لقد قضيت جزءاً من هذا الأسبوع في منتدى التنافسية الدولي في الرياض. وقد بات هذا الحدث السنوي الذي تنظمه الهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية بمثابة معهد دولي يجتمع به الرواد من رجال الأعمال وصنّاع القرار من جميع أنحاء العالم لمناقشة أكثر القضايا التجارية إلحاحاً في وقتنا الحالي. وقد كان لحدث هذا العام أهمية خاصة إذ احتفلت المملكة مؤخراً بصعودها للمرتبة 11 في استطلاع سهولة ممارسة الأعمال الذي أجراه البنك الدولي. إذ خلال خمس سنوات فقط تمكنت المملكة من القيام بإصلاح جذري في بيئة العمل لديها مما جعلها ترتفع ب56 مرتبة في ترتيب البنك الدولي. وقد أخذت الشركات البريطانية ذلك الأمر بالحسبان. إذ قام الكثير من كبريات الشركات البريطانية بزيارة الرياض هذا الأسبوع وكلها حرص على تطوير أعمالها في المملكة العربية السعودية. خلال عشاء استضافته هذا الأسبوع على شرف شركة رولز رويس، استمعت إلى رجال أعمال سعوديين وبريطانيين عن فرص العمل التي يتابعونها في المملكة. وقد فاقت استثمارات المملكة المتحدة في المملكة العربية السعودية العشرين بليون جنيه استرليني (بما يعادل 112 بليون ريال سعودي)، إنني لأرى لهذا الاقتصاد مستقبلاً واعداً. انصب تركيز منتدى هذا العام على الابتكارات. ولقد كنت مسروراً لأنه قد طلب من المجلس الثقافي البريطاني تنظيم مسابقة تعرض أفضل القدرات والإبداعات السعودية. وقد شارك ما يزيد عن 500 مواطن سعودي بين سن 16 و25 مقدمين أفضل ما لديهم في مجال الفن والتصوير والأفلام. وسيتمكن أفضل 12 مشتركاً من السفر إلى المملكة المتحدة فيما بعد للاجتماع مع مصممين وفنانين وأصحاب مشروعات بريطانيين. وانها ستكون تجربة رائعة، وإنني آمل ان علاقات الصداقة التي سوف يتم تشكيلها ستقود إلى شراكة تنبع عن الإبداع وتنمية الثروات. إنني اؤمن بشدة في عزيمة الإنسان على الابداع لإحداث التغيير في حياة البشر، كالإبداع العلمي الذي يؤدي إلى ايجاد حلول طبية لأسوأ الأمراض عالمياً، والإبداع التصميمي الذي يطور المنتجات التي نستعملها يومياً، والإبداع الهندسي الذي يعمل مع حدود الطبيعة ويدفعها بما يفوق الخيال، والإبداع الفني الذي يكشف الستار عن طبيعتنا البشرية المشتركة. وإنني لأقول بفخر ان المملكة المتحدة تعد واحدة من الدول الرائدة في الصناعات الإبداعية، سواء تمثل ذلك في شركات تصنيع الأدوية كشركة جلاكسو سميث كلاين، أو شركات التصاميم كشركة ديسون، أو شركات الملاحة الجوية عالية التقنية كشركة الرولز رويس، أو الشركات الفنية كشركات المسارح التي ستعرض كافة مسرحيات الكاتب العظيم شكسبير بلغات مختلفة خلال دورة الألعابب الأولمبية في 2012 بمدينة لندن. ومع تطلع دولتينا إلى المستقبل الذي يلوح في الأفق نجد أن كثيراً من الأسس القديمة التي عهدناها سوف تتغير. فمع الزيادة السكانية التي تشهدها المملكة يجب على الاقتصاد أن يتغير تبعاً لذلك لتوفير الفرص والوظائف للشعب. وكذلك فإنه مع نمو الاقتصاد في الهند والصين على سبيل المثال ودخولهما للسوق العالمية، يتوجب على اقتصاد كاقتصادنا في المملكة المتحدة ان يستخدم التفوق الأكاديمي والابداعي في قيادة ركب الابتكارات. وقد يجد البعض هذه التغيرات مخيفة بعض الشيء، إلا أن الحقيقة التي يدركها كل رجل أعمال، هي أنك إن لبثت في مكانك دائماً، فإنك بالواقع تعيش حالة تراجع سلبي. وإنني أعدكم أنه مع إقدام المملكة العربية السعودية على مستقبلها الواعد سوف تجد في المملكة المتحدة شريكاً داعماً وحازماً، سواء كان ذلك في لعبها دوراً كاملاً في المؤتمرات كالمؤتمر الذي يعقد حالياً في مدينة الرياض والذي تحدث فيه معالي رئيس الوزراء السابق السيد توني بلير، أو من خلال العدد الهائل من الشركات البريطانية التي تزور المملكة كل شهر في بعثات تجارية، أو أخيراً من خلال 12 شاباً سعودياً الذين سوف يجتمعون بالنخبة المبدعة في المملكة المتحدة هذا العام. إنها فعلاً شراكة كتب لها أن تدوم. * السفير البريطاني لدى الرياض