من المؤسف حقاً، بل من المخجل أن تصل سذاجة أو تعصب بعض مشجعي الأندية إلى القول بأن سبب تدهور المنتخب عدم وجود لاعب أو أكثر من ناديهم الذي يشجعونه، وعلى النقيض فسر انتصارات المنتخب السابقة هو في وجود لاعبين من ناديهم المفضل. لست أتحدث هنا بالإلغاز فما عنيتهم أعلاه هم بعض من جماهير "فارس نجد" الذي طالما حلق في سماء البطولات حين كان همه وهم مشجعيه البطولة ولا غير، أما حين أنصرف الهم إلى قيل وقال والتقليل من شأن الهلال فقد صام وما يزال عن البطولات. لا شك أن قارئ هذه السطور ممن عنيتهم بكلامي قد غضب الآن وزمجر، ولكني أوضح له ولغيره أنني هنا لا أقلل من شأن "العالمي" فهو نادٍ له مكانته وقيمته كنادٍ أو كممول للمنتخب على مر السنين شأنه شأن أي نادٍ آخر من أندية الوطن، وهناك أندية تعتبر من أندية الظل ساهمت في دعم المنتخب في بعض مراحله. تصوروا أن رسالة وصلتني عبر الإيميل يشير مرسلها إلى أن نكسات المنتخب كانت بسبب اختيار لاعبين من نادي الهلال بينما انجازاته كانت بسبب وجود لاعبي النصر، وبعد نكسة الدوحة التي ربما لن تكون الأخيرة ما لم يحدث تغيير جذري في الرئاسة العامة للشباب، وعلى وجه الخصوص من لهم علاقة بكرة القدم بها، خرج منهم من يكرر نفس المقولة بينما جاء جديد البعض الآخر ليتشمت ويحمد الله على أنه لم يكن من لاعبي النصر أحد. هل يمكن أن نتخيل مجرد التخيل أن تكون هناك كرة سعودية منجزة بوجود مثل هذا التفكير ..؟ أعرف البعض ممن يشجعون أندية يفضلون فوزها على فوز المنتخب، فأي وطنية هذه؟ وتجيء الطامة الكبرى حين يربط هؤلاء غياب المنتخب عن البطولات بغياب النصر عنها .. ما هذا الهراء، وما هذه السطحية الفكرية، وهل وصل بكم التعصب إلى أقصى درجاته لهذا الحد؟ حين أتحدث عن فئة محددة من جمهور "الأصفر"، أعلم يقيناً أن هناك من جماهيره العريضة من يرتقون بفكرهم عن مثل هذه الرداءة من التفكير، ولكن التفاحة الواحدة الفاسدة ربما تفسد صندوقاً مليئاً بأكمله. ألا يرى ويدرك هؤلاء أن اللاعبين من النصر والهلال أو الإتحاد والأهلي وغيرهم هم أصدقاء، فلماذا التحامل على لاعبي الفريق المنافس بسبب أو بدون سبب، ثم ألا يدرك هؤلاء أنه متى ما طبق الاحتراف بالشكل الصحيح فربما يكون اللاعب الأشد كرهاً لديهم هو الأكثر حباً غداً فيما لو انتقل إلى ناديهم، وهل ساعتها سيتغير موقفهم فيما يخص المنتخب؟ التشجيع الحضاري هو المطلب، فليس هنالك انتماء إلا للوطن، أما الأندية فهي ميول لا أكثر، وتطبيق الاحتراف الحقيقي ربما يساعد لا في مستوى الكرة السعودية فحسب، بل في مستوى التشجيع أيضاً، ومن هذا المنطلق فإن الاحتراف يجب أن تتوسع دائرته ليشمل الأجهزة المعنية كافة سواءً في إدارة المنتخبات أو الأندية السعودية. أعتقد أنه آن الأوان الآن لعمل إجراءات دقيقة ومعايير محددة لمن توكل إليهم إدارات الأندية، وكذلك الحال مع مدراء الكرة وغيرهم، وذلك بتحويل الأندية إلى مؤسسات تستطيع تحقيق الأرباح التي توفر لها ميزانيات ضخمة تمكنها من دعم الأنشطة داخل النادي بدلاً من وضعها الحالي المشاع لمن يملك أكثر أو من يدفع أكثر. لا بد أن يكون الهم الأكبر هو الوطن ومنتخب الوطن ولو كان ذلك على حساب النادي، وليس العكس كما حدث وما يزال يحدث.