الإنسان ابن الأرض يصطبغ بألوانها ويتشرب صفاتها ويتأثر بأجوائها، وفي مدينة حائل تشرب أهلها الشموخ من قمم أجا وسلمى، والأصالة من جذور النخيل، والكرم من خصوبة الأرض وعطاء السماء، والجمال من تكوينها الساحر بين الوادي والسهل والجبل، والماء والخضرة والوجه الحسن. فينشأ أبناء حائل وقد رسم التاريخ أمجاده على ملامحهم، وفاض جمال الطبيعةِ على أرواحهم، وامتزج الإبداع بدمائهم، فدفعهم إلى تلمّس مواطن الجمال في كل شبر من أراضيها الطيبة التي أنبتت المبدعين والشعراء والأدباء والفنانين والمصورين على مدى قرون طويلة من الزمان. والأنثى بفطرتها الرقيقة وإحساسها المرهف هي أكثر من يتأثر بلمسات الأرض وهمسات النخيل، لذا نجد بنات حائل هن أكثر إبداعاً وأعمق موهبة من غيرهن، ولا يكاد يخلو بيت من رسامة أو كاتبة أو شاعرة أو مصورة تفتحت عيناها على الطبيعة الأخاذة التي وهبها الخالق عز وجل فتفتقت قريحتها الفنية وتفجرت إبداعا كما تتفجر الينابيع العذبة وتبحث عن قنوات طبيعية تجري فيها. والتصوير الفوتوغرافي هو أحد تلك الينابيع التي تدفقت مؤخرا، ترسم به البنات أحلامهن ويعبرن عن ذواتهن والمجتمع والحياة. إن ثقافة الأسماء المستعارة سرت في الوسط النسائي الفني والأدبي بفعل الخوف والحرص على سمعة العوائل بما يوحي للفتاة بأن اسمها عورة وأنها ترتكب جرما اسمه الإبداع! ومن انتكاس الفطرة أن توأد القرائح وتدفن الينابيع ويحرم الفتيات من حقوقهن في ممارسة هواياتهن المشروعة، ومن الإجحاف اغتيال مواهبهن ومواراتها التراب أو التخفي كالأشباح خلف أسماء وهمية وألقاب مستعارة لم ينزل الله بها من سلطان. ولا أدلّ من أن أسماء النساء ليست عورة في الإسلام أنّ كُتُب التراث العربي مليئة بذكر نساء صنعن التاريخ وكتبت أسماؤهن بماء الذهب. كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخجل من ذكر أسماء بناته وزوجاته وأسماء الصحابيات رضوان الله عليهن، ونذكر حين سئل عن أحب الناس إليه قال: عائشة. التصوير الفوتوغرافي فن راق ومحترم يهذب النفوس ويرتقي بالذوق ويحث على الفضائل والدعوة إلى الجمال والحق والخير، فمالضير في أن تبرع إحداهن في فن التصوير وتمارسه في ظل دينها وحيائها واحترامها لعائلتها وخصوصية المجتمع! وتظهر أعمالها الفنية بإسمها الصريح حتى لا يضيع حقها الفكري، فالصور الفوتوغرافية والأعمال الفنية والأدبية تعتبر أبناء لأصحابها ومن الظلم أن ينسب الابن إلى غير أبيه!.