بعد أن كانت محل استهجان ونقد من قبل الكثيرين في المجتمع الخليجي، باتت عمليات التجميل من مكملات «البرستيج» للمرأة الخليجية، وذلك بعد أن سجلت هذه العمليات رواجاً واسعاً في الدول العربية الأخرى، حيث كشفت الإحصائيات أن عمليات التجميل في الدول العربية في زيادة مستمرة، فقد وصل حجم الإنفاق على العمليات التجميلية عام 2006 في لبنان إلى (4 مليارات ريال)، وفي مصر (1.5 مليار ريال)، ما بين عمليات جراحة الشيخوخة وشد الوجه والجفون والأنف، بالإضافة إلى تجميل الثدي وشد البطن المترهل بعد الولادة، والتي تأتي ضمن مجموعة من الجراحات التي يقبل عليها الخليجيون في الفترة الأخيرة. نسب نجاح كبيرة إن الإقبال المتزايد على عمليات التجميل والتي بلغت ذروتها خلال العقود الثلاثة الماضية، يعود إلى ما تتمتع به من نسب نجاح كبيرة وخطورة أقل، بسبب الخبرات الطبية وتوظيف التقنية الحديثة في التشخيص والمعالجة، والتي رفعت من دقة الأداء، إلى جانب العامل الاقتصادي في إمكانية تناول أجورها لدى سيدات الطبقة المتوسطة من المجتمع الخليجي، ناهيك عن برامج القنوات الفضائية اليوم، والتي لعبت دوراً أساسياً في الاتجاه لهذه العمليات وترويجها، من خلال عرضها للعديد من الفنانات بأشكال مختلفة نتيجة لعمليات التجميل، وتحت مسمى "النيو لوك". نريد أن نتجمل في البداية كان لنا هذا اللقاء مع الطالبة الإماراتية "موزة المهيري"، التي تؤيد العمليات التجميلية، وتؤكد أنها خضعت لعملية تجميلية لتعديل أنفها، إلى الموديل الأحدث في عالم الأنوف، ألا وهو الموديل الرفيع ذو الزاوية الحادة، مضيفةً أن معظم صديقاتها في الجامعة قمن بإجراء مثل هذه العمليات، وكانت النتائج ناجحة، متسائلةً: لماذا نهمل أنفسنا إذا كان باستطاعتنا أن نتجمل؟. الطفلة ريوم الزوج هو السبب! أما السيدة "نوال السالم" من قطر -موظفة حكومية-، فتؤكد على أن الأزواج في أحوال كثيرة هم السبب في لجوء الزوجات لعمليات التجميل، فهم دائمو الانبهار بالممثلات وأنوفهن وأجسامهن وأشكالهن، مما يجعل الزوجة تفكر بإجراء عمليات التجميل لترضي زوجها وتمنعه من النظر للخارج، على الرغم من أنها تعرض نفسها للخطر بسبب هذا الأمر لترضي زوجها، مضيفةً: "زوجي يجلس بالساعات لمشاهدة برامج ملكات جمال العالم بشغف وانبهار وإعجاب، الأمر الذي يُشعرني بالغيرة، أو عندما يجلس أمام القنوات الإخبارية ويمتدح المذيعات الجميلات أمامي، وبالمقابل لا أسمع منه كلمة جميلة، مما يجعلني أشعر بالأسى والغبن وأفكر فعلاً بإجراء عمليات تجميل، ولكن المشكلة أنني أم لأربعة أطفال، وأخاف أن أموت أثناء العملية وأترك أطفالي!". «رجال عيونهم زائغة» أفقدوا النساء ثقتهن وركبن سريعاً موجة «البوتكس» هذا عيب! أما السيدة "أم نواف" من المملكة -ربة بيت-، فتؤكد على أن السيدات الخليجيات لسن بأقل من النساء الأُخريات، متحدثةً عن تجربتها الشخصية بقولها: زوجي دائماً يتابع القنوات الفضائية، وتعجبه أشكال الممثلات ولباسهن وقصات شعورهن، وفي إحدى المرات طلبت منه أن يأخذني إلى أحد المراكز النسائية لأقص شعري، وأن أشتري مثل ما يلبس الممثلات، فصرخ في وجهي وقال: "هذا ما يصلح لك، وهذا عيب!"، متسائلةً: ما هذا التناقض؟، إذا كان هذا الأمر عيباً فلماذا يتابعون هذه البرامج بلهفة واستمتاع؟، ويمتدحون قصات الشعر وملابس هؤلاء النساء؟. زينب صبري جمال داخلي وتؤكد المعلمة "خولة يوسف" على أنها ليست ضد عمليات التجميل إذا كانت هناك حاجة لها، ولكنها دائماً تشعر أن الجمال الحقيقي هو الجمال الداخلي والإيمان الحقيقي والشعور بالحيوية والانتعاش، مما يجعل هذا الجمال الداخلي ينعكس على الشكل الخارجي، فهي على الرغم من أنها ليست صغيرة، إلا أنها دائماً تشعر بأن عمرها هو في عمر طالباتها في المرحلة الثانوية، وهذا الشعور لديها يغنيها عن عمليات التجميل، مشيرةً إلى أن العمر الحقيقي لا يحسب بعدد السنوات، ولكن بالشعور الداخلي للإنسان، فإذا كان يشعر بالحيوية والشباب فهو مازال شاباً والعكس صحيح. أما الطفلة "ريوم" من الكويت فهي تتمنى أن تصبح عندما تكبر مثل شكل المطربة "نانسي عجرم"، مما يدل على تأثر حتى الأطفال بموجة الأشكال وعالم الجمال. تبريرات التجميل وتتحدث الطبيبة "زينب صبري" -من العراق- قائلةً: هناك جانبان في موضوع عمليات التجميل، فبالنسبة للفتيات الشابات اللواتي لا يعانين من مشاكل في أشكالهن ولا ينقصهن شئ، ويردن التغيير في أشكالهن لمجرد ركوب الموجة الحالية في عمليات التجميل، مثل "صرعة البوتكس" أو "رفع الحواجب" و"التاتو"، لدرجة أن تغير الفتاة وجهها بشكل تبدو فيه وكأنها أخرى، فأنا أرى أن هذا لا يجوز، مضيفةً أنه بالنسبة للسيدات الكبيرات في العمر واللواتي يعانين من مشكلات قد لا تعاني منها سيدات أخريات، فهناك أنواع من البشرة قابلة للإرهاق والتجعد مع مرور الزمن أكثر من غيرها، مثل البشرة الجافة أو الحساسة، مما يجعلها بحاجة إلى هذه العمليات، كونها ربما وجه اجتماعي معروف، أو تريد أن تحافظ على جمالها، مؤكدةً على أنها لا تمانع من إجراء مثل هذه العمليات لتبقى السيدة على مظهرها المعتدل في حدود المعقول. أم نواف ضعف الشخصية وتوضح "إيمان عبيد" -الاخصائية النفسية- أن هذه العمليات التجميلية تدل على ضعف الشخصية وعدم الثقة بالنفس إذا كانت دون حاجة حقيقية لها، فتحاول السيدة للأسف أن تقلد الأخريات لإشباع النقص الذي تشعر به، وهذا في الأساس يعود لأسلوب التنشئة في الصغر والتربية في التأسيس، فنجد أن أسلوب الأهل في معاملة أبنائهم والتركيز على الأخطاء دون تشجيعهم وتأسيسهم على مبدأ الثقة في النفس، يجعل الطفل يحاول تقليد الآخرين، ليصنع لنفسه إمكانيات غير متوفرة فيه للفت انتباه الآخرين إليه، ناصحةً بالتركيز على الإيجابيات في الطفل وترك أخطائه، حتى لا يصبح ضعيفاً ومهزوزاً، ويحاول صنع شخصية وهمية له من خلال تقليد الآخرين، مشيرةً إلى أنه لو حاول تقليدهم سيظل يشعر بعدم الرضا بالنفس؛ لأنه في كل مره يحاول أن يصل إلى مرحلة الكمال لإشباع النقص في داخله. خولة يوسف ست خصال ويقول "أشرف العريان" -الاختصاصي النفسي-: إن الجمال في الحياة ليس شكلاً فارغاً، بل هو البشاشة الطبيعية بالوجه والطيبة والبراءة، بالإضافة إلى الحب، مضيفاً أن الجمال في الشكل لابد أن يجاوبه جمال في النفس، والصفاء في العيش لابد أن يعادله صفاء في القلب، ليشع كل ذلك في النفس والوجد معاً، مؤكداً على أن للجمال ست خصال، أولها التفاؤل، فالصحة ما هي إلا تنبؤ وتفاؤل يدعمه ثقة بالخالق، وثانياً القوة الروحية وصدق الإيمان، وثالثاً الروح الكفاحية، من خلال التحلي بالروح العنيدة والقوية، التي تمدك بالحافز، مبيناً أن الخصلة الرابعة تتمثل في التحلي بالأخلاق الحسنة والبعد عن الحقد والغضب، أما الخصلة الخامسة فهي التمتع بروح الدعابة، أما الخصلة السادسة فهي الإيثار، حيث إن الاهتمام برغبات الآخرين وشؤونهم له قيمة لا تنكر، موجهاً كلامه للسيدات بقوله: تلك الخصال حري بكن أن تسعين إليها وتمثيلها، لكي تحظين بجمال الروح وصحة النفس ومحبة الآخرين، ذاكراً أن جمال الخليقة دائم؛ لأنه على رسم الفطرة ووحي الله، وأنتن بأيديكن تقييد أجسادكن، وأرواحكن بقوانين زائفة، لترضين غروركن، ظنا منكن أنه درب الجمال!. إيمان عبيد أشرف العريان