أعامله بقسوة أريد أن أعرض مشكلتي والتي هي مشكلة ابني الأكبر ، الذي كنتُ أعامله بقسوة خوفاً عليه وخشية أن ينزلق في سلوكيات غير مقبولة. فقد كنتُ منذ صِغره وأنا أعامله بخشونة وقسوة حتى أبعده عن الانحراف والبعد عن مُصاحبة الأشخاص المشبوهين أو الذين لديهم مشاكل أخلاقية. كنتُ ألجأ إلى ضربه ومنعه من الخروج من المنزل إذا أخطأ أي خطأ بسيط ، ومنعه من أبسط الأمور الخاصة بمتعته حتى في المنزل. كان دائماً يبدو خائفاً ومتوتراً . مشكلتي بدأت بعد أن كبُر ابني هذا ودخل الجامعة ، فقد تغيّر في سلوكه وأصبح يُدخّن ولا يذهب إلى الجامعة بشكلٍ متواصل بل يتغيّب عن الدراسة ويسهر خارج المنزل ولا أعرف من يُصاحب ، وإذا سألته يكون جوابه مُحبطاً بالنسبة لي ، حيث يكون جوابه ، بأنه كبُر وأصبح رجلاً ولم يعد طفلاً صغيراً تحت الوصاية. أشعر بخيبة أمل ، حيث كنتُ أسعى لجعله رجلاً صالحاً وكنتُ أقسو عليه في صغِره من أجل أن يُصبح رجلاً صالحاً ، والآن بعد أن كبُر أشعر بأني ربما أكون قد أخطأت في تربيته. أتساءل الآن هل ما قمتُ به يعتبر أمراً صحيحاً أم أنني أخطأتُ في تربيته؟ هل يجب عليّ أن أغيّر أسلوبي مع بقية أبنائي الصغِار؟ . أنا أشعر بكآبةٍ وخيبة أمل فيما فعلته مع ابني الأكبر والذي لا أريده أن يتكرر مع أشقائه الآخرين. آمل إجابتي و إفادتي عما قمتُ به وما أقوم به الآن. لكم التقدير والشكر. م. ص سيدي الفاضل ، هذه قصة تُعاد في كثير من المنازل ، ولكن للأسف لم يتطرق إليها الكثير من الآباء نظراً للخشية من لوم المجتمع لهم ، أو لشعورهم بأن هناك فشلا في طريقة تربيتهم لأطفالهم. ما فعلته مع أبنك بدافع من خوفك عليه ورغبتك في إبعاده عن أي مشاكل أو أصدقاء سوء هو دافع نبيل لكن قد تكون الوسيلة التي اتبعتها في بلوغ هذا الهدف ليست صائبة بشكلٍ كامل. العنف مع الأبناء ، خاصةً في سن الطفولة أمرٌ غير مرغوب. استخدام العنف أو الضرب المُبرح مع الأطفال قد لا يقود إلى أمرٍ تحمد عُقباه ؛ فالطفل الذي ينشأ على العنف والكبت والتعنيف النفسي قد يكون نفسياً شخصا غير سوي ويمكن له أن يفعل أي شيء ، خاصةً إذا كبُر وأصبح في سن المراهقة أو ما بعد سن المراهقة. هذا الطفل الذي كان ابنك عندما كان صغيراً وكنت تستخدم معه العنف والضرب لإجباره على أن يسلك سلوكيات جيدة وتُبعده عن السير في طرق الانحراف – حسب ما تراه أنت كشخص بالغ ومسؤول – قد يكون ترك في نفسه ندوبات سلبية تجعله يستغل أي فرصةٍ بعد أن كبُر للخروج على ما كان يعتقد هو بأنه سجن يُريد الخروج منه والانتقام منه. العنف يقود إلى العنف وهذا ماحدث مع ابنك. ليس دائماً يحدث هذا ، فهناك آباء كانوا صارمين مع ابنائهم ولكن لم يحدث لهم ما حدث لك مع ابنك. لا تشعر بالخيبة ويمكنك أن تتحاور مع ابنك الآن ، فلم يفت الأوان بعد ، ويُمكنك شرح وجهة نظرك لأبنك وشرح ما فعلته معه عندما كان صغيراً ، وانك كنت تفعل ذلك لمصحلته ولكي تُخرجه شخصاً صالحاً في المجتمع. يمكن أن تُصلح بعض ما حصل بينك وبين ابنك في الوقت الحاضر ، أما بالنسبة لابنائك الصغار الآن فيمكن لك أن تتعامل معهم بطريقة مختلفة مُتخذاً فيها الحزم دون الضرب أو المعاملة القمعية أو التعنيف المبالغ فيه. حاول أن تُجرّب الحوار الواعي مع من يستطيع منهم أن يفهم هذا النوع من السلوك وفي جميع الحالات لا تلجأ إلى العنف المُبالغ فية أو في كل الأحوال تستطيع أن تستفيد من تجربتك مع ابنك الكبير في عدم تكرار ما حدث. على كل حال هذا أمر صعب والحديث فيه ذو شجون.