اقيمت في الرياض مؤخرا الندوة الدولية التي تستهدف أفضل الممارسات المهنية في مجال البرامج التنموية لتحسين الأحوال المعيشية للفقراء والتي نظمتها مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه للإسكان التنموي خلال الفترة من 20-22/1432ه برعاية كريمة من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه ، وحقيقة رغم حداثة عمر هذه المؤسسة الخيرية إلا أن ممارساتها وبرامجها التنموية في المملكة تجاوزت عمرها بكثير من خلال سرعة التخطيط والتنفيذ في آن واحد، واحد برامج هذه الندوة هو برامج التمكين في مجال الأسر المنتجة وحقيقة هذا المحور من الأهمية بمكان حيث إن الأسر المنتجة في العالم تحظى في عناية كبيرة على كافة الأصعدة، وما اليابان والصين عن ذلك ببعيد واثر ذلك في اقتصاد تلك الدولتين والأسر المنتجة تعتبر دعامة أساسية في الاقتصاد والاهتمام مطلب تنموي ورغم هذه الجهود لدينا في المملكة على المستوى الرسمي إلا أنها لا تزال دون مستوى الطموح في بلد مثل المملكة فهناك دول خليجية ناشطة في هذا المجال مثل البحرين . ولكن نحن لا نزال في بدايات السلم في هذا الهدف رغم تكرار خطط التنمية في إعطائه أهمية بالغة وتضمينه ضمن أهدافها إلا أنها لا تزال قاصرة !! حقيقة عندما نطلق مفهوم الأسر المنتجة يتبادر إلى الذهن دائما أنها تتعلق بالمرأة فهي في الغالب موجهة إلى المرأة ومن خلال الواقع الفعلي للمفهوم والذي يقصد بمفهوم الأسر المنتجة هو تكامل الوحدة الإنتاجية المتمثلة في الأسرة بكافة أفرادها ولكن بحكم أن الجهات الرسمية تحاول أن تستنهض جهود المرأة في هذا المجال من منظور تنموي وتستهدفها لأسباب عديدة كانت هذا الصبغة أو البصمة النسائية على هذا المفهوم . وبرامج الاسر المنتجة كتشريع مقرة منذ أكثر من 50سنة في وزارة الشئون الاجتماعية إلا انه لم يبدأ الاهتمام به إلا في سنوات قليلة ، ورغم ذلك هناك جهود لا بأس بها من الجانب الرسمي في تنمية برامج الأسر المنتجة إلا ان هذه الجهود متشتتة بين عدة جهات رسمية فمثلا وزارة الشئون الاجتماعية لديها برامج في الأسر المنتجة ، و الهيئة العامة للسياحة والآثار ، وكذلك بنك التسليف والادخار معني بهذا الجانب من ناحية تقديم الدعم المالي ، وأيضا صندوق المئوية . وان اختلف منظور هذه الجهات من عدة أوجه إلا أنها تتفق على السياسة التنموية للدولة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتي تستهدف في الغالب محدودي الدخل أو طبقة الفقراء ومحاولته تأهيلهم واعتمادهم على أنفسهم وبالتالي التخفيف من عبىء الإعالة على الدولة ولكن هذه الجهود وتعددها وتعدد الجهات التي تقوم بها واعتبارها جزءاً من مهامها يجعل بعض هذه الجهات تنظر إلى هذه البرامج أهدافا غير مهمة أو ثانوية وبالتالي تعتبر مهمتها تتمثل في تقديم الدعم المالي فقط وتهمل الدعم المعنوي والتخطيطي والتوجيهي ومحاولة الرقي بها إلى الإمام وكما يقال (خذا الدعم ودبر عمرك ) ! وهذا غير كاف إنما تحتاج الأسر المنتجة أكثر من ذلك بكثير . والأسر المنتجة في المملكة بدأ الاهتمام في هذا المفهوم متأخرا ونتمنى أن تسلط الضوء على بعض معوقات الأسر المنتجة والتي تتمثل في بعض منها : - تعدد الجهات التي لديها نفس البرنامج وبالتالي اعتبارها جزءا وليس أصلا في مهامها وهذا يخلق ازدواجية . هناك جهات تقدم الدعم المادي بينما الجوانب الإدارية ( التراخيص ) لدى جهات أخرى وقد تتضاد هذه الجهات مع بعضها البعض وهناك شواهد مؤكدة في ذلك -لا يصاحب الدعم المالي دعم تخطيطي أو توجيهي يتمثل في حل العقبات وتقديم المشورة والمساعدة في تخطي العقبات في الجهات الرسمية وان كان مثل ذلك موجودا في صندوق المئوية كما أوضحت سابقا أن هذه البرامج موجهة لفئات محددة وبالتالي هي تحتاج إلى الوقوف معها في مشروعاتها مدة الزمن حتى تستطيع الاعتماد على نفسها من خلال إيجاد لها قنوات تسويقية لمنتجاتها ، إيجاد لها حماية من العمالة الوافدة ، وتوجيه الاستفادة من منتجاتها على المستوى الرسمي - أن يثق الجانب الرسمي في هذه المشاريع الإنتاجية ، أو الأسر المنتجة من حيث تقديم الدعم المادي الإضافي إن كان ذا جدوى اقتصادية واعتبارها كيانات اقتصادية ، فإن كان مؤسسات الدولة لا تثق في هذه المشروعات فكيف إذا يثق القطاع الخاص هذه المشروعات ؟! هذه المشروعات الصغيرة أو الأسر المنتجة هي ذات رأس مال صغير وبالتالي مقارنتها في الرسوم والمتطلبات الرسمية في مشروعات متوسطة أو كبيرة فيه إجحاف عليها ويحد من تقدمها خاصة وأنها في الأساس قامت على الدعم غير المسترد من الجهات الرسمية أو الخيرية !! *باحث اجتماعي