ذات يوم عندما كان ثيودور جينينجز ينظر محدقا من شرفة شقته بالطابق التاسع على البنايات السكنية شاهقة الارتفاع التي تعج بها منطقة شينجوكو المجاورة لشقته، توصل إلى اكتشاف مفاجئ – ذلك أن هنالك المئات من الشرفات الممتلئة بحبال نشر الغسيل أو سلات النفايات ولكن لا يمكنك إطلاقا رؤية أي شيء آخر كما يقول ثيودور البالغ من العمر 34 عاماً. ففي هذه المدينة التي تكتظ بنحو 13 مليون نسمة والشهيرة بضيق المساحات السكنية والتي تكون غرف الفنادق بها أشبه بالأكفان بدأ ثيودور يفكر في الوضع من زواية ما يطلق عليه اليابانيون مصطلح استخدام المساحات بطريقة تنطوي على هدر للموارد ومن هذا المنطلق استلهم فكرة تجارية بارعة. بدأ ثيودور تجريب التطبيق العملي لفكرته بالشرفة الخاصة به والتي تبلغ مساحتها 35 مترا مربعا والتي تحيط بالشقة التي تبلغ مساحتها 75 مترا مربعا والتي اشتراها قبل أربع سنوات بما يعادل مبلغ 500 ألف دولار أمريكي. لقد تم تشييد البناية التي توجد بها شقته من الخرسانة في عام 1985م وتحتوي الشقة على غرفتي نوم وحمّام على أحدث طراز بمقعد مسخن من النوع الأثير لدى اليابانيين مع بعض الأبواب المثيرة للاهتمام والتي يتكون كل منها من مصراعين. أما النصف الأسفل من الأبواب الزجاجية فقد كان مصنوعا من الزجاج الصقيل الذي يعود إلى عهد درج فيه اليابانيون على الجلوس على البلاط ملتمسين أجواء من الخصوصية. أما الشرفة التي تطل على مناظر من فندق بارك حياة وجبال تاكاو القريبة من موقع الشقة فقد أصبحت الآن تضم ردهات وأروقة وسفرة طعام وكراسي جلوس وإضاءة ونباتات ومكبرات صوت تنطلق منها موسيقى بأنغام في ليلة شاتية. وقد قال ثيودور إن تكلفة تلك الأعمال بلغت ما يعادل حوالي 10 آلاف دولار. لاحظ الأصدقاء ما حدث بينما بدأ ثيودور، وهو مواطن من تكساس استقر به المقام في طوكيو منذ 12 عاماً، يضطلع بترميم شرفات الوافدين الآخرين. بعد أن فقد ثيودور وظيفته في القطاع المالي العام الفائت قام رسمياً بتكوين شركة «فاكيشن فيراندا» والتي تمكنت منذ شهر إبريل من تجديد 12 شرفة مقابل أجور بلغت ما يتراوح بين ألف دولار وخمسة آلاف دولار للشرفة الواحدة. وقد تحدث ثيودور في هذا الخصوص قائلاً: «إنها طريقتي في استثارة كوامن الفن لدي والتي ظلت في مراقدها منذ فترة طويلة «وأردف يقول إنه ظل يفكر في ممارسة العمل الخاص حتى قبل أن تضرب الأزمة المالية بأطنابها. فيما يتعلق بالشرفات التي قام بتجديدها، فهي تتراوح من حيث الحجم من واحدة كانت مساحتها لا تتجاوز ثلاثة أمتار مربعة وموقع من «طوكيو بي» (خليج طوكيو) إلى مركز التسوق في جينزا؛ فيما تحتوي بعض الشرفات على أسطح تموج بالحيوية والنشاط. ليس هنالك أي مناظر لأي سلال للنفايات. من أوائل زبائن ثيودور كان هنالك أورن تسنغ البالغ من العمر 32 عاما وهو فارس أسطوانات ومنظم مناسبات وزوجته كازومي نيوا البالغة من العمر 29 عاما وهي مصصمة أزياء. لقد أنفقا ما يعادل ألف دولار لتطوير الفناء الخلفي لمنزلهما في يوتنجي التي تبعد عن شينجوكو بمسافة تستغرق ساعتين بالقطار. يبلغ طول الفناء 4.5 متر بينما يبلغ عرضه 2.5 متر. وقد تحدث تسنغ قائلاً: «قبل أن يقوم ثيودور بأي شيء كانت الحديقة عبارة عن مستطيل من الخرسانة، يحده مستطيل أصغر من الأوساخ بالإضافة إلى جدار مخيف من الخرسانة الجرداء يحيط به سياج على سطحه العلوي ومن خلاله يستطيع جميع الجيران رؤية ما يوجد بالداخل. واستطرد يقول: « قام تيدي بوضع بعض الأرضيات الخشبية والأحجار على الأرضية ثم أحاط الحديقة بسياج من «ستائر» الخيزران لتوفير جو متكامل من الخصوصية الهادئة؛ ثم أضاف الكثير من النباتات المدارية ووفر لنا مساحة لزراعة الأعشاب والخضروات.» ومضى قائلاً: «منذ أن اكتمل العمل في الفناء أصبحنا نغتنم أي فرصة تسنح لنا لنقضي وقتنا فيه. قبل ذلك كنا نذهب هناك فقط لنشر الغسيل أو رمي الأوساخ عندما يفوت علينا موعد التخلص من الأوساخ عن طريق الشركة العاملة في هذا المجال.» أما وايني دكستر ، وهو معلم يبلغ من العمر 40 عاماً، فهو أيضاً من عملاء ثيودور. وقد أدلى في هذا الخصوص بدلوه بقوله: «ما قام به تيدي كان عبارة عن بلاط لأحد الأجزاء في شرفتي لتصبح منطقة جلوس بها نباتات في مزهريات ومناظر على طول الشرفة مع أحجار باللونين الأبيض والأسود وحجار مستديرة الشكل بطراز يحمل ذكريات حافلة تجسد التناغم والانسجام والتوازن. إنني أمضي وقتاً طويلاً في تلك الشرفة». يشار إلى ثيودور الذي يضطلع أيضاً بإدارة شركته الخاصة التي تعمل في مجال الاستشارات التجارية قد أفاد أيضاً بأن شركة «فاكيشن فيراندا» بدأت الآن تسترعي انتباه الزبائن اليابانيين. وصرح قائلاً: «إن اليابانيين جيدون جداً في استغلال المساحات الصغيرة وهم معروفون بذلك إلا أن هنالك خلل ما فيما يتعلق باستغلال الساحات داخل المنازل؛ إذ يمكنهم استغلالها في الداخل ولكنهم لم يجربوا استغلال الساحات الخارجية للشقق لأغراض خلاف نشر الغسيل ورمي الأوساخ.»