محمد الشايع في جريدة «الرياض» عدد: رقم (15572) تاريخ (8 ربيع الأول 1432ه) صفحة تاريخ وحضارة بعنوان: تعقيباً على جانب من اختياراتي المتعلقة بطريق البصرة التجاري من حجر. ولقد سررت بذلك أيما سرور ليس لأن هذا مما يرفع من قيمة البحث ولكن مرد سروري تحرك البحث والمناقشات في هذا الجانب بعد سكونه اثر وفاة الشيخ حمد الجاسر والشيخ سعد الجنيدل - رحمهما الله - ومرض الأستاذ عبدالله الخميس - عافاه الله - وانشغال الشيخ محمد بن ناصر العبودي بأعبائه العملية - أعانه الله - هذا من جانب والجانب الآخر من أسباب سروري أني ألحقت - من طرف الأستاذ عبدالله - بأعلام أجلهم (الشيخ حمد الجاسر والشيخ سعد الجنيدل والأستاذ عبدالله بن خميس والشيخ محمد بن ناصر العبودي) الذين منهم من لم يجرأ الأستاذ عبدالله على مناقشته إلى أن واراه الثرى مثل الشيخ حمد الجاسر، أما البقية فيبدو أنهم آثروا تجنب الخوض في المهاترات التي تصوغها يد الأستاذ عبدالله وأسلوبه وكذلك لأنهم شيوخ في العلم والسن، أما أنا و- أعوذ بالله من الأنا - فأقلهم سناً وعلماً وقدراً ولذا سأتولى المناقشة ؛ إحقاقا للحق وغير ذلك من الأسباب التي سأوردها لاحقاً لا لأني أفضلهم. وأنا في هذا المقام أوجه خطابي إلى المتابعين المنصفين الباحثين عن الحقيقة من مصدرها لا من التعصب للأشخاص وإنما للاختيار الأصح وهم كثر بحمد الله –والله اعلم-. ابدأ بسم الله فأقول متحاشياً الدفاع عن نفسي وشخصي مما قاله الأستاذ عبدالله في تعقيبه من تهجم وأكتفي بالدفاع عن اختياراتي. 1- مما قاله الأستاذ عبدالله أن موقعي ليس من العرمة ولا ننتظر أن يحدد العرمة الأستاذ عبدالله ولكن الذي يحددها الأقدمون وأهاليها المقيمون فيها منذ أمد بعيد ولم يقدموا قريباً من عالية نجد فهم يسمونها العريمة تصغيراً للعرمة ويبدو لي أنها ليست مجرد اسم وطبيعة وهدامتنا واقعة لديهم فيها، وكما هو واضح للمتأمل فان هدامة امتداد شمالي للجبيل (خنزير) وهو من العرمة كما لا يخفى على المبتدئ فضلا عن من هو أعلى من ذلك، بل إن انفصال العرمة الذي نص عليه صاحب كتاب بلاد العرب يقع في نهايتها من جهة الشمال كما هو واضح للمتأمل على الطبيعة، والعرمة ليست بصك يحدها فلان شمالاً وفلان جنوباً وهكذا وعلى من ادعى غير ذلك الإثبات ولكن من كلام المتقدمين أو من أهالي المنطقة الموثوقين وليس من كيسه : والدعاوى إن لم يقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء 1- أما مصانع هدامة واحدها مصنعة –وهي للعلم ثلاثة- فلا أظن الشايع حكم عليها من الزيارة الميدانية وهو من كبار الدعاة إلى مصاحبة البحث المكتبي للميداني وسبب ظني ليس الاتهام والتجني بل لأنه وصفها وصفاً يخالف واقعها وبين يدي الكلام عليها انقل كلاماً للهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب صفحة- 138- : (وبالصمان المصانع وهي: معمولة من الارض مرصوفة بالصفا عن جوانبها) وهذا يعني -حسب فهمي لنص الهمداني- أن ما تدخلت فيه صناعة يد الإنسان فهو المصنعة وجمعها مصانع كما أسلفنا أما الدحل فهو ما لم تتدخل فيه صناعة الإنسان أي الطبعي. وعلى من يرى غير ذلك الإثبات وإفادتنا وذلك من كلام المتقدمين لا من اختراعه وكيسه، وعلى الأقل ليفيد المتابعين وحتى –لو فرضنا جدلاً- لو كان الماء المشار إليه دحلاً فهذا لا يغير شيئاً فالدحل والمصنعة ماءان بنص كلام الهمداني السابق والذي أكرر الشواهد منه للتأكيد.. (والصمان مياهه وهي دحول تحت الأرض – إلى قوله – وبالصمان المصانع وهي معمولة من الأرض...). فصاحب كتاب بلاد العرب وصف الجرباء بأنها ماء ولم يفصل عن كنه هذا الماء هل هو بئر أم دحل أم مصنعة. .. 2- أما كون الموقع من مواقع بني حنيفة وديارهم فانه من المعلوم بأن تميم من القلة التي شاركت بنو حنيفة في ديارهم حتى في العارض فكيف بما هو خارج عن ذلك. والبلدية لم تحدد لهم موقعاً وتضع عليه علامة لا يتعدونها فالقبائل في ذلك العصر تتقارب وتتداخل وتتآزر كما لا يخفى على منصف، وبنو سعد أنفسهم لهم في هذه الجهة إلى أقصى البحرين والخط ويبرين مالا يحصى من الموارد وعلى من قال غير ذلك الإثبات من كلام أهل التحقيق وليس من كيسه. 3- أما ذات الرئال فإن من المتقدمين من نص على أنها صحراء وهناك من قال إنها روضة فجدير بنا معاشر الباحثين - بدلا من توهيمهم - أن نقول إنها صحراء محتوية على رياض وهذا منطبق على اختياري أشد الانطباق. 4- أما خلا لك الجو فبيضي وأصفري فقد سبقتني بها وأنا متصف بها إن كنت كذلك وكيف يخلو الجو وأنت متواجد هل أنت خلو ؟ فقد قدحت في نفسك بدون شعور ووقعت في تناقض موجب للتوضيح أو الإطراح مراعاة لظروفك. 5- أما الأغلاط النحوية فقد سبق أن سمعتك تذكر عن أحد مصاحبيك أنه أخرج من كتبك جملة وافرة منها فمن فيك أدينك ولست بأقدم منك في هذا المجال. وختاماً قولي صوابٌ يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمني ومن الشيطان، اللهم اجعل الحق واضحاً لنا ولا تجعله ملتبساً علينا.