لا تكتفي الأسواق الشعبية في منطقة جازان بدورها الاقتصادي، وزيادة الحركة الشرائية في أيام محددة من الأسبوع أو حتى توفير خيارات متعددة للمستهلكين، وجلب سلع تراثية وقديمة لا تتوفر في المتاجر والمجمعات الحديثة، بل لا تزال تؤدي دوراً اجتماعياً في تلاقي بعض كبار السن، حيث يعتبرون يوم "الوعد" وهو يوم السوق المعروف لكل مدينة فرصة للتواصل ومعرفة اخبار بعضهم البعض، ورغم كل تقنيات الاتصال الحديثة، واقتناء الهاتف الجوال، يحتفظ اليوم الأسبوعي في السوق بحضوره الاجتماعي في الوقت الذي يلتقي خلاله شباب جازان عبر "الفيس بوك" أو"تويتر". سوق الثلاثاء في محافظة صبيا يعد اكبر سوق شعبي في منطقة جازان، التي يزيد عدد سكانها على 228 الف نسمة، هذا السوق الذي كان قبل عقود قليلة بعيداً عن زحمة السكان، أصبح في وسطها وعلى طرق رئيسة تربطها بباقي محافظات وقرى المنطقة. يشهد من الساعات الأخيرة لمساء يوم الاثنين توافد الباعة، الذين يحضرون بواسطة سيارات نصف نقل لحمل بضاعتهم قبل وبعد السوق. ويتميز السوق بانطلاقته في ساعات الصباح الباكر، حيث ينتشر جميع الباعة وأصحاب البسطات على الوعد حاضرين وجاهزين بكامل أنواع بضاعتهم، ويحضر زبائنهم شبه الدائمين مبكراً لأنهم قد ورثوا هذه الصفة كباعة ومستهليكن من الأجداد، وتخف حركة السوق مع حلول اذان الظهر بشكل كبير، وبعد الصلاة بساعتين الى 3 ساعات يكون السوق قد انتهى، وجميع ما بقي من بضاعة يحمل على السيارات للمغادرة، حيث يكون الكثير منها على موعد جديد وسوق آخر في محافظة اخرى. وتحظى هذه الأسواق بنوعية مميزة من السلع، بعضها اصبح من التراث عند الكثير من الناس، فهناك مشغولات يدوية من الحبال تستخدم في وضع وتركيب أسرة وكراسي النوم مع أنواع من الأخشاب بالمنطقة، وكذلك مواد فخارية وحجرية تستخدم كآنية للطعام أو لإعداد الطعام، ومنها ما يستخدم كتحف ونحوها، وهناك مواد تباع خاصة بالأبقار وحلبها واستخراج السمن وفق الطرق القديمة، كما يباع ما يسمى "بالرحل" وهو يوضع على الحمار للركوب، ويوفر السوق كل ماله علاقة بالحراثة والزراعة المتاحة، وفق طرق الزراعة القديمة، كما تباع جميع المواشي المعروفة، وأكثرها من التيوس والخرفان الى جانب مختلف البضائع الحديثة، والمنتجات الزراعية والأغذية التي تجلب من اليمن وتباع بأسعار اقل من منتجات المنطقة وما يتخد للزينة من الفل والكادي وما يشبهها. ويتميز سوق الثلاثاء بوجود كبار السن من الجنسين الذين تجاوز بعضهم العقد السابع والثامن ولا يزالون يحرصون على الحضور كمشترين أو باعة. ويتداول الآباء والأجداد أخبارهم في هذا السوق، وعلى الرغم من وسائل الاتصال الحديثة في وقتنا الحاضر، لا يزال قلة من كبار السن يعتبرون هذا الدور للأسواق الشعبية اهم من التجارة وحركة البيع والشراء. وبالرغم من منافسة العمالة، من مجهولي الهوية لا يزال اهل المنطقة من ضمن باعة السوق، خاصة اصحاب المواشي. وفي الوقت الذي يرى الكثير أن السوق يحتاج للتنظيم ووضع "هناقر" للجميع تحميهم من الشمس في الصيف، يرى آخرون أن يبقى بوضعه الحالي كسوق شعبي معروف منذ القدم بالرغم مما يدخله من شؤون لها علاقة بالحياة الحديثة.