أكدت أمطار وسيول جدة للمرة الثانية أن المشكلة أكبر وأعظم مما حدث .. وما ذلك إلا مؤشر يسير جدا من تراكمات كثيرة جدا من الأخطاء والقصور الإداري والمالي والفني لسنوات طويلة ساعد وشجع على بروزها وعلى تمادي استمرارها غياب الضمير والأمانة والحس الوطني وغياب الرقابة العادلة الصارمة والعقوبات الحاسمة المعلنة!! القضية كبيرة ومعقدة ومما يزيد من صعوبتها أنها قابلة - لا قدر الله - للتكرار في أي وقت مما يضاعف من حجم المشكلة ويؤخر الحلول .. إضافة إلى ذلك - وهو الأهم - أن حلولها الجذرية تحتاج إلى المزيد من الوقت والصبر لأنها تتطلب تنفيذ مشاريع إستراتيجية شاملة وجبارة وفق اعلى المواصفات العالمية لمعظم أحياء وشوارع جدة وخاصة منها الاحياء الوسطى والجنوبية والشرقية وهي مشاريع من الصعوبة تنفيذها في اقل من عامين او ثلاثة على اقل تقدير... المشكلة اليوم تحتاج إلى حل (مختلف) عن كل الحلول والوعود السابقة لهذه الأزمة وعن غيرها من الأزمات المماثلة .. حل يختلف عن حلول كل المشاريع .. فالحدث اليوم مؤلم ومحزن جدا ويتطلب تجربة حل مختلف وعاجل .. لذلك اقترح مايلى :- أولا : سرعة (استقطاع) مبلغ كاف,والقصد هنا صدور أمر اعتماد او تخصيص هذا المبلغ من قبل وزارة المالية كما هو معمول به في صيغة إعلان المشاريع الأخرى , ويحول فورا من حساب مؤسسة النقد ويودع عاجلا في حساب خاص باسم إمارة منطقة مكةالمكرمة يخصص فقط لتنفيذ مشاريع تصريف الأمطار والسيول والصرف ومعالجة جميع آثار السيول في مدينة جدة وصرف التعويضات، ويكون الصرف من هذا الحساب بإشراف دقيق جدا من سمو أمير منطقة مكة شخصيا أولا بأول وفق برنامج صرف مقنن (على ان تستعيد وزارة المالية هذا المبلغ سنويا من ميزانيات الوزارات المعنية) ثانيا: يشكل أمير منطقة مكةالمكرمة هيئة برئاسة سموه يختار أعضاءها وكافة العاملين فيها بمعرفته وعلى مسؤوليته من المسؤولين ومن المختصين (المخلصين) بمشاركة ممثلين الأول من وزارة المالية والثاني من ديوان المراقبة العامة (كمراقبين فقط) وتكون أسماء جميع أعضاء هذه الهيئة وكافة العاملين فيها معلنة ومعروفة لولاة الأمر ولكافة سكان جدة وللمواطنين عامة .. ويتم تفريغهم كليا، وتسند إلى هذه الهيئة مهمة الإشراف الكلي على تخطيط وتنفيذ مشاريع السيول والأمطار والصرف والصيانة في مدينة جدة والإشراف عليها وصرف جميع التعويضات .. ثالثا: تمنح هذه الهيئة الصلاحيات المطلقة الإدارية والفنية والمالية لانجاز مهمتها والتعاقد مع أفضل الشركات العالمية المتخصصة في كافة هذه المجالات وتمنح سنوات محددة لانجاز مهمتها .. وخلال هذه المدة وبعد انتهائها تتم مراقبة وتقييم عملها أولا بأول - وبدون أي استثناءات - لأن كافة العاملين في الهيئة معروفون سلفا إما بتقديم الشكر لهم ان شاء الله او محاسبتهم لا قدر الله على تقصيرهم !! فالمحاسبة حينها ستكون سهلة جدا لان ولي الأمر وجميع المواطنين يعرفون أسماء هؤلاء المسؤولين الذين أسندت لهم أمانة ومسؤولية حل هذه المشكلة الأزلية ويعلمون عن حجم المبالغ المخصصة !! رابعا : هذا الاقتراح يضمن إبعاد حلول هذه المشكلة من كل روتين المشاريع الحكومية المالية والإدارية وتخليصها من بيروقراطية العمل في مناقصات المشاريع وهذا الحل هو حالة استثنائية والأكيد ان هذا الاقتراح سيضمن تخليص حل هذه المشكلة من صراع الجهات وتصادم مسؤوليها الخفي الذي يدور بين أروقة المكاتب !! هذا الصراع وهذا التنافس وهذا التنافر الذي تفشى كثيرا وتسبب في تعطيل وتأخير الكثير من المشاريع وأجهض بعضها وشوه البعض الآخر وبالتالي اخفى هذا التنافس تحديد مسؤولية التقصير في الكثير من الأخطاء والخلل في تلك المشاريع.. أثق إن شاء الله في نجاح هذا الاقتراح وأنه سيكون تجربة جريئة وفريدة وغير مسبوقة في تنفيذ وإدارة المشاريع الحكومية من خلال فك قيودها وتحريرها من الروتين المالي والإداري الحكومي المعقد وإبعادها عن كل الصراعات والنزاعات والاختلافات الشخصية الإدارية التي تسيطر على بيئة العمل ، والضحية لهذه الصراعات هي جودة مشاريع البني التحتية.. وستكون هذه التجربة قدوة للمشاريع الأخرى في المستقبل إن شاء الله ..