كان الحديث همساً مغبة الوقوع في المحظور. كان الكُتّاب كالطيور. فمنهم من اختار أن يستغني عن سقف الحرية الذي أعطي له، بمثل مااستغنت الدجاج والنعام عن أجنحتها. طيور حُشرت في القفص، تُعزي نفسها على ضيق مساحة القفص بالارتفاع النسبي لسقفه وما هي إلا سنوات حتى تم إضافة سقف جديد أقل ارتفاعا من سابقه. أضافوا السقف ليزيدوا الطاقة الاستيعابية للقفص. وهكذا تبخرت الحرية الوهمية التي كان يوحي بها الارتفاع النسبي للسقف الأول. ولأن الطيور من فصائل مختلفة، ولأن لكل فصيلة أصواتها الخاصة بها، فقد اختلط تغريد البلابل بنعيق الغربان وصياح الديكة بزقزقة العصافير وصمت النعام بهديل الحمامة النوحي التي بدت وكأنها تبكي حقوقها المُضيعة. ضج القفص بالأصوات وصاحب القفص يرقب من بعيد. عندما ضاقت الطيور ذرعا بالقفص جاءتها البشرى بأن هناك مشروعا لتوسعة القفص. وأنه قد طرح في مناقصة عامة. تقدم الصقر والعقاب والذئب والثعلب بعطاءاتهم. كانت المبالغ التي خُصصت لتوسعة القفص، أكبر من أن تستوعبها تلافيف أدمغة الطيور إن كان لها تلافيف. ولكنها كانت تقول على الأقل سنستطيع الطيران وسيحظى كلّ منا بالمساحة التي يحلم بها. وعندما بدأ التنفيذ بتوسعة القفص لاحظت الطيور أن المواد المستخدمة صدئة لا تحمل وزنا ولا تحتمل ريحا. فتعالت أصوات الطيور لتخبر سيدها بالمأساة ولكن كل فصيلة لايفهم لغتها إلا بنو جنسها. تم الانتهاء من توسعة القفص بعد موت جيل وولادة آخر. ثم تم افتتاح التوسعة وسط احتفالية وتمجيد وتطبيل خشيت الطيور أن يتهاوى القفص من قوة صداها. تفاجأت الطيور بعد يوم من الافتتاح بأن حُشرت معها قطط وحمير وكلاب وأبقار بحجة أن القفص كبير جدا على الطيور وأنه يستوعب بقية الحيوانات ولكم أن تتصوروا مزيج أصوات ساكني ذلك القفص. نسيت أن أسجل ملاحظة أن سقف القفص قد رُفع كذلك..